تتداول وسائل إعلاميّة ملف استيراد أجهزة وهمية لكشف المتفجرات إلى لبنان، حيثُ طالب مسؤولون بالإعلان عن الإجراءات التي اتخذت للتأكد من صلاحيتها وبالكشف عن هوية موردي هذه الأجهزة في حال ثبوت تزويرها وتحديد مستوى الرقابة الفنية القائمة لمنع استيراد أجهزة مشابهة مستقبلاً خاصة أنّ هذه الأجهزة تستخدم من قبل المؤسسات الأمنية الرسمية وشركات الأمن الخاصة.
ويقول المحللون إن عدة أجهزة مزورة طرحت في الأسواق مثل الجهاز المعروف بـ ADE 651 الذي أثار جدلاً دولياً كبيراً، كما هو الحال مع جهازي GT200 وAlpha 6 المطابقة تقريباً. وبالعودة في الذاكرة، فقد بثّت هيئة الإذاعة البريطانية تقريراً عام 2010، شارك فيه مهندسون وخبراء وعلماء فيزيائيون وكيميائيون، أثبت بالدليل القاطع فشل تلك الاجهزة في كشف المتفجرات.
وفي تقرير نشره موقع "الأمن والدفاع العربي"، لفت إلى أنّ أجهزة "العصا السحرية" التي تستخدم للبحث عن المتفجرات والكوكايين والعاج المهرب ولتأمين المطارات وحماية فنادق بمناطق عدة في الشرق الأوسط. لكنّه كشفَ أنّ جميع تلك الأجهزة كانت "وهمية"، وسقط بسببها آلاف القتلى والجرحى، وعلى الرغم من ذلك، لا تزال تستخدم حتى الآن في نقاط التفتيش في العراق، وحماية المواقع في باكستان، وحراسة الفنادق بالشرق الأوسط وفي لبنان.
قصة البداية للأجهزة الوهمية
في البداية بدأ بيع النموذج الأول من الجهاز في الولايات المتحدة وأطلق عليه اسم غوفر (السنجاب) وزعم أن الجهاز البلاستيكي، الذي تبلغ قيمته 20 دولارا، يستخدم تكنولوجيا متقدمة، و"جرت برمجته على اكتشاف العناصر الموجودة في كرات الغولف". وبعد فترة تمّت إضافة علامة تجارية جديدة للجهاز، تحول "غوفر" إلى جهاز الكشف كوادرو (Quadro Tracker) – وتم تسويقه من قبل بائع سيارات مستخدمة كجهاز لاكتشاف المخدرات والمتفجرات، غير أن الشرطة الفيدرالية الأميركية اوقفت بيع الجهاز وصنفته كعملية احتيال ومنعت بيعه في الولايات المتحدة.
عام 1996، جلب رجل بريطاني كان مشاركاً في عملية إنتاج الجهاز الفكرة إلى بريطانيا ليعيد بعثها من جديد تحت اسم "مول" وجرت محاولات لتسويقه وبيعه للوكالات التابعة للحكومة البريطانية، وفي عام 2001، أجرى الخبير التقني في وزارة الداخلية، تيم شيلدون، اختباراته على الجهاز وأعلن أن الجهاز مزيف وهو لا يستطيع كشف المتفجرات. لكن المحتالين في بريطانيا الذين يقفون وراء أجهزة الكشف الوهمية غيروا اسم الجهاز وغلافه مرة أخرى، وسعوا للبحث عن أسواق جديدة تقل فيها الأسئلة وتستطيع فيها الرشى إنجاز الصفقات المربحة، فوجدوا الشرق الأوسط والعراق ولبنان.
وكانت تباع مع بعض الأجهزة "بطاقات كاشفة" يزعم المحتالون أنها مبرمجة للعثور على كل شيء بدءا من المتفجرات والبشر والأموال النقدية من الدولار عبر الحوائط الإسمنتية والماء وعلى مسافات بعيدة.
لم تشتر الحكومتان البريطانية والأميركيّة الجهاز لأنفسهما قط، لكن الحكومة البريطانية استغرقت حتى عام 2010 كي تفرض قيوداً على مراقبة الصادرات، وعندئذ فقط منعت بيعها إلى العراق وأفغانستان. ولا تزال الأجهزة الوهمية تستخدم حتى الآن في نقاط التفتيش في بغداد.
أما في لبنان فحدث ولا حرج. ففي صور حديثة لنقطة تفتيش على احدى مداخل الضاحية الجنوبية يظهر رجال أمن "حزب الله" وهم يستخدمون الأجهزة الوهمية لكشف المتفجرات، وما زالت الشركات الأمنية الخاصة تستعمله في حماية المولات والمحلات التجارية الكبرى!
(الأمن والدفاع العربي)