أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن الرياض مستعدة لإرساء تعاون استراتيجي مع روسيا، مقابل تخليها عن الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال الجبير في مقابلة مع صحيفة “بوليتيكو” الأميركية خلال زيارته إلى بروكسل، إن المملكة العربية السعودية مستعدة للتعاون مع روسيا بصفتها من أكبر منتجي النفط في العالم.

وتطالب السعودية بضرورة تخلي الأسد عن السلطة لاستعادة السلام في سوريا، حيث ترى أن استمراره سيكون عاملا جاذبا للجماعات الإرهابية، فضلا عن كونه بات أداة تحركها إيران لتنفيذ أجندتها العدوانية تجاه دول المنطقة.

وكانت الرياض قد دعت في أكثر من مناسبة موسكو إلى التدخل والضغط على الأسد للتنحي عن الكرسي، وهي لا تزال تأمل في أن تقدم موسكو على هذه الخطوة، في ظل منطق البراغماتية الذي يتحلى به قادة الكرملين.

وتأتي هذه التصريحات والدعوات امتدادا للزيارة التي قام بها منذ أشهر ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى روسيا، والتي بحث خلالها المسألة السورية مع الرئيس فلاديمير بوتين، حيث شدد الطرفان على نقاط التقاء كثيرة في هذا الملف ومنها محاربة الجماعات الإرهابية.

واعتبر الجبير في المقابلة التي نشرت الجمعة 22 يوليو، أنه من المنطقي أن تقول موسكو إن ما يصب في مصالحها هو تعزيز دفع علاقتها مع الرياض قدما إلى الأمام وليس مع الأسد.

وأوضح وزير الخارجية السعودي”أننا مستعدون لإعطاء حصة لروسيا في الشرق الأوسط ستحوّل روسيا إلى قوة أكبر بكثير بالمقارنة مع الاتحاد السوفيتي”.

وشدد قائلا “إننا نختلف (مع الروس) بشأن سوريا، لكن خلافنا يتعلق بالدرجة الأولى ليس بنتيجة اللعبة بل بالطريق التي تؤدي إليها”.

وأعربت موسكو في أكثر من مرة عن مخاوفها من أن تلقى سوريا نفس مصير العراق وليبيا بعد سقوط كل من الرئيس الراحل صدام حسين والعقيد معمر القذافي.

وتعتبر موسكو أن بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية قد يكون مفيدا لمنع تكرار نفس السيناريو، وفي المقابل ترى الرياض أن الوضع في سوريا لا يحتمل وأن عملية السلام تظل رهينة رأس النظام.

وقال الجبير للصحيفة الأميركية إن أيام الأسد معدودة، متوجها إلى الروس “اقبلوا الصفقة ريثما يمكنكم ذلك”.

وكرر الوزير السعودي خلال المقابلة الاتهامات إلى إيران بالوقوف وراء كافة مشاكل المنطقة. وأصر على أن التشكيلات المسلحة التي تدعمها إيران، وهي حزب الله في لبنان وسوريا، والميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن، تشكل عامل زعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط.

ويقول متابعون إن العرض الذي تقدمه السعودية إلى روسيا هو عرض مغر، وهو نابع من إرادة سياسية قائمة على تنويع العلاقات وعدم حصرها في جانب واحد وهو الجانب الأميركي الذي تنظر إليه السعودية بعين الريبة خاصة بعد توقيعه على اتفاق مع إيران بخصوص ملفها النووي.

ولا ترى المملكة العربية السعودية ضيرا في محاولة احتواء الموقف الروسي من سوريا من بوابة المصالح الاقتصادية التي قد تربط بين الطرفين، وتؤسس لمرحلة جديدة بالنسبة إلى كليهما.

ويتوقع متابعون أن يأخذ المسؤولون الروس على محمل الجد الدعوات السعودية التي تشكل العمق الاستراتيجي للعالم العربي.

وتتزامن الدعوات السعودية مع تصاعد المجهودات الروسية الأميركية لاستئناف العملية التفاوضية بين النظام والمعارضة.

وصرح المتحدث باسم الأمم المتحدة في جنيف، ريال لوبلان، الجمعة، بأن دبلوماسيين من روسيا والأمم المتحدة وأميركا، يخططون لعقد اجتماع على مستوى عال جدا في جنيف، الأسبوع المقبل، لمناقشة الأزمة السورية.

وقال المتحدث “يمكنكم أن تترقبوا اجتماعا على مستوى عال جدا”، دون ذكر المزيد من التفاصيل.

ومن جانبها قالت جيسى شاهين، المتحدثة باسم مبعوث الأمم المتحدة الخاص للأزمة السورية، ستيفان دى ميستورا،إن هناك حاجة لصياغة تفاصيل بشأن عقد الاجتماع ومتى يكون ذلك؟ لكنها رفضت تحديد ما إذا كان مستوى الاجتماع سيرقى إلى أكثر من اجتماعات تقنية عادية”، على حد تعبيرها.

وتجدر الإشارة إلى أنّ جولة محادثات جنيف بين النظام والمعارضة السورية، والتي انطلقت في يناير وشهدت 3 جولات آخرها في أبريل، لم تسفر عن نتائج ملموسة.

وأعلنت المعارضة حينها أن الانتهاكات المتكررة من قبل النظام لـ”اتفاق وقف الأعمال العدائية”، الذي بدأ سريانه في 27 فبراير، أوصلت المحادثات إلى طريق مسدود.

صحيفة العرب