في بلدة غنية بالاراضي الزراعية وبالخيرات والمحاصيل حيث تكثر العمالة الاجنبية والغريبة ليس غريبا ان تنشأ قصة حب بين من يتشاركون تعب النهار و يتقاسمون الخبز والملح، لبتدأ بموعد ولقاء ثم نظرة ثم ابتسامة وتنتهي بزواج.
هذه ليست حكاية من احدى حكايا قصص الاطفال وانما ما حصل في بلدة مجدل العاقورة. حيث هربت فتاة سورية تدعى عايدة تعمل في بساتين زراعية يملكها مختار البلدة زهير طربيه مع عامل يدعى ب. زعيتر من افقا وتزوجا. عند هذا الحد كانت هذه القصة لا تزال اكثر من طبيعية لكن ما عقّد الامور هي معرفة اخوتها الاربعة بالقصة لاسيما ان شقيقتهم لم تبلغ سن الرشد بعد، محملين المختار مسؤولية الزواج بما ان الاخيرة تعمل لديه.
نشطت المساعي المحلية والعائلية بين الطرفين، فالسوريون متحدّرون من عشيرة كما هو حال آل زعيتر. الا ان عائلة الفتاة لم تفلح باقناعها بالعودة بعد تحذيرات تلقتها من امكانية تنفيذ جريمة شرف بحقها. هنا اصرت العائلة مجددا على تحميل المختار المسؤولية بعدما وصلها عبر واتساب اتصال هاتفي بينه وبين عايدة قالت خلاله : "حكيت مع اخواتي وقالولي ما في شي وتعي ما رح يصير شي ويلي بدك ياه... بس كلامن ملغوم في شي" فأجابها المختار: "برافو عليكي منيح عرفتي انو كلامن ملغوم.... انتبهوا عحالكن وهيديك الامور بتنحل". هذا الكلام اعتبره الاخوة بمثابة تحريض على الهروب وعلى اثره وصلت للمختار رسائل نصية بلهجة سورية تهدده بقطع رؤوس عائلته لحرق قلبه بأساليب متأثرة بداعش.
التحقيقات التي اجرتها قوى الامن الداخلي في مخفر العاقورة بعدما ادعى المختار على اشقاء الفتاة بالتهديد بالقتل افضت الى اخلاء سبيل شقيقيها، بعدما تبين للمحققين ان رسائل التهديد مصدرها شقيق آخر للفتاة وخالها في سوريا. في المقابل يشجب احد اشقاء القاصر الموجود في لبنان في حديث مع ليبانون ديابت اسلوب التهديد الذي اعتمد في الرسائل النصية مؤكدا ان الموضوع لا علاقة له لا بداعش ولا بغيره بل انها قضية شخصية بامتياز. شقيق الفتاة البكر، لم يتقبل واقع الزواج بعد، فبالنسبة اليه عايدة قاصر وقد غرّر بها وهو بالتالي يطالب عبر بعض القنوات بلقائها في منزل وسيط اذ يبدو واثقا بقدرته على اقناعها.
على الرغم من مرور حوالى الاسبوعين على القضية وتأكيد الفتاة انها تزوجت "الزعيتري" بملء ارادتها، لم تخمد النزعة العشائرية النيران المشتعلة في قلب العائلة السورية التي تصر على التوسط لدى الاحزاب الفاعلة في بلدة افقا لاعادتها. اذ علم ليبانون ديبايت ان ثمىة مساع تبذل من قبل جهات محلية على صلة بهذه الاحزاب علّها تتوصل الى ارساء مصالحة بين الطرفين، بعدما تعرقلت في فترة سابقة بسبب اشتراط شقيق الفتاة "نايف" ان يبادل عايدة بشقيقة ابن زعيتر، ما دفع بالوسطاء وقتها الى الانسحاب من اللعبة.
في المقابل علم ليبانون ديبايت ان المختار طربيه غير راض عن مسار التحقيقات بعدما ختم التحقيق في مخفر العاقورة من دون علمه كما قال، مؤكدا لليبانون ديبايت انه سيطالب بالتوسع في التحقيق مجددا اعتبارا من الاسبوع المقبل لقناعته بأن المعطيات التي وصلت الى النيابة العامة وعلى اساسها اتخذ القرار باخلاء السبيل، كانت منقوصة وغير دقيقة.
ولكن ان كان القانون قادر على حماية مختار يتمتع بحيثية عائلية وعلاقات واسعة، من سيحمي تلك الفتاة؟ ومن سيقف في وجه جريمة شرف يعتبرها سوريو المحيط الذين وصلتهم القصة، اعدل الحلول، وهي جريمة تحملها العشائر معها عادة عشرات السنوات؟ وهل يدرك السوريون انهم يواجهون عائلة مشهود لها بتشبثها بالعادات العشائرية قولا وفعلا؟
ليبانون ديبايت