قبل أيام قليلة من نهاية شهر تموز، وبدء جلسات الحوار على مدى ثلاثة أيام في عين التينة، في 2 و3 و4 آب، خفت صوت الضجيج العوني حول «امكانية جامحة» للتوصل إلى تفاهم وطني على انتخاب النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
وبدت الساحة المسيحية تحت وطأة العودة إلى «حرارة الانقسامات والاتهامات»، في ظل ما يمكن ان يوصف بأنه إعادة تموضع وتجاذب: فالنائب سليمان فرنجية في الديمان مساء أمس لمدة ساعة عمل، خلال الخلوة مع البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي.
وفي المعلومات المعممة عن الخلوة والتي استعيض بها عن تصريح للنائب فرنجية، ان الفراغ في سدة الرئاسة الأولى كان الموضوع الرئيسي، لا سيما وأن زيارة فرنجية للديمان جاءت بعد لقائه وفداً من حزب الله ضم مساعد الأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل ووفيق صفا.
والرئيس الأعلى لحزب الكتائب الرئيس أمين الجميل يعتبر في مكان ما، ان المؤشرات التي وصلت إليه عن قناعة فرنسية وأوروبية من انه آن الأوان للبحث عن مرشّح خامس، خارج استقطاب الأربعة، جعلته يحمل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مسؤولية معنوية ما عن استمرار الفراغ بدعمه ترشيح النائب عون.
والدكتور جعجع نفسه، يستعد لحمل الملف في جولة خليجية ربما تقوده إلى بعض عواصم القرار العربي، لبحث أزمة الشغور الرئاسي وتسويق وجهة نظره عن ضرورة دعم عون للوصول إلى إنهاء الفراغ.
وإذا كان هذا الحراك الخافت ايضاً، يبدو من قبيل الحركة بلا بركة، فإن الرهان على ان تنتج جلسات الحوار متغيرات يمكن ان تخدم إنهاء الشغور الرئاسي لمصلحة عون، لا تبدو واقعة في مكانها الصحيح.
ومن المؤشرات السلبية على هذا المنحى، ان النائب وليد جنبلاط الموجود في العاصمة الفرنسية حاول الالتقاء مع شخصية دبلوماسية سعودية رفيعة (تردّد انها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير) في باريس، ولكن ظروف الأخير حالت دون ذلك.
ومن هذه المؤشرات أيضاً، ان تصريحات عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت بالنسبة إلى عون وقعت على رؤوس العونيين كالمياه الباردة، لا سيما ان أي موقف آخر لأي جهة في تيّار «المستقبل» لم ينف ذلك.
ومن المؤشرات ذات الدلالة، ان المزاج الشعبي لا يراهن على جلسات الحوار، ولا على أجواء التفاؤل العوني.
وكشف استطلاع «اللواء» الأسبوعي رداً على سؤال: هل تتوقع ان يتفق في إحدى جلسات آب على تبني عون للرئاسة الأولى؟ جاءت الإجابة على الشكل الآتي: 16 في المئة قالوا نعم، مقابل 84 في المئة قالوا لا، أي انهم لا يتوقعون ذلك.
اما في الشأنين الحكومي والنيابي، فغداً يوم حافل لجهة اختبار القدرة على معالجة الملفات المستعصية في مجلس الوزراء لجهة إقرار أو عدم إقرار خطة الوزير بطرس حرب للاتصالات، أو الاتفاق أو عدم الاتفاق على قانون جديد للانتخاب.
سلام في قمّة نواكشوط
ومن المتوقع ان تتبلور الصورة في الساعات المقبلة مع عودة الرئيس تمام سلام من المغرب اليوم، بعدما شارك في اعمال القمة العربية السابعة والعشرين في العاصمة الموريتانية نواكشوط، مع وفد وزاري تقلص إلى وزير واحد هو وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس.
وبطبيعة الحال حضرت الشؤون اللبنانية، فضلاً عن تداعيات أزمة النزوح السوري مع استمرار الحرب الطاحنة في سوريا، وتضاؤل فرص التسوية السياسية في هذا البلد، في كلمة الرئيس سلام امام القمة العربية، وفي محادثاته مع أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ونظيره الأردني هاني الملقي.
وتركت كلمته صدى طيباً لدى المشاركين في القمة، لا سيما لجهة التأكيد على التزام لبنان القضايا العربية، وانه ليس محايداً في ما خص الأمن القومي العربي، وخصوصاً لدى دول مجلس التعاون الخليجي، بحسب ما أكّد الرئيس سلام، معلناً رفض لبنان أي تدخل في الشؤون العربية ومحاولة فرض وقائع سياسية فيها تحت أي عنوان.
اما الموقف الثاني الذي استرعى اهتمام القادة العرب، وفقاً لموفدة «اللواء» لينا الحصري زيلع، فهو اقتراح الرئيس سلام إنشاء هيئة عربية لبلورة فكرة مناطق آمنة داخل الأراضي السورية لإعادة النازحين السوريين إليها، بما في ذلك الاقتراح بتقديم ورقة مشتركة لبنانية - اردنية، الأمر الذي يعني عدم رمي النازحين في الشارع، وفي الوقت نفسه إعلان الموقف السيادي للدولة اللبنانية، بانها وطن اللبنانيين وليس لتوطين أي كان على أرضه.
وعلمت «اللواء» ان لبنان تحفظ على القرار المتعلق باعتبار «حزب الله» تنظيماً إرهابياً، في سياق إدانة التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية.
اما بند التضامن مع لبنان، فقد ورد ضمن سياق الفقرة الخامسة والمتعلقة بأن القادة العرب يطالبون المجتمع الدولي بتنفيذ القرارات الدولية القاضية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب من كامل الأراضي المحتلة، بما في ذلك الجولان العربي السوري والأراضي المحتلة في جنوب لبنان إلى حدود الرابع من حزيران 1967، في إشارة إلى ربط مزارع شبعا المحتلة والجزء الشمالي من قرية الغجر بمفاوضات الحل الدائم.
الغجر
ويأتي هذا القرار العربي، بالتزامن مع ما كشفه موقع «واللا» الاخباري العبري من ان رئيس لجنة التخطيط والبناء في المجلس الإقليمي عادوس رودين أبلغ من يعنيهم الأمر في القسم الشمالي من قرية الغجر التي قسمها الخط الأزرق إلى قسمين والتي هي الآن باشراف السلطات اللبنانية، ان الاحتلال سيطبق قوانين البناء الإسرائيلية على الشطرين الشرقي والشمالي في القرية، الأمر الذي وصفته مصادر لبنانية بأنه نكث بما تمّ الاتفاق عليه عام 2010 بين «اليونيفل» والاحتلال الإسرائيلي، من ان الجزء الشمالي يتبع للسيادة القانونية اللبنانية.
ولم يشأ المصدر ان يُؤكّد أو ينفي أية معلومات عن تحرك على هذا الصعيد، في دوائر الخارجية أو في مجلس الوزراء، وذلك بسبب انشغال رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بازمة الترشيحات والعقوبات داخل التيار الحر الذي يرأسه، والذي سيتحدث عنه اليوم خلال اطلالته مع محطة O.T.V الناطقة بلسان التيار العوني.
اما بالنسبة لكلمة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عند الخامسة والنصف من عصر يوم الجمعة المقبل لمناسبة تأبين القيادي في الحزب إسماعيل أحمد مزهر، والذي سيقام في مسقط رأسه النبطية الفوقا وعبر الشاشة التلفزيونية كالمعتاد، فلم يعرف ما إذا كان الحزب سيتطرق إلى هذا الموضوع، أم يتركه للاتصالات البعيدة عن الأضواء.
وبالنسبة لمجلس الوزراء غداً، فقد أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان التيار الوطني الحر لا يزال متمسكاً بالنقاط الواردة في دفتر الشروط لتجديد العقود للخليوي والتي نشرت في العام 2015 بعدما أقرها المجلس، مؤكدة ان التيار لا يملك مشكلة إزاء العودة إلى هذه النقاط بعد ان بدلها وزير الاتصالات بطرس حرب دون أي سبب وعرضها في الجلستين الماضيتين.
وقالت المصادر ان هناك انتظاراً لما سيتقدم به الوزير حرب في جلسة مجلس الوزراء بعدما سمع آراء وافكار الوزراء.
وإذ استبعدت المصادر ان يفجر ملف الخليوي جلسة الحكومة، قالت ان البحث بملف الانترنت غير الشرعي سيكون حامياً، موضحة ان لا معلومات مؤكدة ما إذا كان الوقت سيسمح بمناقشة هذا الملف مع العلم ان الوزراء لم يتسلموا تقارير معنية حوله.
واعتبرت المصادر ان وضع مجلس الوزراء يقاس كل جلسة بجلستها وكل يوم بيومه، مؤكدة ان لا انسحابات لوزراء التيار الوطني الحر من الحكومة، لافتة إلى انه في الوقت نفسه لا بدّ من انتظار ما سيخرج من جلسات الحوار المقبلة، ومن المستبعد الحديث عن أي قرارات أو توجهات معينة قبل ذلك.
إلى ذلك لم يتبلغ الوزراء بموعد لجلسة للحكومة بعد غد الخميس، وفي هذا الإطار لم تتوقع المصادر الوزارية أي جلسة للحكومة في هذا اليوم.