ما الصلة بين «الرسائل الرئاسية» وطاولة الحوار التي تنعقد الثلاثاء وتستمر الأربعاء والخميس؟
وبصورة استطرادية: هل الوضع الإقليمي الذي ينتقل من تشنج إلى تشنج، على خلفية الإصرار الإيراني على التدخل في الشؤون العربية على نحو ضعضع القوة العربية وبات يُهدّد الأمن القومي العربي، سيترك انعكاسات سلبية على طاولة الحوار، أم أن الاستقرار اللبناني ما زال مطلوباً إقليمياً ودولياً، ولو لم يحدث أي خرق على جبهة الاستحقاق الرئاسي، وسائر ملفات السلة السياسية العالقة؟
المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» توحي بأن مرحلة «الستاتيكو» مستمرة، وأن لا خرق متوقعاً لا من طاولة الحوار ولا من غيرها، أقلّه خلال شهر آب، وربما في الأشهر التالية.
وتعزو المصادر معلوماتها إلى أن المطابخ الدولية ما تزال منشغلة بترتيبات الوضع السوري، وأن الاتصالات التي أجرتها فرنسا، لا سيما مع الجانب الإيراني، لم تكن مشجعة، إذ أن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت سمع كلاماً لم يرق له من نظيره الإيراني محمّد جواد ظريف، بأن بلاده لا تتدخل بالاستحقاق الرئاسي اللبناني.
وعلى جبهة هذا الاستحقاق، حفلت الساحة السياسية أمس، بسلسلة من التطورات أبرزها، ما أعلنه المرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجية من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، من أن الرئيس سعد الحريري ليس هو من يؤخّر إنتخابات الرئاسة أو يعطّلها، وأنه (أي فرنجية) ما يزال مرشحاً ما دام أن هناك نائباً واحداً من خارج كتلته يدعمه، وأن الرئيس الحريري «ليس من الذين يغيّرون رأيهم من دون استشارة من تفاهم معهم» (في إشارة إليه).
وإذ أكد أن لا السيّد حسن نصر الله، ولا الرئيس بشار الأسد يمكن أن يطلبا منه أن ينسحب من المعركة، لكنه استدرك قائلاً: «إذا حصل توافق وإجماع وطني على أي مرشّح، عون أو غيره، فنحن لن نقف في وجه هذا التوافق»، معتبراً أن الحل هو في الديموقراطية من خلال التصويت في المجلس النيابي.
ومن هذه التطورات تجنّب السيّد نصر الله في مهرجان تأبيني، أمس، التطرّق إلى الاستحقاق الرئاسي، في حين غرق في بعض التفاصيل الداخلية كتلوّث الليطاني وملفات الفساد والإنترنت غير الشرعي ورفض زيادة أي ضريبة جديدة في معرض تعزيز مالية الدولة، الأمر الذي ترك تساؤلات عن خلفية هذا الموقف، وسط خشية من أن يُحدث كلامه عن تحميل الحكومة المسؤولية عن عدد من الملفات، أزمة لجهة أن وزراء الحزب وحلفائه يمارسون داخل مجلس الوزراء أجندات خاصة بهم تعيق التوصّل إلى أي قرار حتى في أبسط المسائل، ومنها تجديد عقود الهاتف الخليوي.
على أن الأخطر في كلام نصر الله هو تخصيص القسم الأكبر من كلمته في شن حملة منظمة على المملكة العربية السعودية مبنية على فرضيات تطبيع العلاقة مع إسرائيل، أو الصلح معها، متبنياً وجهة النظر الإيرانية من أن «المملكة لا تستجيب للحوار مع إيران»، مخاطباً قيادة المملكة بأن لا مستقبل لها؟
وهذه الحملة التي شكّلت نهجاً في خطابات السيّد نصر الله منذ حرب اليمن، استدعت رداً مباشراً من رئيس تيّار «المستقبل» سعد الحريري متهماً نصر الله بقلب الحقائق، والتحامل على المملكة.
وقال الرئيس الحريري: «من تتلطخ يداه بدماء العرب في سوريا والعراق واليمن والبحرين والكويت ولبنان لا يحق أن يعتلي منابر الإساءة للسعودية وقيادتها وشعبها، ومن يسمح لحزبه ومسلحيه أن يكونوا أداة إيرانية لصناعة الفتن في المجتمعات العربية لن يحصل على براءة ذمة مهما أبدع في التزوير السياسي».
برّي والحوار
وفي ظل هذه الضغوطات، استبق الرئيس نبيه برّي جلسات الحوار بعقد اجتماع مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لبحث الوضع المالي ومراجعة ما تمّ على صعيد قانون العقوبات الأميركي في ما خصّ الأصول المالية لحزب الله في المصارف اللبنانية.
ونقل زاور عين التينة عن الرئيس برّي استغرابه في رمي العصي أمام طاولة الحوار، متسائلاً عن البديل، ومعرباً عن قلقه من تداعيات الوضع، مؤكداً أن هدفه كان ولا يزال من عقد جلسات الحوار للحؤول دون انهيار أكبر في الوضع، وهو يُشدّد على أهمية الحضور، وعدم عرقلة جدول الأعمال، والسعي للخروج بنتائج تريح الأوضاع المضطربة في البلاد.
ووفقاً لمصادر عين التينة، فإن الرئيس بري يراهن على دعم الرئيسين تمام سلام وسعد الحريري والنائب وليد جنبلاط الذي أبلغ بعض من التقاهم أن لا بديل عن الحوار، وأن على كل الكتل المشاركة أن تدرك ذلك، في حين تعتقد مصادر سياسية أن حلفاء الرئيس برّي هم الذين يحاصرون طاولة الحوار بمواقفهم المعروفة من تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية.
وأكدت مصادر سياسية أن لا ضمانات بعد بحصول انتخابات رئاسية قريبة، كما يشاع، حيث أن العماد عون ما يزال يشعر أن لا أكثرية كافية لانتخابه، وإن كانت لديه ثقة بأن الرئيس الحريري في النهاية سيؤيّده، وأن المملكة العربية السعودية ليست ضده، وأنه ينتظر ما سيحصل على طاولة الحوار، لأن نتائج الأيام الثلاثة، في تقدير عون، ستبلور حتماً إلى ما سيؤول إليه الاستحقاق الرئاسي.
انتخابات التيار العوني
في مجال آخر، ما تزال أجواء الارتباك الذي تسود «التيار الوطني الحر» قبل 24 ساعة من الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشحي التيار للانتخابات النيابية 2017، تشغل الأوساط السياسية، في ضوء المعلومات التي كشفتها «اللواء» عن محاولة لابعاد عدد من النواب، على خلفيات الانتخابات البلدية، أو الإخفاق في التواصل مع الأوساط الشعبية أو العجز عن توفير الخدمات، فضلاً عن الفشل في مهمات تسويق النائب عون في محافل دبلوماسية خارجية.
وما ساهم في أجواء الارتباك إصدار المجلس التحكيمي في التيار قراراً بفصل الناشطين الثلاثة: زياد عبس وانطوان نصر الله ونعيم عون، بالإضافة إلى ناشط رابع هو جورج كجاجيان، في حين لم يتبلغ النائب في كتلة الإصلاح والتغيير نبيل نقولا أي قرار بفصله، ونقل عنه انه «اذا اتخذ القرار فهو سيرتاح بعد 28 سنة، لكنه سيبقى إلى جانب النائب عون».
وعندما حاولت «اللواء» استيضاحه عن حقيقة ما حصل ردّ أحد مرافقيه معتذراً عن عدم تمكنه من الرد على الاتصال، مؤكداً انه سيُشارك في مهرجان التيار الوطني الحر.
ومن جهته، كشف المحامي انطوان نصر الله، أحد المفصولين الثلاثة ان المحكمة سقطت، متسائلاً كيف سيتم التحضير لاحتفال 7 آب من دون الرفاق الذين لهم تاريخ طويل.
وفي المقابل، اعتبرت مصادر في التيار الحر ان الكلام عن استبعاد نواب في انتخابات الأحد يقع في إطار التضليل الإعلامي، واصفة هذه الانتخابات بأنها «معركة تسودها عملية تنافسية»، وأن هناك ناشطين قد يحصلون على أصوات أكثر من النواب المرشحين.
وفي تقدير مصادر مطلعة ان فوز هؤلاء الناشطين من شأنه ان يبعد أسماء معينة من الترشيح للانتخابات النيابية، وسيتغطى التيار بهؤلاء من أجل ابعادهم بعملية ديمقراطية تتخذ من العمل على الأرض شعاراً لها.
ولفتت المصادر العونية إلى ان هناك تصنيفاً سيصدر في أعقاب «معركة الأحد» على مستوى تأييد القواعد الحزبية على ان تعقبها مرحلة ثانية بعد شهر حول الإحصاءات على صعيد القضاء ما قد يساهم في الولوج إلى نتيجة من حاز على أعلى نسب من التصويت.