قبل نحو شهرين، وصل التوتر إلى ذروته بين حزب الله وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على خلفية تصريحات للأخير، وطريقة تطبيق العقوبات الأميركية على حزب الله من قبل بعض المصارف اللبنانية.
فالحاكم كان قد وعد الحزب بعدم المبالغة في تطبيق قانون العقوبات الأميركي، ثم عاد بعض المصارف وبدأ تنفيذ الاجراءات الأميركية، مستهدفاً أشخاصاً لم ترد أسماؤهم على اللوائح التي تصدرها السلطات في واشنطن. وصار إقفال الحسابات في مؤسسات مصرفية أسهل بما لا يُقاس من فتحها. وارتفع منسوب التوتر بين الحزب وحاكم مصرف لبنان إلى الذروة بعد حديث الأخير التلفزيوني إلى شبكة «سي أن بي سي» في الثامن من حزيران الماضي، حيث قال: «لا نريد أن يكون بضعة لبنانيين السبب في تسميم صورة لبنان وتشويهها في الأسواق المالية». ردّ الحزب الكلامي كان قاسياً، في بيان كتلة الوفاء للمقاومة.
وتزامن التفجير الذي تعرّض له المقر الرئيسي لبنك لبنان والمهجر في فردان (يوم 12 حزيران) مع تدخل وسطاء بين الحزب وسلامة، لتبدأ أسقف بعض المصرفيين بالانخفاض. لاحقاً، قرر الحاكم استعادة زمام المبادرة، وبدأ بتطبيق «الإعلام» الذي أصدرته هيئة التحقيق الخاصة (في جلستها الخاصة يوم 26/5/2016) لتوضيح تعميم مصرف لبنان رقم 137 المتعلق بأصول التعامل مع القانون الأميركي بشأن منع وصول حزب الله إلى المؤسسات المالية الأجنبية. وهذا «الإعلام» يمنح هيئة التحقيق سلطة بتّ طلبات المصارف إقفال حسابات مشكوك فيها، بعدما أقفلت بعض البنوك حسابات أشخاص وجمعيات خيرية ومستشفيات ومؤسسات تربوية غير مدرجة على لوائح العقوبات الأميركية.
وبعد بدء تطبيق التعميم، تبيّن أن الهيئة لم تسمح بإقفال حسابات لمستشفيات ولا لجمعيات خيرية أو تربوية، كما أنها ترفض تجميد أو إقفال حسابات غير مشكوك في عملياتها، وغير مشمولة بالعقوبات الأميركية. وبعد مراقبة أداء الهيئة على مدى أكثر من شهر، بعث حزب الله برسالة إلى سلامة عبر أحد الوسطاء، تتضمن تقديراً لدوره في لجم بعض المؤسسات المصرفية، ومنعها من تحويل القانون الأميركي إلى أداة لمعاقبة بيئة المقاومة. وقالت مصادر مطلعة لـ»الأخبار» إن الحزب لا يزال يراقب أداء القطاع المصرفي، وهو لن يسمح بتحويل القوانين الأميركية إلى أداة «للانتداب المصرفي». والحزب، في الوقت عينه، ينظر بعين الإيجابية إلى كل من يساهم في التخفيف من مغالاة بعض المصرفيين في هذا المجال.
من جهة أخرى، لم تخلُ جلسة مجلس الوزراء أمس من «المناوشات»، خاصة في ملفي عقدَي إدارة شركتي الهاتف الخليوي ومناقصة الفرز والطمر في ملف النفايات في بيروت. فقد وقعت مشادة كلامية بين رئيس الحكومة تمّام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق على خلفية طلب الأخير مهلة عشرة أيام ريثما يطّلع على تقارير مجلس الإنماء والإعمار بشأن مناقصة النفايات والتي لم يتسلّمها بعد، فردّ سلام معتبراً أنّ تأخير هذا الملف يضاعف المشاكل، وطلب بتّ المسألة في أقرب وقت. غير أنّ المشنوق ردّ بحزم قائلاً إنّه مكلّف من مجلس الوزراء وإنّ التأخير سببه عدم حصوله على التقارير. ولفت إلى وجود مشكلة في عاليه والشوف بعد إقفال مكب الكوستابرافا، غير أنّ وزيري الحزب التقدمي الاشتراكي تحدّثا عن مشروع حل لهذه المشكلة. وقد قُطع النقاش هنا بإعادة تكليف المشنوق الذي طلب استدعاء رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر لاتخاذ موقف من موضوع الطمر والفرز.
في موازاة مشادة النفايات، «دبكت» بين الوزيرين جبران باسيل والياس بو صعب من جهة، والوزير بطرس حرب من جهة أخرى في ملف الاتصالات، على خلفية مناقصة التجديد للخليوي، لا سيما أن باسيل كان الأسبوع الماضي قد ذكر أن حرب أجرى تعديلاً على بندين في دفتر شروط المناقصات المقدم، معتبراً أنّ ذلك يناقض الاتفاق الذي جرى في مجلس الوزراء. وقد اتّهم باسيل أمس حرب بتعديل البندين لـ«تطيير» شركة «أوراسكوم» المشغلة لشبكة «ألفا» من المناقصات، لأن حرب يتهم إدارة «أوراسكوم» في لبنان بأنها مقرّبة من التيار الوطني الحر. وقد استمر النقاش بشأن ملف الاتصالات من العاشرة والنصف صباحاً لغاية الواحدة من بعد الظهر. وبحسب المصادر، يرفض وزيرا التيار الوطني الحر أن «يُجري حرب مناقصة شركات الخليوي مع إضافة التعديلات على دفاتر الشروط»، في حين أنّ حرب «بدا مُصرّاً على أنّ هذه التعديلات أساسية لسدّ الثغر في دفاتر الشروط». انتهى النقاش بالاتفاق على تكليف حرب بإعداد مشروع وتقديم مقترحاته بخصوص عقدَي إدارة شركتي الهاتف الخليوي ومتابعة بحث هذا الموضوع في جلسة مخصصة لمناقشة ملف الاتصالات في ٢٧ الجاري.
أما في ما خصّ الهبات المُقدّمة للمجتمعات التي تستضيف لاجئين سوريين على أراضيها، فقد قسمت الوزراء «حول أحقيّة كل منطقة وكل قطاع في الحصول على المساعدة». وفي هذا الإطار، «شهد النقاش توتراً بين الوزيرين رشيد درباس الذي يريد تجيير المساعدات إلى طرابلس ووائل أبو فاعور الذي يعتبر أن من حق وزارة الصحة الحصول على المساعدات». فسأل أبو فاعور درباس إن كان «مرفأ سياحي في طرابلس أولى بالمساعدات من المستشفيات».
الجرذان تقلق سلام!
في المقابل، يستعد الوفد اللبناني برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام للانتقال إلى موريتانيا في الخامس والعشرين من الجاري للمشاركة في قمة عربية، علماً بأن وزير المالية علي حسن خليل كان قد أبلغ سلام أنّه لن يشارك في الوفد بسبب ارتباطات معينة، فيما السبب الحقيقي هو استياء الرئيس نبيه بري من عدم إدراج سلام ملف النفط والغاز على طاولة مجلس الوزراء، علماً بأنّ الرئيس سلام قرر عدم المبيت في نواكشوط بل في المغرب، عازياً السبب إلى دواعٍ بيئية وصحية، «بعدما وردت إلى رئاسة الحكومة معلومات عن انتشار الجرذان في فنادق العاصمة الموريتانية»، بحسب ما زعمت مصادر وزارية!
أما على الصعيد الأمني، فقد أوقف الجيش باخرة قادمة من تركيا للاشتباه في وجود ذخائر حربية على متنها استناداً إلى معلومات أمنية تفيد بنقل شحنات أسلحة إلى مجموعات مسلحة في الشمال اللبناني. وقد نفّذ عناصره عملية مسح للشحنات الموجودة على متن الباخرة، من دون أن يُعرف إذا ما تم ضبط أسلحة أو ذخائر أو ممنوعات. وقد اتخذ تدابير أمنية مشددة في مرفأ طرابلس حيث طوّق الباخرة الآتية من تركيا، كذلك أجرى عملية تفتيش واسعة داخل المرفأ. وقرر الجيش نقل الشحنات إلى مرفأ بيروت لتفتيشها، بسبب تعطّل جهاز المسح في مرفأ طرابلس.