القتل العشوائي والارهاب المتنقل اصبحا ثقافة وظاهرة عالمية، لا يمكن ان يتم تجاهلها او التغاضي عنها..!! وبعد ان كان خبر وقوع جريمة قتل او ارتكاب مجزرة بحق مواطنين وابرياء، قد يمر بين الحين والآخر، ويثير الكثير من القلق والتساؤل عن اسبابه ودوافعه..!! اصبح خبراً شبه يومي، وربما يقع ويحدث بوتيرة مرتفعة..؟؟ على سبيل المثال ...في الولايات المتحدة الأميركية... قتل شخصان وأصيب 16 آخرون في إطلاق نار داخل ملهى ليلي في فورت مايرز بولاية فلوريدا...؟؟ وفي الوقت عينه وقع حادث قتل مماثل في اليابان حيث ارتفعت حصيلة هجوم بالسلاح الأبيض الذي وقع فجر الثلاثاء 26/7/2016، على مركز لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في اليابان إلى 19 قتيلا، بحسب ما أفاد مركز الإطفاء. في الهجوم الذي نفذه رجل عشريني، وهو موظف سابق في المركز...؟؟
لذلك لم تعد اخبار القتل والاقتتال والتفجير حكراً على العالم العربي الاسلامي..؟؟ ولم يعد من الممكن القول ان مشهد الارهاب حصراً هو عربي في عنوانه ومضمونه وسلوكه او حتى اسلامياً في طبيعته وهويته...؟؟
لا يمكن مواجهة الارهاب الذي تمارسه بعض المجموعات المسلحة، بممارسة بارهاب الدولة او الدول..؟؟ ولا يمكن ان تكون ادانة جريمة مهما كان حجمها وخطورتها.. بان ترتكب جريمة مماثلة او اكثر منها شدةً واجراماً..؟ كما يجب ان نشير الى ان ارهاب الدول هو اكثر دموية ووحشية وخسائر من ارهاب الاشخاص والمجموعات والتنظيمات..نتيجة استعمال اسلحة فتاكة ومتطورة، ودون تردد او خوف من المحاسبة والمعاقبة..؟؟ واذا كان ارهاب الاشخاص يدل على ان سببه ردة فعل او فعل انتقامي..او قلة ثقافة وانخراط في الحياة الاجتماعية وقبول التعددية والتعايش مع الآخر..؟؟ الا ان ارهاب الدول وجرائمها يدل على التزام بثقافة ونهج قد يكون ديني وقد يكون عرقي وقد يكون سياسي، كما الحال مع اسرائيل التي ترتكب جرائمها انطلاقاً من مفهومها الديني الذي تبرر من خلاله ما تقوم به من جرائم..!! وكذلك هو الحال مع ايران ومن معها من مجموعات متطرفة تكفيرية... فقد قال الخامنئي مرشد ايران ان قواته ومن معها تقاتل الكفار في سوريا..؟؟ .او قد يتم ارتكاب هذه الجرائم من قبل دول اخرى بهدف محاولة تحقيق طموحات سياسية ومصالح اقتصادية كما الحال مع الولايات المتحدة والغرب عموماً وروسيا الاتحادية التي لا يمكن تجاهل ان بطريرك روسيا اعتبر ان تدخل روسيا في سورية هو انخراط في حربٍ مقدسة.. الى جانب الحفاظ على مصالح روسيا في المنطقة كما يقول بوتين.....؟؟
وهذه امثلة على ارهاب الدول..
غزة في 26/7/2014..(واصلت الطائرات والمدفعية والدبابات الإسرائيلية قصفها لمناطق مختلفة من قطاع غزة لليوم الثامن عشر على التوالي موقعة حتى صباح الجمعة بتوقيت القدس المحتلة 797 قتيلا و4563 جريحا. وقد قتل 76 فلسطينياً يوم الخميس 24 (يوليو) تموز، بينهم 17 سقطوا في مجزرة إرتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلي من خلال استهدافه مدرسة تابعة لوكالة غوث اللاجئين الأونروا في بيت حانون شمال القطاع. كما استشهد 10 من عائلة الأسطل في خان يونس، في العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة)...والرد الدولي على هذه الجريمة كان بهذا المستوى فقط:(أدانت العديد من العواصم العربية والعالمية والأمينان العامان للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وما خلفه من شهداء وجرحى وتمدير للممتلكات، وكذلك بدء قوات الاحتلال بهجومها البري على القطاع، كذلك أعرب الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون عن قلقه البالغ ازاء تفاقم الوضع الخطير في قطاع غزة..)
بذريعة قتال تنظيم الدولة الاسلامية (داعش ) في سوريا والعراق.. ترتكب مجازر دموية بحق المدنيين وبوتيرة يومية وبشكل منهجي من قبل النظامين السوري والعراقي وبمساعدة ايرانية مباشرة ومن ميليشيات طائفية تكفيرية من لبنان والعراق وافغانستان وغيرها ..وبالتعاون التام مع قوات دولية..؟؟؟ على سبيل المثال..؟؟؟ فقد قامت قوات التحالف الدولي عبر طائراتها بارتكاب مجزرة بحق أهالي قرية التوخار شمالي شرقي مدينة منبج، راح ضحيتها حوالى 90 شخصا جلهم من الأطفال والنساء. وقال ناشطون من مدينة منبج إن قوات التحالف الدولي قامت بتكثيف ضرباتها على القرية بعد وصول المعارك بين تنظيم «الدولة» وقوات سوريا الديمقراطية إلى أطراف قرية التوخار. وأشار الناشط الإعلامي أحمد محمد أنه بلغ عدد الشهداء في القرية حوالى 90 قتيلا معظمهم من عائلات كاملة قضت نتيجة القصف...؟؟ ولاحقاً (اعترفت قوات التحالف الدولي، بالمجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 150 مدنياً في منبج جراء غارة جوية على ضواحي المدينة. وقال المتحدث باسم قوات “التحالف الدولي”، العقيد كريستوفر غارفر، في مؤتمر صحفي عقده في بغداد: إن “الغارة كانت تستهدف كلاً من المباني والمركبات التابعة لداعش، إلا أن تقارير وردت لاحقاً من مصادر مختلفة تحدثت عن احتمال وجود مدنيين بين مسلحي التنظيم الإرهابي”، بحسب صحيفة (الخليج أونلاين). وأشار إلى أن الهجوم ضد داعش في منبج تم بناء على معلومات حصل عليها التحالف الدولي من ما يسمى “التحالف العربي السوري”، المنضوي تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية (قسد). ولفت غارفر إلى أن “التحالف العربي السوري” أبلغ قوات التحالف الدولي بوجود موكب كبير لمسلحي التنظيم يستعد لشن هجوم ضد قوات المعارضة السورية في المنطقة... )
وفي مشهد يومي متكرر للجرائم التي ترتكبها القوات الروسية وطيرانها الحربي بحق المدنيين في سوريا .. فقد ورد في خبر يتضمن ما يلي: (جددت الطائرات الحربية الروسية ، قصفها الجوي على الأحياء الشرقية لمدينة حلب التي تسيطر عليها فصائل المعارضة وعلى بلدات ريف حلب الغربي، شمال سوريا، ما أسفر عن مقتل عدد من المدنيين وجرح آخرين. فقد أكد زكريا حمدو أحد الناشطين الإعلاميين بريف حلب الغربي لـ ARA News «إن الطائرات الحربية الروسية ارتكبت مجزرة جديدة بمدينة الأتارب غربي مدينة حلب راح ضحيتها تسعة مدنيين وعشرات الجرحى بعد استهداف الأحياء السكنية والمنطقة الصناعية والمشفى الميداني بعدد من الغارات الجوية ما تسبب بخروج المشفى الميداني عن الخدمة بشكل كامل ودمار وحرائق ببعض المحال التجارية في المنطقة الصناعية»)...؟؟؟ ومع ذلك فقد اكدت روسيا عزمها على مواصلة الحرب ضد "الارهابيين" في سوريا...؟؟ وفي هذا الاطار، (عبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند السبت عن "قلقه" بشأن الوضع الانساني في سوريا وخصوصا في حلب...؟؟)..؟؟
العنوان العريض للتدخل العسكري وللممارسة هواية القصف الجوي والمدفعي والصاروخي والتدخل البري هو محاربة الإرهاب، ولكن الضحية الحقيقية لهذا التدخل الأميركي والغربي والروسي والايراني في المنطقة هو المواطنين المدنيين الذين يدفعون الثمن قتلاً وتهجيراً ودماً ونزوحاً ومعاناة ..؟؟
النتيجة التي نشهدها لهذا الانخراط في هذ الصراعات هو تمدد حالة العنف لتشمل كل الدول دون استثناء فقد اصبح مشهد القتل طبيعياً ومبرراً .. وله تفسير مقبول في بعض الاحيان لدى بعض الجهات الرسمية كما الحال مع الالماني ذو الاصول الايرانية الذي ارتكب جريمة ميونيخ لانه مصاب بالكآبة..؟؟ او الفرنسي من اصول تونسية الذي كان جريمته رداص على قرر المحكمة الجائر كما اعتبره...؟؟ او تنفيذ احكام اعدام بالجملة كما الحال في ايران لحماية الثورة ومكتسباتها واستمرارها...؟؟
ما يجري يؤشر لمستقبل قاتم ليس في منطقة الشرق الاوسط بل في العالم برمته..ما لم يتم معالجة مشاكل المنطقة وغيرها من دول العالم بروحٍ من العدالة والمنطق والابتعاد عن ممارسة الكيدية وحب التسلط والتشفي والانتقام.. والتخلي عن محاولة تحقيق المصالح الاقتصادية... لانها ليست اكثر اهمية من الحفاظ على الارواح البشرية مهما كان انتماؤها او عرقها ...؟؟ ولتحقيق مستقبل افضل آمن ومستقر يجب العمل على تحقيق الاستقرار السياسي والعدالة الاجتماعية ورعاية الحريات الاعلامية وتطوير التنمية الاقتصادية واحترام التعددية والالتزام بروح الديمقراطية والتخلي عن السياسات الفوقية والسلطوية وحماية الانظمة العسكرية.. والديكتاتوريات.. وعدم تشجيع تشكيل الميليشيات الطائفية الحاقدة والمتطرفة عقيدةً وفكراً وكفراً..؟؟
حسان القطب