على الطابع القاتم الذي اكتسبه عيد الجيش أمس في ظل تكرار حرمانه للسنة الثالثة احياء الاحتفال التقليدي بتخريج دورة الضباط الجدد وتقليدهم السيوف بيد رئيس الجمهورية، ربما شكلت هذه المناسبة بتوقيتها حافزاً اضافياً للضغط على مجمل القوى السياسية التي ستتجه اليوم الى "تجربة المجرب " في جولة الحوار الجديدة. لكن هذه المصادفة لم تظهر أي تبديل محتمل في المعطيات المتشائمة التي سادت عشية انطلاق ثلاثية الحوار في عين التينة اليوم ولثلاثة ايام متعاقبة في ظل غموض واسع حيال أي امكان لاختراق الانسداد الذي يحوط هذه الجولة في البنود المطروحة على المتحاورين والمعروفة ب"السلة " التي تتناول ملفات ازمة الفراغ في رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب والحكومة الجديدة.
واذا كانت الحركة السياسية شهدت عشية بدء الجولة الحوارية الجديدة حيوية لافتة وخصوصاً على محور بيت الوسط بما عكس تركيزاً على آفاق الازمة الرئاسية، فان مواقف غالبية الافرقاء السياسيين لا توحي بمعطيات مشجعة على خروج الحوار من عنق الزجاجة سواء في الملف الرئاسي أم في ملف قانون الانتخاب. وعكست مصادر سياسية بارزة معنية بالحوار هذا المناخ بقولها لـ"النهار" إن ثلاثية الحوار ستكون أمام اختبار صعب جداً لسد "السلة المثقوبة" التي تثقل عليها تراكمات اضافية منذ انعقاد الجولات السابقة وخصوصاً مع بلوغ جلسات اللجان النيابية المشتركة طريقاً مسدوداً في محاولاتها ارساء ارضية الحد الادنى من التوافق على صيغة القانون المختلط بين الاكثري والنسبي، كما مع التطورات التي تناولت مواقف الافرقاء من معادلة ترشيحي كل من العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية والتي اثبتت استمرار الدوران في دوامة لا أفق للخروج منها قريباً. ولم يفت المصادر الاشارة الى ان تصعيد المناخ السياسي في الايام الاخيرة عقب الخطاب الذي القاه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورد الرئيس سعد الحريري عليه، رسم مزيداً من الشكوك في نتائج الحوار، علماً ان الزيارة التي بدأها امس لبيروت رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بوروجردي اتخذت دلالات معبرة على توقيت اللحظة المتصلة بـ"الحضور الايراني" في المعادلة اللبنانية الامر الذي يزيد المناخ المشدود تفاقماً، خصوصاً ان المسؤول الايراني رسم عنوان زيارته بوصفه لبنان بأنه "قلعة المقاومة والممانعة". وأضافت انه في هذه المناخات ثمة خشية من ان الا تبلغ الجولات الحوارية حدود انقاذ الحوار نفسه والحؤول دون تعطله أيضاً.
وشهد "بيت الوسط" مساء أمس حركة كثيفة بدأت باجتماع طويل لكتلة "المستقبل" برئاسة الرئيس الحريري ومن ثم عقد لقاء بين الحريري ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط في حضور الوزير وائل أبو فاعور والنائب السابق غطاس خوري.
وعلمت "النهار" ان اللقاء الطويل الذي رأسه الرئيس الحريري لكتلة "المستقبل" شهد بحثاً معمّقاً في مختلف القضايا المطروحة ومنها إجتماع الحوار النيابي الذي تنطلق أعماله اليوم في عين التينة.وكان لافتا أنه تقرر ألا يصدر بيان بعد اللقاء.
كما علمت "النهار" ان الرئيس نبيه بري كثّف أمس إتصالاته تعويماً للحوار النيابي كي لا ينقطع من اليوم الاول وشهدت ليلة أمس إتصالات مع المعاون السياسي للامين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل من أجل توضيح مواقف الحزب بعد التصعيد الذي لجأ اليه الامين العام في إطلالته الاخيرة الجمعة الماضي. وفي الوقت نفسه تبلّغ الرئيس بري من عدد من اطراف الحوار انهم لا يقبلون بإزدواجية المواقف من حيث التهدئة الى طاولة الحوار والتصعيد على المنابر ولا بد من توضيح الامور.
وفي سياق متصل,علمت "النهار" انه ليست لدى كبار المسؤولين معطيات تؤشر لحلحلة على صعيد إجراء الانتخابات الرئاسية في المدى المنظور بسبب التوتر السائد في المنطقة وبين الاطراف المعنيين بهذا الاستحقاق.
ومن المقرر ان يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية عصر الخميس المقبل بعد إنتهاء اعمال الحوار النيابي وعلى جدول الاعمال 56 بنداً في مقدمها بند الاتصالات المرجأ من الجلسة السابقة.

 

جعجع
في لقاء صحافي عقده أمس رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع صرح بانه ليست لديه"ذرة شك في ان إيران و"حزب الله" لا يريدان إجراء إنتخابات رئاسية وأزيد من عندي أنهما لا يريدان العماد عون". لكنه دعا الى "إحداث خرق في موضوع رئاسة الجمهورية ولو كانت المحاولة غير مضمونة". ووصف خيار إنتخاب مرشح غير العماد عون بأنه "إقتراح غير جدي". ووصف العماد عون بإنه "براغماتي وهو مرشح نفسه وليس مرشح غيره". ورداً على سؤال قال: "ان الحريري في لقائه الاخير معه سأله هل تضمن عون ؟" ودعا الى إستعادة عون من "حزب الله". رأى "ان السعودية الان في مكان آخر وخارج موضوع الرئاسة لإنشغالها بحرب اليمن". وركز على أهمية "الاستعجال" في إنتخاب عون. ولمح الى إمكان لبننة الاستحقاق الرئاسي و"الوضع معقد ولذا فإنه يتطلب حلاً معقّداً".

 

سليمان
وفي المواقف البارزة التي اطلقت في عيد الجيش، الرئيس ميشال سليمان مساء في حديث الى برنامج "وجها لوجه " من "تلفزيون لبنان " بأن الجيش أثبت حرصه وقوته في الحفاظ على لبنان كما ثبت التفاف اللبنانيين حوله وشدد على وجوب الا يبقى أي سلاح خارج الشرعية "وهو الامر الذي اثرناه في الاستراتيجية الدفاعية اذ لا قيام للدولة الحقيقية الا بتوحيد البندقية تحت لواء الشرعية وبالاستراتيجية الدفاعية ". وقال انه اذا لم تبدأ هيئة الحوار من عودة الاعتراف باعلان بعبدا فهي لن تتمكن من التوصل الى نتائج، معرباً عن اعتقاده ان "حزب الله " لا يطمح الى دولة مستقلة وهو حزب لبناني ويريد الدولة. وأكد سليمان انه "ليس مع منطق الامر لي بل هو مع الامن لي ولذا طالبت باستدعاء الاحتياط والسلاح يجب ان يكون فقط في يد الجيش ". وشدد على ان لا قيام للدولة الا باعلان بعبدا الذي اخطأت الخارجية اللبنانية في شطبه العام الماضي من القمة العربية. واوضح ان اعلان بعبدا هو ترجمة لسياسة تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية وهو مطلب تاريخي لبناني وتحديداً مسيحي. وفي الملف الرئاسي طالب "حزب الله " بالنزول الى مجلس النواب وانتخاب من يريده رئيسا للجهورية، متخوفاً من توظيف ملف الرئاسة ورقة مقايضة اقليمية وان يأتي الحل السياسي في سوريا على حساب لبنان في حال استمرار الفراغ الرئاسي. كما شدد على انه لا يجوز اصدار قانون جديد للانتخاب قبل انتخاب رئيس للجمهورية، لكنه استبعد الاتجاه الى مؤتمر تأسيسي معربا عن ثقته بكلام الرئيس نبيه بري في هذا الموضوع.

قهوجي
الى ذلك، بادر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس الى دعوة قائد الجيش العماد جان قهوجي لحضور قداس رأسه الراعي في بكركي في مناسبة عيد الجيش. وكان قهوجي أثار في "امر اليوم " الذي وجهه امس موضوع مواجهة الارهاب، قائلاً إن المواجهة "تتطلب استراتيجية شاملة تاخذ في الاعتبار تنسيق الجهود الامنية الدولية ونشر الوعي الثقافي بين سائر الشعوب"