في بلادنا التي غصّت بالنفايات، حتى باتت النفايات تشكل أنهارا" لفتت انتباه أبرز المحطات العالمية بفضل جهود سياسيينا الذين "يقرفون من الجرذان"، أصبحت عبارة "المضحك المبكي" تنطبق علينا. في بلادنا، حيث أصبح نهر الليطاني مستوعبا" لمياه الصرف الصحي والمجارير، وحيث تتشكل أنهار من المجارير في كل شتاء، وحيث تنبعث رائحة المعامل ومعها رائحة الفساد في معامل الذوق، وشكا، والجية، وسبلين، لم يجد الوفد الوزاري اللبناني إحراجا" في " معايير النظافة" تلك، ولكنهم فضلوا عدم المبيت في فنادق نواكشوط المضيفة بسبب "انتشار الجرذان" ناهيك عن قلة الإحترام في التعاطي مع القمة، حيث اقتصر الوفد الوزاري المشارك على رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس فيما كان من المقرر أن يشارك إلى جانبهما وزير المال علي حسن خليل، والصحة وائل ابوفاعور، والخارجية والمغتربين جبران باسيل.
"قرف" الوفد الوزاري أثار موجة استياء عارمة لدى الشعب الموريتاني الذي شنّ هجوما" عنيفا" على مواقع التواصل الإجتماعي واصفا" بيروت بعاصمة النفايات، وأرفق صورا" للنفايات التي انتشرت في أحياء بيروت في الآونة الأخيرة. موجة الغضب هذه لم تكن فقط بسبب "قرف" الوفد اللبناني، با أيضا" بسبب التسيب والإستهتار بالقمة اللذين ترجما من خلال إنسحاب الوزراء من الوفد. أسباب الوزراء الذين اعتذروا عن حضور القمة لم تكن مقنعة للرأي العام، فأحد الوزراء الذي تذرع باضطراره إلى السفر إلى باريس من أجل حضور إجتماع برفقة رئيس كتلته مع مسؤول سعودي، إلا أن اعتذار المسؤول السعودي عن حضور الإجتماع بسبب اضطراره لحضور قمة موريتانيا مع وفد بلده لم يثن الوزير عن التراجع عن قرار عدم الحضور!! مصادر سياسية تساءلت في حال كانت القمة مقررة في بلد عربي آخر ذي وزن سياسي، هل كان سيعتذر الوزراء المتغيبون عن حضور القمة؟ أم أن هذا التغيب سببه التهرب من مقررات القمة خاصة فيما يخص الأزمة السورية، التي يتخذ منها لبنان موقفا" رماديا بسبب الإنقسام الداخلي حول هذه القضية؟
لا شك أن الصورة القبيحة التي تصرّ الحكومة على إعطائها عن لبنان أصبحت راسخة في أذهان الإخوة العرب، ولكن لا تؤاخذونا بما فعل "الوزراء" منا..