يصنع الإرهاب مَن يستفيد منه، ويستفيد منه من يتاجر بالسلاح وبالسياسة الدولية. اللاعبون الأساسيون في السياسة الدولية التي ولدت الإرهاب هم الدول التي ما عدنا نعلم اليوم ما إذا كانت لا تزال تسيطر على هذا الوباء التي خلّفته، وباء الإرهاب و"داعش" والمنظمات الإرهابية الأخرى. من العراق إلى فرنسا إلى ألمانيا إلى لبنان فسوريا، الإرهاب يضرب الأبرياء من دون رحمة، ويقتل أرواح الناس بدقيقة، ذبحاً ودهساً وتفجيراً وبالرصاص وبكل أدوات الوحشية البربرية، من دون سبب أو هدف، سوى مرض تنظيمات تلتحف زوراً بالدين لتطبيق كل ما ليس له صلة بالدين من مشاريع وأجندات خارجية. ويستعمل الله والدين للشر، حتى في أيام الصوم والأعياد ورمضان. وقد وصلت الوحشية الى ذبح كاهن في كنيسة في عودة الى سنيّ العصر الحجري وحروب الأديان. الله ليس شخصاً يدهس الناس على الطرق، الله ليس شخصاً يذبح كاهناً في كنيسة، والدين ليس أداة قتل وإجرام وحروب. والسؤال الأكبر هو: الى أين يتجه الاٍرهاب بعد ما حصل في تركيا وسوريا وما يحصل في أوروبا؟ أين يذهب العالم بعد خروج انكلترا من الأمة الأوروبية، وبعد المحاولة الفاشلة للانقلاب في تركيا وبعد التهديد "الداعشي" لأوروبا والتفجيرات اليومية في معظم الشرق الأوسط؟ الى متى الإرهاب والمخططات الجهنمية التي لا يدفع ثمنها إلا الأبرياء؟
هذه الأنماط الاجرامية التي تضرب كل أنحاء الغرب والشرق باتت تشكل في واقعها المرعب حرباً عالمية ثالثة. بل هي حرب إرهابية إجرامية على البشرية كلها وعلى الانسان، أياً يكن دينه ومذهبه وجنسيته ووطنه وهويته وعرقه. وما يخيف أكثر من هذا الخطر الذي يهدد العالم المتمدن والحضاري، هو العجز الدولي عن ضربه في كل مكان يعشش فيه، ويتخذ منه بيئة ملائمة لتفشيه ولتصدير إجرامه في كل الاتجاهات. على الرغم من كل الحملات العسكرية الغربية والعربية ضد "داعش" و"النصرة" والجماعات الارهابية، لا تزال هناك شكوك كبيرة جداً في جدوى الاساليب التي تتبع لضرب هذا الوباء الأخطر من كل الأوبئة التي تعرفها البشرية. كما ان مستوى مكافحة هذا الوباء في الدول العربية الاسلامية خصوصاً لا يزال دون المستوى المطلوب، لأنه يتهدد الاسلام الحقيقي مثلما يتهدد الاديان الأخرى، وربما أكثر. فإلى متى يبقى العالم يتفرج ويحصي الضحايا ويأسف على الأبرياء؟ والى متى يبقى العالم شاهد زور على وحش يتهدد البشرية والانسانية بأبشع من القنبلة النووية؟ ألا يشكل هذا الخنوع أيضاً صناعة للإرهاب؟
ميشال تويني