اذا هبط الوحي من اي مكان، واستيقظ الضمير لدى اهل السياسة عندنا، الضمير المعطل كما كل المؤسسات الدستورية في الدولة...
حين كان الرئيس الفرنسي الاسبق فاليري جيسكار ديستان رئيساً للجنة الدستورية في الاتحاد الاوروبي قال: «لقد حوّلنا الضمير السياسي الى مؤسسةًَ». لم يعد ظاهرة شخصية بل نهجاً وفلسفة عمل...
اللبنانيون يتمنون ان يذهب المتحاورون اليوم الى عين التينة لا ليسترخوا في ظل شجرة التين، او في ظل الرئيس نبيه بري، وانما ليمسحوا الغبار عما بقي لديهم من ضمير سياسي في زمن المافيات، والفضائح، وفي زمن النخاسة السياسية والاستراتيجية...
اليوم، وغداً، وبعد غد، اختبار للقوى السياسية ما اذا كانت قادرة على انقاذ لبنان، وانقاذ اللبنانيين، او ترك لبنان، واللبنانيين، تذروهم العواصف والحرائق التي تضرب المنطقة من كل حدب وصوب...
ان اخفق المتحاورون، واظهروا انهم عاجزون (والى الابد)، فاي هوة، واي هاوية، تنتظر لبنان اذا كان «اهل البلد» (هل حقاً ان اللبنانيين ما زالوا اهل البلد؟) امام «فرصة اخرى»، «خدعة اخرى» لتغطية العجز او لتغطية الفشل...
قيل لنا مرات عدة هذه الطبقة السياسية قضاؤكم وقدركم. وزير سابق قال لـ «الديار» المطلوب ثورة ضد... القضاء والقدر».
الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري التقيا، الاثنان حائران لان القوى الاقليمية ايضاً في حالة من الحيرة او التيه، والاثنان مقتنعان بان الاشهر المقبلة قد تأتي بجديد بما في ذلك بعض الانفراج في المنطقة ما دامت واشنطن وموسكو تجاهرن برغبتهما في نقل الشرط الاوسط من «ثقافة الازمات» الى «ثقافة التسويات»، غير ان طريق الجلجلة طويل ومعقد وشاق، ثم ان الوقت ضاغط جداً. الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في 8 تشرين الثاني المقبل، الروس والاميركيون متفاهمون على الخطوط العريضة، كما يستشف من تعليقات محللين على صلة يومية ومباشرة مع الادارة.
المشكلة في التفاصيل، السفيرة الاميركية اليزابت ريتشارد تتجنب الغوص في هذه التفاصيل. امام زوارها تطرح الاسئلة، وتبدو متوجسة (جداً) من وصول دونالد ترامب الى البيت الابيض.
المراسلون الاميركيون الذين يعرّجون على بيروت، وقد تكاثروا حين احتدمت معارك حلب، يفاجئون من يسألهم عن سياسات بلادهم اذا ما انتخب المرشح الجمهوري. الرد قد يكون واحداً، وهو ان هناك من يعتبر ترامب «عميلاً روسياً» او «ممثلا شخصياً لفلاديمير بوتين في البيت الابيض». الكل تقريباً يتوقعون اغتياله لانه سيعرض مصالح استراتيجية كثيرة في العالم للخطر او للاضطراب...
الساحة اللبنانية تعيش تحت وطأة المعلومات، والتحليلات، المتناقضة، بانتظار ان يوضح وزير الداخلية نهاد المشنوق مصادر معلوماته حول القرار الدولي بانجاز الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية العام.
في الكواليس يتردد ان الحريري وضع امام بري المعطيات التي لديه. لا شي ء يشي بان قطار الحلحلة سينطلق في وقت قريب، ومصادر في عين التينة تؤكد ان الكلام الاخير للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله لا يعني «تفجير» الاستحقاق الرئاسي، كما صرح عدد من نواب تيار المستقبل، لان الازمة الرئاسية «تتمترس» في اساس الصراع، وليست مرتبطة بالمواقف التي تعلن في سياق هذا الصراع.
لا معطيات حسية، بل الكل يستندون الى التحليلات، والكل من زاويته الخاصة او من خندقه الخاص، الرئيس فؤاد السنيورة ما زال عند قناعته التي لها خلفياتها بطبيعة الحال، من ان بري يريد ان يحمل «الاوركسترا» بكل اعضائها الى «مكان آخر».
هذا بالرغم من ان المقربين جداً من عين التينة يقولون بل يؤكدون ان بري يؤكد انه ليس هو ولا السيد نصرالله يريدان المس باتفاق الطائف «ولو كانا يبغيان خلاف ذلك فما الذي يمنعهما من المجاهرة برأيهما؟».
لكن رئيس كتلة المستقبل يضع على طاولته نص خطاب سابق للامين العام لـ«حزب الله» وفيه يدعو الى عقد مؤتمر تأسيسي ينطلق من الحقائق السياسية والعسكرية، فضلاً عن الحقائق الديموغرافية، على الارض. اما وقد تراجع عن ذلك في خطاب لاحق فلانه تلقى نصيحة من بري على ان يتم التعاطي تكتيكياً مع هذه المسألة»، بحسب مصادر السنيورة.
ـ النازحون بند اول ـ
لا احد يستطيع ان يقنع السنيورة بغير ذلك، وهو الذي يتولى ادارة جناح الصقور في تيار المستقبل.
وما تكشف عنه «الديار» ان مراجع مشاركة في الحوار تلقت نصائح من سفارات دول اوروبية في بيروت بان تضع ملف النازحين السوريين كبند اول في جدول اعمال الحوار لان هذا الملف تحول الى «ورقة خطيرة في يد قادة الصراع في الشرق الاوسط».
ولم يعد سراً انه عندما طرح موضوع نقل النازحين السوريين في بلدة عرسال ومحيطها الى منطقة القلمون السورية، كان هناك رفض كامل من القيمين على هؤلاء النازحين الذين اصروا على البقاء في لبنان لحين زوال نظام الرئيس بشار الاسد...
المتحاورون اليوم امام امواج متلاطمة، بري لم يعد متمسكاً باجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، قال بـ«المحاكاة مع الدوحة»، وعلى الفور كان هناك من يلفت الى ان مؤتمر الدوحة لم ينعقد الا بعد جراحة عسكرية بالغة الدقة في 7 ايار 2008، اي ان المحاكات تحتاج ايضا الى ارض ساخنة.
ـ الصواعق تكفي ـ
اما رأي مصادر بري، تكفي السخونة السياسية، وتكفي السخونة الاقتصادية، بل وتكفي الصواعق التي تضرب المنطقة لتجعل اللبنانيين يشعرون او يستشعرون انهم في دائرة الخطر، وان الخيار الوحيد امامهم لكي لا تنتقل الحرائق الى مقر دارهم هو «المناعة الداخلية» التي تتمثل بالانتظام السياسي كما بالانتظام الدستوري».
هل تقرع الاجراس لاهل الحوار مساء الخميس اي بعد انتهاء الثلاثية ام تقرع الطبول ايذاناً بأن الازمة، بكل اثقالها، في اتجاه التصاعد والتصعيد؟
النائب وليد جنبلاط زار الحريري الذي يتردد انه ينتظر شيئاً في المنطقة عشية الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة ويمكن ان تكون له تداعياته على الساحة اللبنانية.
وبحسب مصادر سياسية فان جنبلاط لا يشاطره هذا الرهان ويعتبر انه كلما تسارعت الخطى باتجاه تبني ترشيح عون كلما كان ذلك افضل لرئيس تيار المستقبل كما للبلد.
الدكتور سمير جعجع قال ان «الدنيا خربانة والاسوأ، والاخطر، من الخراب الا افق للحل، ولا ندري ما الذي ينتظرنا في طاولة الحوار».
واشار الى ان الحريري «سألني في لقائنا الاخير هل تضمن عون اذا انتخب رئيساً، فكان جوابي ان النظام والدستور هما الضمانة لا سيما ان صلاحيات رئيس الجمهورية معروفة ومحددة».
اضاف «اتفهم موقف الحريري، وهو يدرك ان فتح ثغرة في جدار الازمة الرئاسية ليس مطلوباً منه بحضوره كل جلسات انتخاب الرئيس بل من «حزب الله» حليف الجنرال الذي عليه ان يقوم بمعركة هذا الاخير».
ووصف جعجع بري بأنه «ذكي وحكيم ولا يقدم على خطوات عشوائية، واعتراضه على عون يعكس الموقف الحقيقي لـحزب الله» معتبراً ان بري يلعب في هذه الايام دور الـBaby sitter.
ولاحظ النائب علي فياض «ان هناك مؤشرات ايجابية في ملف الرئاسة، وتأمل اكتمال الصورة في المرحلة المقبلة».
ولفت نائب رئيس المجلس فريد مكاري الى «ان المعلومات التي تتحدث عن انتخاب عون في جلسة 8 آب ليست جدية حتى الساعة».
ورأى «ان «حزب الله» ليس مستعداً لبيع ورقة الرئاسة بسعر لبناني فقط الا اذا تم الاتفاق على اسم رئيس الجمهورية او الحكومة ضد جلسات الحوار، وسيكون ذلك خروجاً على الاصول الدستورية، مستبعداً امكانية التوصل الى سلة متكاملة.
ورأى حزب الكتائب «ان المطلوب من الحوار ابقاء لبنان بمنأى عن الانهيار السياسي والاقتصادي والامني، وعودة الانتظام الى المؤسسات الدستورية والديموقراطية.
ـ ضرب «حزب الله» ـ
الى حد بعيد تبدو الاجواء عائمة عشية الحوار، في حين ترد الى بيروت معلومات تفيد بان جهات اقليمية تنشط من اجل ضرب «حزب الله» في سوريا قبل تنظيم «داعش» او بالتزامن معه.
تضيف المعلومات ان هناك اتصالات، ومشاورات، للضغط على واشنطن من اجل رفع مستوى المواجهة مع الحزب الى حدود الضربة العسكرية، او على اساس انه سيزداد قوة اذا ما تم القضاء على «داعش» في سوريا.
ولوحظ ان البروفسور دانييل سروير، والاستاذ في جامعة جون هوبكنز والباحث في معهد الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية رأى في مقال نشرته «الواشنطن بوست» امس، ان «قصف ومواقع واهداف» «حزب الله» يمثل اولوية الامن القومي الاميركي».
وسروير شديد التأثير والتأثر باللوبي اليهودي في الولايات المتحدة «ايباك» وهو على علاقة وطيدة مع مسؤولين عرب رفيعي المستوى، ولطالما اعتبرت مقالاته بالمؤشر على احداث او احتمالات محددة.
واعتبر ان عمليات القصف «ستكون امراً صائباً يعود بفوائد كبيرة على واشنطن، وسيجدد التزامها محاربة الارهاب، كما يؤكد اعتزامها محاسبة الحزب، ويعجل، في نهاية المطاف بنهاية الحرب الاهلية في سوريا، كما يجعل التوصل الى اتفاق سياسي امراً ممكنا».
واشار سروير ان باستطاعة الولايات المتحدة ابلاغ موسكو وطهران بأن «حزب الله» يجب ان ينسحب من سوريا قبل موعد محدد، والا استهداف قواته لدى مهاجمتها قوات المعارضة السورية المدعومة من اميركا».
اما اذا لم ينسحب الحزب فـ«على اميركا ان تستعد لمهاجمة «حزب الله» فور انتهاء مدة الانذار».
كلام من هذا القبيل يتردد داخل قوى لبنانية معينة، في حين يبلغ مستشار للحريري قطباً سياسيا «الجنرال في القصر بشروطنا»!!
الديار : من يُحرّض واشنطن على ضرب «حزب الله» قبل «داعش» ؟
الديار : من يُحرّض واشنطن على ضرب «حزب الله» قبل «داعش»...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
199
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro