تشهد الساحات الشيعية في هذه الأيام موجة عجيبة من الإنحراف العقائدي الذي بات يدمر العقيدة الشيعية الإثني عشرية ببدع ينسبها صانعوها إلى التشيع نفسه !! نحن الشيعة وبكل بساطة، نؤمن بإثني عشر إماما معصوما، فقط لا غير، أولهم علي وآخرهم المهدي، وقد تمت تسميتهم من قبل النبي (ص) في حياته، وأمرنا بطاعتهم "حصرا" بشكل مطلق . أما غيرهم من أولياء الأمور، فقد أمرنا هؤلاء المعصومون الإثنا عشر (ع) أن نطيعهم "فيما وافق الحق" فقط لا غير، حتى ولو كان أولياء الأمور هؤلاء قد تم تعيينهم من قبل الأئمة المعصومين "شخصيا"، كالولاة الذين كان يعينهم الإمام علي (ع) أثناء تسلمه دفة الحكم بعد مقتل عثمان .
وقد نبهنا وحذرنا الأئمة (ع) من "الطاعة المطلقة" لغيرهم ممن يمكن أن يكون قراره غير موافق للحق كونه ليس بمعصوم، وهذا التنبيه يقتضي التدبر في كل ما يصدر عن هؤلاء، وعدم شرعية التعامل مع قراراتهم على أنها حجة مطلقة لا تناقش .
ونبهونا (ع) إلى أنهم ليسوا مسؤولين عما يصدر عن غيرهم، ولو كان "مزينا" بكلمات منمقة لكنها جوفاء، إلا إذا كان العمل بهذه القرارات يتم بعد دراستها من قبل كل مكلف والنظر فيها فيما إذا كانت مطابقة للحق أم لا . إلا أنه نشهد في هذه الأيام سلوكا غريبا وشيطانيا في آن . فإن هناك من بات ينسب لنفسه من السياسيين "غير المعصومين" بل غير الفقهاء أصلا، صلاحيات الإمام المعصوم، وهذا أمر كارثي بكل المقاييس، حيث أن هؤلاء وأتباعهم باتوا يتصرفون مع باقي الشيعة على أنهم "ناقصوا الإيمان" !! .
فترى هؤلاء يغتابون ويشتمون ويحرضون ويؤذون كل من لا يوالي "إمامهم الثالث عشر" من اتباع مذهبهم الإثني عشري !! ، مع أنك لا تعرف -أصلا- عاقبة "إمامهم الثالث عشر" عند الله، لا في الدنيا ولا في الآخرة .
وهذا تمزيق وتفريق شيطاني وعدواني للمذهب وأتباعه، وافتراء على الله فيما يزينون به دعوتهم هذه، من مقولات تصب في النهاية في أن هؤلاء لم يعودوا شيعة إثني عشرية، بل باتوا مذهبا جديدا يكفر ويزندق كل من لا يؤمن برئيس حزبهم الذي أعطوه مقام "الإمامة" تحت عنوان "ولاية الفقيه" التي لم يعطها الإمام الخميني (قده) نفسه كل صلاحيات الإمامة، كما يزعم هؤلاء الجهال والمرتزقة أوالباحثين عن زعامة بأي وسيلة !!
من يتحمل مسؤولية هذه الموبقات التي يرتكبها أتباع هذه العقيدة الخطيرة والخبيثة والتي ماااا أنزل الله بها من سلطان، والتي فرقت بين الأب وابنه وبين الأخ وأخيه وبين المرء وزوجه وبين الجار وجاره، وصارت سببا ﻹيذاء المؤمنين الشيعة الأبرار وعلمائهم الطيبين، لمجرد أنهم لا يبايعون إمامهم "الثالث عشر" المزعوم . من يتحمل كل ذلك أمام الله تعالى؟!
أيها الشيعة، نحن لنا إثنا عشر إماما، فقط لا غير، تجب طاعتهم على الإطلاق، وكل غيرهم من أولياء الأمور نطيعه "فيما وافق الحق" كما أمر بذلك أمير المؤمنين (ع) أهل مصر أن يتعاملوا مع قرارات حتى الوكيل الشخصي للإمام علي وواليه "الشخصي" على مصر الذي هو العظيم "مالك الأشتر" الذي وصفه أمير المؤمنين بأنه "سيف من سيوف الله" !!
إن هؤلاء يدعون الإمامة لأنفسهم، وهم لا يملكون شيئا من صفات الإمام التي "خصه الله" بها ليكون قادرا على إدارة الأمة، والتي بسبب الصفات أعطاه الله تلك الصلاحيات !! يقول الإمام الصادق (ع) : إنه لتعرج بأرواحنا ليلة كل جمعة إلى السماء لنتزود، ولولا ذلك لنفد ما عندنا !!
فإذا كان الإمام المعصوم ووارث علم النبيين، ينفد ما عنده لولا التزود من السماء كل ليلة جمعة، فكيف يجرؤ أحد ممن تعلم "بعض" العلوم التي أساسا هي علوم ظنية وصلت إليه عبر قرون وعبر عشرات من الوسائط، أن يدعي لنفسه ما للإمام المعصوم من صلاحيات، مع أنه ليس مجتهدا فقيها بالأساس، ويزعم أن ما يدعيه لنفسه من "إمامة" إنما هو من فقيه آخر، مع أن هذا الفقيه الآخر رغم إجلالنا له، فإنه ينطبق عليه ما ينطبق عليه ؟!
اللهم إني أبرأ إليك من عقيدة "الإمامية الثلاثة عشرية" التي ابتدعها هؤلاء الذين ليسوا سوى طالبي زعامة بإسم الإمامة، وأسألك اللهم حسن العاقبة ...
بقلم الشيخ عباس حطيط