في العادة، يُتّهم شهر آب بأنّه شهرٌ «لهّاب» حرارياً، فهل سيَلفح المناخ الدافئ الزمنَ اللبناني المعقّد سياسياً ورئاسياً وحكومياً ومالياً واقتصادياً وعلى مستوى القانون الانتخابي، فيصبح شهر آب «لهّاباً»حوارياً ؟
ما يقود إلى هذا السؤال، هو الأجواء السائدة عشيّة انعقاد الجولات الحوارية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي مطلع الشهر المقبل، لعلّها تؤسّس لحلول ومخارج لهذه الأزمة.

برّي الذي عاد إلى بيروت في الساعات الماضية، يُحضّر أوراقه على باب «ثلاثية حوار آب»، التي يُنتظر أن تحتلّ حيّزاً مِن الكلمة المتلفزة التي سيلقيها الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله» عصر اليوم في حفل تأبين الحاج اسماعيل زهري «أبو خليل».

وفي السياق، نُقل عن بري أنّه ما زال يأمل في أن ينجح المتحاورون في تجاوز العقَد الموجودة في المسار السياسي، إلّا أنّه يستغرب المقاربات التي تتناول جلسات آب من قبَل البعض، تارةً بمحاولة وضعِ كمين لها قبل انعقادها، وتارةً أخرى باعتبارها تجاوزاً للدستور أو مصادرةً للمؤسسات، وتارةً ثالثة بالتشويش عليها.

وبحسب الزوّار، فإنّ برّي يضع برسمِ هؤلاء سؤالاً: «لماذا تُثار هذه الأجواء السلبية؟ ولماذا يتعمّد البعض وضعَ الجلسات الحوارية في غير موقعها ويقاربُها بوضع أهداف لها مغايرة تماماً لِما ترمي إليه، وما هي الجدوى من محاولة تعطيلها قبل انعقادها»؟

ورفض برّي»استباق الأمور والحديث عن نتائج مسبَقة للحوار، فالوصول إلى نتائج وإيجابيات رهنٌ بالمتحاورين الذين آملُ أن يأتوا إلى الحوار بقلوب مفتوحة».

وأكّد «أنّ الحكم المسبَق على الجلسات الحوارية ينطوي على مغالطات كبرى»، مذكّراً «أنّ الأجواء السلبية التي يعيشها البلد، هي التي دفعَت إلى الحوار، ولو كانت الأمور جيّدة ، لَانتفَت ضرورتُه والحاجةُ إليه. وهذه الأجواء السلبية ذاتها هي التي دفعَت لتكثيف الحوار، لأنّ الأمور ليست على ما يرام، طلبنا خلوةً في البداية، فرَفضوا، ووافَقوا على تكثيف الحوار، فكان تحديد موعد الجلسات».

وردّاً على سؤال، قالت أوساط بري لـ»الجمهورية»: قرارُه منذ البداية الاستمرار بالحفر في الجبل حتى يطلع الماء.

المشنوق

وبَرز موقف لوزير الداخلية نهاد المشنوق، بحديثه عن «قرار دولي جدّي وكبير وغير منظور لانتخاب رئيس قبل نهاية السَنة». معارضاً إصدار مراسيم النفط قبل انتخاب الرئيس، وهو ما اعتبرَته عين التينة إشارةً واضحة إلى الجهة التي تعطّل الملف النفطي.

مكاري لــ«الجمهورية»

إلى ذلك، أكّد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لـ«الجمهورية» أنّ التحاور أمرٌ جيّد. في الحوار كانت لدينا أجندة، ولم نتوصّل إلى حلول للبنود الأساسية فيها، وهي انتخاب رئيس وقانون الانتخاب، بينما تمّ حلُّ أمور أخرى، كمعاودة الحكومة اجتماعاتها. وبالتالي لم نتّفق على الأساسيات، ولا أرى وجود معطيات جديدة تتيح الاتفاق عليها».

وأضاف: «أنا لا أستبق أيّ اجتماع بالتشاؤم، بل أذهب بتفاؤل، ولكن إن لم نستطِع حتى الآن، أن نحلّ مشكلة أساسية، فكيف سنحلّ أربعاً أو خمساً دفعةً واحدة؟

وعن مخاطر عدم التوصّل إلى حلول، قال مكاري: «حدِّث ولا حرج، فهي كبيرة ومتعدّدة، هناك مخاطر اقتصادية ومعيشية وأمنية، إنحلال الدولة والمؤسسات والفساد المستشري .. دولة بلا راس وبرُبع وزارة».

وقال مكاري: «إذا كان الوضعان الاقتصادي والأمني ممسوكين بجهد القيّمين عليهما، فلا يكفي أن نشكر الأجهزة العسكرية والأمنية، وعلى رأسها الجيش، بل يجب المساهمة في حماية الأمن بإيجاد الحلول السياسية التي تُحصّنه».

يُذكر، أنّ وزير الدفاع سمير مقبل أكّد أن لا مجالَ للتمديد لرئيس الأركان في الجيش، أمّا قائد الجيش فمِن المعقول أن يمدَّد له سنةً كاملة».

«الوفاء للمقاومة»

وفي إطار الحوار أيضاً، أملت كتلة «الوفاء للمقاومة» في أن تسفر مداولات هيئة الحوار «عن توافقات إيجابية تدفَع باتّجاه إعادة الحياة المنتظمة للمؤسسات الدستورية كافّة، وتحدّد المعالجات الصحيحة والمطلوبة لكلّ البنود الواردة على جدول أعمالها».

قزّي

وقال الوزير سجعان قزي لـ«الجمهورية»: «الحوار لا يجب أن ننعاه قبل أن يبدأ، ولا يجب أن ننتظر منه المنَّ والسلوى قبل أن يبدأ أيضاً». أضاف :«هناك رغبة لدى أطراف معيّنة بالوصول إلى حلّ للأزمة الدستورية المتجسّدة خصوصاً بالشغور الرئاسي، لكنْ هناك أطرافٌ أخرى لا تزال تعانِد في تسهيل انتخاب رئيس، وبالتالي ستُعرّض مصيرَ الحوار لانتكاسة، لأنّ فشله سيصعّب على الرئيس بري أن يدعو إلى جلسة جديدة، وبالتالي ستبقى الحكومة وحدها في مواجهة الأزمات، من هنا ضرورة تحصين الوضع الحكومي وعدم إغراقه بملفات تعرّض ما بقيَ من دولة إلى الخطر».

فتفت

وقال النائب أحمد فتفت لـ«الجمهورية»: «الحوار في الوقت الحاضر نوع من كسبٍ للوقت، في انتظار أن تتبلور الصورة والقرار الإقليمي للسماح للبنان باستعادة مؤسساته. وواضحٌ أن لا نيّة لأيّ شيء جدّي، ورأينا ذلك في اجتماع اللجان المشتركة، حيث انعدمَ وجود أيّة محاولة جدّية من الطرفين الأساسيَين للذهاب إلى التوافق. أنا لا أنتظر شيئاً من الحوار. أمّا ماذا بعد؟ فمرحلة انتظارية جديدة، لا أكثر ولا أقلّ».

فارس

وقال النائب مروان فارس لـ«الجمهورية»: «إعتبَر البعض أنّ نتائج اجتماع اللجان كانت صفراً، والجميع يتوقع أن يتمّ التفاهم على قانون الانتخاب في الحوار، لكن حسب التوقّعات، صعبٌ التوصّل إلى قانون انتخاب. ثمّ هناك إصرار لدى الجميع على إجراء الانتخابات في أيّار المقبل، ونحن دعونا ولا نزال إلى اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة لإلغاء الطائفية، وإلى اعتماد مبدأ النسبية.

أضاف: إذا لم تُعتمد النسبية، فأعتقد أنّ الانتخابات ستجرى على أساس القانون المعمول به حالياً، وليس في الأفق في آب، لا قانونٌ انتخابيّ، ولا رئاسة ولا حكومة، الفراغ مستتبّ وسيَستمرّ لفترة طويلة. وطالما الوضع في سوريا على ما هو عليه فالحلّ في لبنان صعب، وتقدُّم الجيش السوري في حلب يفتح الأفقَ أمام حلول في المنطقة وخصوصاً لبنان».