دانت القمة العربية السابعة والعشرون التي اختتمت أعمالها أمس اثنين: «داعش» وإيران. الأول لأنه ينفذ وتنظيم «القاعدة» «عمليات إجرامية ويحرّض على العنف والتطرفّ والإرهاب». والثانية لأنها «تتدخّل في الشؤون الداخلية للدول العربية». وبذلك جَمَع القادة العرب في بيان واحد ما سبق وأعلنوه مراراً وتكراراً «بالمفرّق»، وحدّدوا «خارطة موقف» وإن لم يحدّدوا خارجة طريق إزاء «خطرَين» تناوب معظمهم على الإسهاب في مقاربة انعكاساتهما على المجتمعات العربية.

قمة نواكشوط التي احتفل الموريتانيون على طريقتهم بانعقادها على أرضهم، واستقبلوا القادة العرب على طريق المطار على ظهور الجمال حاملين أعلام الدول العربية المشاركة في القمة، دعت من جهة إلى «عمل عربي جماعي لاجتثاث المنظمات الإرهابية ودحرها، وأهمها تنظيما «داعش» و»القاعدة»، وأدانت من جهة ثانية التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية باعتباره «انتهاكاً لقواعد القانون الدولي ولمبدأ حُسن الجوار وسيادة الدول».

وتحفّظ لبنان عن فقرتَين (السابعة والثامنة) من قرار إدانة «التدخّل الإيراني».. بسبب ورود عبارة «حزب الله الإرهابي»، فيما نأى أعضاء مجلس التعاون الخليجي بالنفس إزاء فقرة «التضامن مع الجمهورية اللبنانية» رغم سحب الكويت وسلطنة عمان نأيهما، مقابل تصعيد بحريني تمثّل بالتحفّظ على هذه الفقرة بعد أن كان موقف البحرين يقتصر على «النأي بالنفس».

«الحلم الذي تحقّق» في موريتانيا، كما سمّاه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ أحمد، شكّل منبراً لإدانات عربية جديدة قديمة ضدّ إيران و»داعش» باعتبار أن أرض العرب أصبحت مسرح عمليات لأدوارهما في المنطقة، فأجمع رؤساء وفود مثل الكويت والمملكة العربية السعودية واليمن والبحرين والبرلمان العربي على انتقادهما معاً. فيما أكد رئيس الحكومة تمام سلام الحرص «على المصلحة العربية العليا وتضامننا مع أشقائنا العرب في كل قضاياهم المحقّة». وقال في كلمته أمام القمة «لسنا محايدين في كل ما يمسّ الأمن القومي لأشقائنا وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي»، رافضاً أي تدخّل «في شؤون البلدان العربية ومحاولة فرض وقائع سياسية فيها تحت أي عنوان كان». واقترح إنشاء «مناطق إقامة للنازحين داخل الأراضي السورية وإقناع المجتمع الدولي بها.. وفي انتظار تحقيق ذلك ندعو إلى إنشاء صندوق عربي لتعزيز قدرة المضيفين وتحسين شروط إقامة النازحين المؤقتة».

السعودية

وأكدت المملكة العربية السعودية في القمة أن ما تشهده المنطقة والعالم من مواجهة تطرف عنيف وأعمال إرهابية متفرقة تشكل تهديداً لشعوبنا وأوطاننا والأمن والسلم الدوليين، وأن العديد من مرتكبي هذه الجرائم الإرهابية يحاولون إلصاقها بالإسلام، والإسلام بريء منها.

ودعت المملكة إلى تكثيف الجهود على كافة الأصعدة وطنياً وإقليمياً ودولياً لمحاربة الإرهاب والتطرف من جوانبه الأمنية والعسكرية والمالية والفكرية، ومن هذا المنطلق بادرت المملكة بإنشاء أول تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب والتطرف الذي انضمت إليه حتى الآن 40 دولة عربية وإسلامية.

وجاء في الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير رئيس وفد المملكة إلى القمة العربية العادية في دورتها السابعة والعشرين في موريتانيا، أن القمة تنعقد «في ظل ما يعصف بعالمنا العربي من أزمات، وما يتعرض له من خطوب بعضها مزمن كالقضية الفلسطينية أو مستجد مثل أزمات سوريا والعراق وليبيا واليمن، أو ما يكتسب طابع التحدي المستمر فكراً وممارسة، مثل التطرف والطائفية والإرهاب بكل صلفه وأشكاله«.

وتابع الوزير السعودي أنه «إذا كانت القضية الفلسطينية تشكل بنداً ثابتاً في جدول أعمال لقاءاتنا السابقة فإن السبب كان ولا يزال يعود لاستمرار التعنت الإسرائيلي لأسس ومبادئ التسوية السلمية، والمتناقض مع مقررات الشرعية الدولية ومبادرة ورؤى السلام المطروحة المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وحقه في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وبما يتفق مع قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية«.

وقال: «في ما يتعلق بالأزمة السورية، ما يعطل حلها سلمياً هو استمرار مسلك النظام السوري المناهض لأي محاولات أو مسعى لوضع مبادئ إعلان جنيف الأول وبنود قرار مجلس الأمن رقم 2254 موضوع التطبيق العملي، وإمعانه في انتهاج أسلوب القتل والتدمير، وما نتج عن ذلك من إزهاق أرواح مئات الآلاف وتشريد الملايين من شعب سوريا الشقيق، ناهيك عما لحق بالبلاد من دمار وخراب، وهذا الأمر من شأنه التأكيد على استحالة أن يكون لبشار الأسد أو من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري الشقيق أي دور في مستقبل سوريا«.

وأضاف «ما زالت الجهود قائمة لحل النزاع في اليمن سلمياً، وبالأسلوب الذي يحفظ لهذا البلد الجار والشقيق أمنه واستقراره وسيادته، تحت راية وسلطة حكومته الوطنية والشرعية، وفقاً للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216، ويحدونا الأمل في تحقيق هذه الأهداف في المباحثات التي تستضيفها مشكورة دولة الكويت الشقيقة، ومساعٍ متصلة من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد«.

وقال بخصوص العراق إنه «بلد التاريخ والحضارة ولا يزال يعيش تحت وطأة الأزمات، وكلنا أمل في أن يتمكن الأشقاء في العراق من تجاوز خلافاتهم، وإعادة الأمن والاستقرار والازدهار إلى هذا الجزء الغالي من أمتنا العربية، وفي إطار الحفاظ على وحدته الوطنية بكافة مكوناته وطوائفه«.

واعتبر « ان الازمة الرئاسية في لبنان تتطلب من الاشقاء اللبنانيين تغليب المصلحة الوطنية العليا على ما عداها من مصالح فئوية ضيقة لحل هذه الازمة ووضع لبنان على مسار التنمية والإزدهار».

وأوضح الجبير «أن ما يعصف بمنطقتنا والعالم من مواجهة تطرف عنيف وأعمال إرهابية متفرقة تشكل تهديداً لشعوبنا وأوطاننا والأمن والسلم الدوليين وللأسف يحاول العديد من مرتكبي هذه الجرائم الإرهابية إلصاقها بالإسلام، والإسلام بريء منها. ولمواجهة هذا الخطر، فإنه مطلوب منا تكثيف جهودنا على كافة الأصعدة وطنياً وإقليمياً ودولياً لمحاربته من جوانبه الأمنية والعسكرية والمالية والفكرية، ومن هذا المنطلق بادرت المملكة بإنشاء أول تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب والتطرف الذي انضمت إليه حتى الآن 40 دولة عربية وإسلامية.

وأضاف الجبير: «إن تدخلات إيران في شؤون الدول العربية ومحاولة تصدير الثورة يتناقض مع مبادئ حسن الجوار والقيم والأعراف الدولية، الأمر الذي أدى الى إثارة الفتن والقلاقل والنزاعات في المنطقة مما يتطلب التصدي له وفق مقررات الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة.

وتابع قائلاً «إن هناك جوانب اقتصادية وثقافية وتنموية يتعين الالتفات إليها وإعطاؤها ما تستحق من الاهتمام والانشغال، وهذا يعني أنه لا بد لنا من ربط القرارات السياسية برؤية مشتركة حول سبل النهوض بمتطلبات التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لشعوبنا، والمملكة من جانبها حرصت على تعزيز هذا المسار من خلال رؤية 2030، ونماء أوطاننا من شأنه المساهمة في دعم نماء بقية الأوطان والشعوب العربية«.

الكويت

وأكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في كلمته أن نجاح أي حوار بناء مع إيران يتطلب توفير الظروف الملائمة له عبر احترام إيران لقواعد وأعراف القانون الدولي المتعلقة بحسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

أما عن الإرهاب فقال أمير الكويت: «يبقى الإرهاب الذي نواجهه جميعاً مصدر تهديد لأمننا واستقرارنا ومدعاة للعمل بكل الجهد لمواجهة شروره ومخاطره، وإننا ندرك أن المواجهة شرسة وتتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي لردع مخططات التنظيمات الإرهابية وعملها الإجرامي، كما أننا ندرك أن المواجهة شاملة بكل الأبعاد التعليمية والتربوية والثقافية والدينية وهي مسؤولية تتحملها دولنا كجزء من المجتمع الدولي، بأجهزتها الرسمية والشعبية».

البحرين

كذلك أعرب ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة عن أمله في نجاح القمة والخروج بقرارات تعزز التعاون العربي المشترك وتلامس تطلعات الشعوب العربية.

وأكد أنه «لن تنجح جهود القضاء على الإرهاب إلا بالتصدي وردع جميع أشكال التدخل في الشؤون الداخلية، خصوصاً التدخلات الإيرانية التي تهدف بشكل خطير إلى تصدير العنف والإرهاب لدولنا بصوره كافة، من خلال تدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وعن طريق التصريحات الإعلامية التحريضية والاستفزازية والدعم اللوجستي للجماعات الإرهابية بهدف إشاعة الفوضى والفتنة بين شعوبنا».

وطالب ملك البحرين إيران بـ»احترام مبادئ حسن الجوار والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، والتوقف الفوري عن جميع الممارسات التي من شأنها زعزعة الأمن القومي العربي والسلم الأهلي في الدول العربية».

اليمن

وقال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في كلمته، إن الحل لما يجري في بلاده أن يلتزم الانقلابيون بالمرجعيات المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وبقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 2216.

وأكد الرئيس هادي دعم حكومته الكامل لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد التي يبذلها من أجل نجاح المشاورات بالكويت. وأضاف أن «شعبه سيستمر في مقاومة الميليشيات الانقلابية المتمردة والمدعومة من إيران حتى عودة الشرعية ومؤسسات الدولة المنهوبة«.

وشدد في كلمته على أن الأمة العربية تواجه تحديات جسيمة فادحة على مستويات مختلفة تتطلب منا ترتيب الصفوف وحشد الهمم والجهود من أجل بلوغ الغايات التي تتوق إليها شعوبنا منذ زمن طويل وفي مقدمة هذه التحديات قضية الشعب الفلسطيني التي ستظل القضية المحورية المركزية الأولى للأمة العربية.

الأردن

وفي كلمة ألقاها نيابة عن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمام القمة، أدان رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي العمليات الإرهابية الجارية في عدد من دول المنطقة، مؤكداً أن «الإرهاب لا يعترف بحدود أو جنسية، وهو يسعى لتشويه صورة الإسلام ورسالته السمحة، والتصدي له والحرب عليه هي حربنا نحن المسلمين ضد خوارج هذا العصر، حربنا للدفاع عن ديننا ومستقبلنا، فإما أن نواجهه فرادى أو أن نأخذ القرار الصائب بالعمل الجماعي الشمولي، فلا توجد دولة محصنة من خطر الإرهاب وشروره، أو قادرة على مواجهته بمعزل عن محيطها الإقليمي والدولي».

البرلمان العربي

وقال رئيس البرلمان العربي أحمد بن محمد الجروان خلال كلمة له في القمة إنها «تنعقد في ظروف تستدعي مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية الكبرى وفي مقدمتها ظاهرة الإرهاب التي زُرعت في منطقتنا بهدف إضعافها وتفكيكها»، مشيراً إلى أن «العمليات الإرهابية الجبانة الأخيرة التي شهدتها العديد من دولنا العربية تثبت لنا ما تسعى إليه هذه الجهات الضالة المدعومة من جهات مغرضة، تهدف إلى إغراق المنطقة في بحور من الدماء والاقتتال الداخلي وإذكاء الصراع الطائفي الأمر الذي يتطلب منا كعرب قادة وشعوباً، مزيداً من التحرك الفوري والفعال على الصعد الأمنية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية للقضاء على هذه الظاهرة المقيتة واجتثاثها من جذورها»، مطالباً بـ»تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية التي باتت مطلباً ملحاً«، ودعا الجروان إلى «توحيد الجهود الدولية في محاربة الإرهاب».

وشدد أن «الشعب العربي يطالب بتحديد مستقبل العلاقات مع إيران وخصوصاً في ظل التدخلات المستمرة في الشأن العربي، وما يتضح لدينا من نيات سلبية تجاه الأمة العربية من تمويل لجهات تسعى الى زعزعة الأمن وتأجيج الطائفية في مناطق مختلفة من وطننا العربي، كما أن التدخل الإيراني المستفز والمستمر في الشأن العربي وبخاصة في الشأن البحريني يعبر عن أنها ليست دولة صديقة لجيرانها العرب، إلى جانب التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية حيث طالب المجتمع الدولي بالعمل على وقف هذه التدخلات المنافية للقانون الدولي، بما يحقق النتائج التي سعت اليها عاصفة الحزم وعملية إعادة الأمل بقيادة المملكة« في اليمن.