«أفيقوا لتبقوا». بهاتين الكلمتين، يمكن تلخيص حديث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي توجّه به إلى النظام السعودي أمس. فبرأي الأمين العام لحزب الله، إن آل سعود أمام فرصة للتفاوض ليكونوا شركاء في صياغة أوضاع المنطقة، أما إذا «أصروا على عنجهيتهم فإن مشروعهم سيسقط، هذا في حال بقي هناك ما يُسمّى بنظام آل سعود».
كلام نصرالله أتى في حفل تأبين القائد الجهادي الحاج إسماعيل زهري (أبو خليل)، وخصّص الجزء الأكبر منه للحديث عن تطوّر خطير تمثّل بانتقال بعض الدول العربية، على رأسها السعودية، في علاقاتها مع إسرائيل من السر إلى العلانية.
استهلّ السيد كلمته أمس بنبذة عن زهري ودوره وجهاده، مشيراً إلى أن أبو خليل «عنوان لجيل من الإخوة المقاومين الذين التحقوا بالحزب منذ عام 1982. وهو من القيادات الميدانية الأساسية في حرب تموز، والذين كان لهم شرف صنع الانتصار عام 2006، إلى أن تولّى مسؤولية إحدى الوحدات الصاروخية لحين وفاته، وهذه الوحدة تؤمن مستوى عالياً من الجهوزية والردع والمساهمة في حماية لبنان وحماية الجنوب». وتحدّث السيد عن مزايا القائد، قائلاً إنه كان «إنساناً طيباً نقياً متواضعاً، معتنياً بأيتام الشهداء، جاداً في عمله، ولم يهمل وظيفته الجهادية، وصاحب علم ومعرفة حتى في مرضه الشديد، كان القائد المسؤول حتى آخر ساعات دخوله في الغيبوبة». وانتقل في ما بعد ليتحّدث عن الوضع العربي في المنطقة، معتبراً أن «إسرائيل لم تعد عدوّاً للوضع العربي الرسمي، وفلسطين أصبحت قضية رفع عتب، وهذا ما عبّرت عنه القمم العربية».
وأشار إلى أن أسوأ ما نحن فيه هو «التطوّر في الموقف السعودي الذي بدأ ينتقل من العلاقة خلف الستار أو التواصل مع الإسرائيليين في السر إلى العلن. وبطبيعة الحال، عندما يقوم الأمير تركي الفيصل بلقاءات علنية مع الإسرائيليين، ويزور مسؤول سابق في المخابرات السعودية الكيان، فذلك لا يحصل بمعزل عن موافقة الحكومة السعودية»، واعتبر أن هذا الأمر «جس نبض». وأشار نصرالله إلى أن المملكة التي «شاركت في تشتيت الوضع العربي تستغلّ الفرصة المواتية لتنقل تنسيقها مع العدو إلى العلن»، قائلاً إن «ما يحصل هو لمصلحة إسرائيل، وبلا مكاسب للعرب أو الفلسطينيين، لا أمنياً ولا سياسياً». وتوقّع أن يقدّم عدد من المشايخ «فتاوى على ضوء رغبات الحكام، وهذه الفتاوى ستلقى مكاناً في العالمين العربي والإسلامي، لذلك نحن أمام كارثة فقهية، وهذا أخطر ما ستقوم به السعودية، وبعدها أي دولة عربية ستقول، السعودية تتصل وتنسّق وتطبّع وهي دولة الإسلام والحرم، فلماذا ستحملوننا ما لا يطاق». وأكد أن «إثارة هذا الموضوع يهدف إلى اتخاذ موقف جدّي، لأن هذا السلوك سواء صدر من سعودي أو مصري أو أردني أو باكستاني يجب أن يكون موضع إدانة ورفض لأنه يخدم العدو». وجزم بـ«أننا لسنا قلقين على القناعة والوعي لا لدى الفلسطيني ولا اللبناني ولا السوري، والشعوب التي واجهت، ولكن من حقنا أن نقلق على ثقافة الأمة. لكن للأسف السعودية مصرة على مواصلة الحروب في كل الساحات ورفض كل الأيدي الممدودة، يد تمتد للحوار من اليمن يقال لها عليكِ أن تستسلمي وفي البحرين يقال لها ألغي نفسك، أما في سوريا فيتم وضع شروط، وتواصل الحرب على إيران. هي تفتح باب الحوار فقط مع الإسرائيلي. (...) ثقافة السعودية والوهابية وداعش والقاعدة والنصرة ولو غيرت اسمها هي ثقافة القتل والذبح دون إعطاء فرصة للمصالحة». وسخر نصرالله من وزير الخارجية السعودية عادل الجبير الذي «نصّب نفسه ولياً وحاكماً على الشعب السوري، وراح يقدّم العروض لروسيا حول سوريا وهي عروض مثيرة للضحك»، واصفاً إياه «بالمعتوه والمجنون»، وأنه «لا يمكن له أن ينتصر في هذه الحرب ويفرض شروطه، فهو ليس في موقع من يوزّع الحصص ويفرض الشروط والتسويات ويربح في الميادين». وتطرّق إلى ما حصل في حلب، معتبراً أنه «على درجة عالية من الأهمية ويرتبط بالمعادلات الإقليمية، فالذي سقط في حلب هو أحلام إمبراطورية، فهل يظن الجبير أنهم قادرون على الضحك على الرأي العام العالمي؟». وأضاف أن «الذي يذبح كاهناً في الكنيسة صحيح أنه داعش ولكن يحمل ثقافتكم، وكذلك من يعتدي على المدنيين في نيس ويقتل في الكرادة، ويذبح الطفل الفلسطيني في حلب، هذه الثقافة وهابية، ومشروعكم بلا مستقبل». واعتبر أن «السعودية وحكامها أمام فرصة للتدارك، فاليمن جاهز للتفاوض والبحريني والسوري والإيراني والعراقي، فلا تتكبروا ولا يعميكم الحقد، بل كونوا شركاء في معالجة أوضاع المنطقة. أما إذا أصررتم على استمرار الحروب، فستهزمون، مشروع آل سعود سيهزم وسيلحق به العار، وكل المعطيات من كل الميادين تقول إن المنطقة تسير بهذا الاتجاه».
محلياً، طالب السيد نصرالله الحكومة اللبنانية بأن «تُبادر وأن تتخذ موقفاً مما يجري في بلدة الغجر، حيث يعمل الإسرائيلي لتثبيت ملكيته على الجزء اللبناني منها، ولا أحد يتحرك». ومن جهة أخرى، اعتبر أن ما حدث على هامش القمة العربية ليس مقبولاً، وأن «بعض المواقف اللبنانية كانت مسيئة تجاه موريتانيا، ونحن نكنّ لها كل المودة والاحترام ولا ننسى مواقفهم تجاه المقاومة، وعلى من أساء إليها أن يبادر ويعتذر». وتطرّق إلى مجموعة من الملفات الضاغطة التي «لا يجب التهرب منها بحجة أن المفتاح هو انتخاب رئيس، ومنها تلوّث مياه الليطاني وبحيرة القرعون، هذا الموضوع وطني يعني الجميع، لأن التلوث يطاول الآلاف في صحتهم وحياتهم وزراعتهم، وقد يؤدي إلى الموت. أما الملف الآخر الضاغط فهو ملف الماء، وموضوع الكهرباء، وملف الإنترنت غير الشرعي». وتحدث عن بعض الجهات التي تفكر كيف ستزيد الضريبة والرسوم، مؤكداً أننا «لا يمكن أن نوافق بزيادة الضريبة مهما كانت المبررات، ولو بقرش واحد». واعتبر أن «هناك هدراً في ملف الإنترنت ولا تجوز الزيادة على الضريبة قبل فتح ملفات الفساد واستعادة المال العام لأنّ هذا ظلم».