تنعقد القمة العربية اليوم في نواكشوط وسط حال من التشرذم والانقسامات التي تضرب الصف العربي، عكسته بوضوح نسبة التمثيل الضعيف للرؤساء والقادة العرب، وهو ما ترك انطباعا سلبيا أن القمة انتهت قبل ان تبدأ.
ولم تكن حال لبنان أفضل بما ان الوفد اللبناني اليها الذي يرأسه رئيس الحكومة تمام سلام تقلص من مشاركة لأربعة وزراء هم وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وزير المال علي حسن خليل، وزير الصحة وائل ابو فاعور، ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، لتنحصر في نهاية المطاف بالوزير درباس مرافقا لسلام الى القمة، وهو ما دفع رئيس الحكومة الى القول امام الصحافيين الذين سألوه عما يحمله من لبنان الى نواكشوط، انه يحمل "رشيد درباس".
وإذا كان الوزراء الثلاثة اعتذر كل منهم على طريقته الى سلام، عن عدم المشاركة في الوفد، مبررا ذلك بأسباب طارئة، كخليل الذي يؤثر عدم الغياب عن لبنان في غياب رئيس المجلس نبيه بري عن البلد، او ابو فاعور الذي سافر الى باريس حيث النائب وليد جنبلاط، او باسيل الذي استجد عليه موضوع سياسي طارئ جداً على ما تبلغ سلام، فإن هذه المبررات لا تخفي أسبابا أعمق تتصل بتجنب الإرباك او الإحراج الذي سيخلفه البيان الختامي للقمة، والذي يتضمن ثلاثة بنود محرجة للبنان وحكومته، أحدها يتعلق بتصنيف "حزب الله" إرهابياً، والثاني بإدانة لإيران والثالث متصل بالتضامن مع لبنان.
ففي البند الاول، بات واضحا ان لبنان تحفظ عن التصنيف المتعلق بالحزب، كما انه يتعامل مع البند المتعلق بايران على قاعدة "حسن الجوار"، فيما يبقى البند الشائك الذي يثير قلق رئيس الحكومة المتصل بالتضامن مع لبنان، بعدما بلغه ان القمة ستنأى عن تأييد هذا البند.
والواقع وفق سلام الذي كان له دردشة مع الوفد الإعلامي المرافق الى القمة، أن ما يقلقه ليس البند المتعلق بالحزب بما ان موقف لبنان ثابت في هذا الشأن، وإنما مسألة التضامن: "لقد حصل إشكال في السابق ومررنا بمرحلة صعبة نأمل ان نكون تجاوزناها".
وإذا كان جواب سلام المعلن عن اتجاه القمة نحو التحفظ عن بند التضامن مع لبنان هو بالقول انه "عندما تنعقد القمة نرى"، فإن الواقع مختلف، اذ لا يخفي رئيس الحكومة انزعاجه من استمرار التضييق العربي على لبنان، وعدم تجاوز الخليج الإشكال المشار اليه، وهو لذلك لا يفوت مناسبة عربية إلا يشارك فيها، ليقول ان لبنان موجود ويحتاج الى الدعم والاحتضان العربيين. ويضيف: "نحن دائماً كمن يطلق النار على قدمه"، وذلك في معرض رده على الانزعاج الموريتاني من الموقف اللبناني من الاستعاضة عن الإقامة في نواكشوط بالإقامة في الدار البيضاء، مضيفا: "اننا لم نسمع من سفيرنا في نواكشوط إلا كلاما طيبا، ولا سبب ليكون غير ذلك. نحن ذاهبون الى المؤتمر وكلنا طموح أن يكون لنا دور فيه وموقف وحضور مع العرب، ولا تكون مشاركتنا شكلية".
وعما يحمله الى القمة يقول: "نحمل قضيتنا وتداعيات الأزمة السورية وحاجتنا الى الدعم وأي إمكانات أو فرص تعزز صمودنا وقدرتنا على حماية الاستقرار. فنحن بلد مضياف لكننا لسنا بلد توطين او إقامة دائمة".
وهل سيسبب أي قرار للجامعة إرباكا للبنان في شأن "حزب الله"، أجاب: "حصل ذلك سابقا، وإذا تكرر فسنعالجه بالطريقة المناسبة. "حزب الله" مكون أساسي ونحن حرصاء على الاستمرار في ما يؤمن صمودنا الداخلي في هذه الظروف الصعبة. و"حزب الله" جزء من القرار الداخلي في مواجهة كل الاستحقاقات".
وفي الملفات الداخلية، يؤكد سلام أنه والرئيس بري حريصان على إنجاز ملف النفط، كاشفا عن ان موعد انعقاد اللجنة الوزارية مرهون باستكمال كل المعطيات لا اكثر.
وكشف أن "ثمة عوائق تحتاج الى تذليل قبل إقرار الموازنة، مثل قطع الحساب وتمويل المحكمة الدولية وسلسلة الرتب والرواتب، وهي تتطلب نقاشا داخل المجلس، وأرجو ان نتمكن من تجاوزها وإقرارها تمهيدا لإرسالها الى مجلس النواب بما يعطي إشارة إيجابية عن الوضع الداخلي".
وأكد أن "الدستور يجيز للحكومة إقرار الموازنة بمرسوم ثم إعادة عرضها على المجلس النيابي، ولكن طبعا هناك كلام ان ما يسمح به الدستور يجب ان يذيل بتوقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وفي غياب الرئيس يطرح السؤال من سيوقع هذا المرسوم؟ وهل هذا من الصلاحيات اللصيقة بالرئيس ام لا؟".
ولكن هل يمكن الحكومة ان تصدر الموازنة بمرسوم قبل إعطاء المجلس مهلة لدرس المشروع؟ أجاب: "لمَ لا. نعطيه مهلة وتفتح دورة استثنائية اذا تطلب الامر في كانون الثاني.
لا بد من الإشارة الى ان الموازنة لا تزال قيد الإعداد وتحتاج الى ما لا يقل عن شهرين، وآمل حينها ان نحيلها على مجلس النواب وإلا تعود الى الحكومة".
وهل نحن ذاهبون الى التمديد لقائد الجيش، يتحفظ سلام عن الإجابة منعا لاستباق الأمور. لكن ما بات واضحا ان لا مجال للتمديد لرئيس الأركان في الجيش. أما موضوع قائد الجيش، فهذا أمر آخر!
■ يلقي سلام كلمة لبنان في الجلسة الاولى، على ان يشارك في جلسات العمل اللاحقة والختامية.
سابين عويس