فيما يواجه لبنان اختباراً دقيقاً جديداً لدى مشاركته في القمة العربية المقرر عقدها في نواكشوط عاصمة موريتانيا الاثنين المقبل من خلال تحفظ دول عربية وخليجية عن بند "التضامن مع لبنان"، شهدت جلسة مجلس الوزراء أمس فصلاً جديداً من فصول التجاذبات والمناكفات حول ملف الخليوي الذي أضيف الى قائمة الملفات الخلافية المتراكمة من دون أي افق من شأنه ان ينهي دوامة ترحيل الملف تلو الآخر.
وفي جلسة "المشاكل واللاحلول"، كما وصفها عدد من الوزراء، بقي الخلاف على حاله في شأن المناقصة ودفتر الشروط لادارة شبكتي الهاتف الخليوي الذي ينتقل من جلسة الى أخرى. وبذلك يستمر وزير الاتصالات بطرس حرب يمدّد شهراً فآخر لشركتي "الفا" و"ام تي سي"، الى أن تجري مناقصة التلزيم، كما يستمر الخلاف على دفتر الشروط معرقلاً المناقصة. وهذا ما أدى الى انفجار سجال بين الوزير حرب من جهة والوزير جبران باسيل مدعوماً من الوزراء حسين الحاج حسن ومحمد فنيش والياس بو صعب من جهة أخرى، فيما تقدم وزير الثقافة روني عريجي بمشروع حلّ وسطي بأن تجرى المناقصة على مرحلتين وأن تعطى علامات على عدد السنين وعدد الخطوط التي تديرها الشركة العارضة. ووصف الوزير حرب اقتراح عريجي بأنه جيّد، مشيراً الى أنه سيأخذ به في تصوّره المقبل.
وأفادت أوساط وزارية ان النقاش دار حول دفتر الشروط المتعلق بمناقشة إدارة وتشغيل الخليوي، واقترح وزير الاتصالات حصر النقاش بالقضايا التي أثيرت والاعتراضات التي كانت قدمت على دفتر الشروط الذي اقره مجلس الوزراء. وطلب ان يحصر البحث في الاعتراضات وليس إعادة النظر في مجمل دفتر الشروط. وأفسح في المجال لعرض الاعتراضات ونوقشت. وجرى نقاش اتسم بالحدة في بعض جوانبه. الفريق المعترض الذي ضم الوزراء باسيل وأبو صعب وفنيش رفض وضع شروط لا تكون فيها شركة "اوراسكوم". فكان المطلوب خفض عدد المشتركين في الشبكات من ١٠ ملايين كل سنة الى مليونين كل سنة لكي تتمكن شركة "اوراسكوم" من دخول المناقصة.
واعتبر وزير الاتصالات أن القطاع يتجه الى جيل متطور وان عدد المشتركين قد يفوق العدد الحالي بكثير الى جانب الدخول في الجيل الرابع والخامس مما يحتم وجود شركات تملك خبرة كافية قادرة على ان تطور الجيل الرابع وان تدخل القطاع في الجيل الخامس وتلبي حاجات اعداد كبيرة من المشتركين يفوق العدد الحالي، وقادرة على إدارة شبكات من ١٠ ملايين مشترك وما فوق. وشدد على انه اذا كان هذا العدد سيخفض فهو شخصياً لن يوافق عليه. واذا كان المطلوب ادخال شركة معينة وتمسك فريق بإدخالها فهو قد أدخل تعديلاً في الكتاب الذي ارسل الى مجلس الوزراء يقضي بقبول اتحاد الشركات Consortium او شركة فرعية Filiale شرط ان تتعاون شركات الـ Consortium التي لا تملك الطاقات الفنية الضرورية مع شركة فنية كبيرة تكون مسؤولية عن ضمان حسن التنفيذ والتطوير. وفي حال الـ Filiale ان تتعهد الشركة الام مع الحكومة حسن التنفيذ والتطوير. وهذا ما يسهل دخول كل الشركات بما فيها شركة "أوراسكوم" التي يتمسك بها الفريق المعارض. مع العلم أن شركة "أوراسكوم" لم تعد تدير أي شبكة في العالم الا في لبنان.
لكن الفريق الاخر تمسك بموقفه واتهم الوزير حرب بأنه يتعمد ابعاد شركة "الفا" لأن موظفيها من التيار العوني. فرد حرب بحدة بأنه يحاول رفع مستوى الخدمات ولو كان يريد تطبيق سياسة حزبية لكان استبعد عددا كبيرا من الموظفين الحزبيين في هيئة المالكين الذين لا يربطهم أي شيء بوزارة الاتصالات. وخاطب الفريق المعترض قائلاً: "إذا كنتم متمسكين الى هذه الدرجة بإعطاء شركة أوراسكوم إدارة شبكة خليوية رغم عدم تمتعها بالشروط الفنية المطلوبة، فليقرر مجلس الوزراء إعطاءها هذه الشبكة دون مناقصة اذا كان هذا ما تطالبون به".
وأرجأ مجلس الوزراء الملف الى جلسة لاحقة على أن يضع حرب تصوره بعد الاخذ بالملاحظات والمقترحات التي عرضها الوزراء، وهو أكد أنه لن يأخذ الا بالجيّد منها، لأن بعض الملاحظات هي للتعطيل والمماحكة ولحماية شركة وفريق مسيطر.
وطرح الوزيران محمد فنيش وحسين الحاج حسن كارثة تلوّث نهر الليطاني وانقسمت الآراء حيال أسبابها. وفيما رأى وزير الزراعة أكرم شهيّب ان الحلّ هو بإقفال المرامل عند المصبّ، عارض وزير الداخلية نهاد المشنوق وجهة النظر هذه وقال إن المشكلة لا تقتصر على اقفال المرامل، بل تبدأ من النبع وصولاً الى المصبّ، وأشار الى أنه طلب وضع دراسة عن تأثير المرامل. وتقرّر أن يعقد مجلس الوزراء جلسة خاصة بمشكلة الليطاني لحلّها، وشكّل لجنة وزارية لدرس الملف.
ويشار في هذا السياق الى ان وزير الصحة وائل ابو فاعور شدد في حديث الى برنامج "كلام الناس" مساء امس على ان التعديات على نهر الليطاني تستوجب تحرك النيابة العامة لتغريم المعتدين وحماية مجرى النهر. وتناول الاتفاق في ملف النفط بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل معتبراً ان اي اتفاق يجب ان يتم في الوزارات المعنية. وكشف انه " تنامى اليه انه تم بيع الداتا النفطية بـ137 مليون دولار وان الدولة استفادت فقط بـ30 مليونا منها".

 

لبنان والقمة
في غضون ذلك، بدا أمس من خلال اجتماع تمهيدي لكبار الموظفين في جامعة الدول العربية في نواكشوط، ان لبنان يتحسب لموقف متحفظ لدى الدول الخليجية عن البند الخاص بالتضامن معه المدرج في جدول أعمال القمة العربية التي سيرأس وفد لبنان اليها رئيس الوزراء تمام سلام ويضم عدداً من الوزراء. ومثل المندوب المناوب لدى الجامعة المستشار انطوان عزام لبنان في هذا الاجتماع الذي يسبق اجتماع وزراء الخارجية العرب غداً وألقى كلمة نبه فيها الى تداعيات التغيير الذي طرأ على التركيبة الاجتماعية في لبنان والناجمة عن لجوء مليون ونصف مليون سوري الى لبنان، داعياً الى التضامن معه لمساعدته على تحمل اعباء "الفاتورة الكبيرة التي احدثها اللجوء السوري". وقال: "لكم الحق بالنأي عن التضامن مع لبنان ولكن ألا ترمونه بهذه الخطوة في عين العاصفة وتعزلونه عن محيطه العربي؟ ان وفد لبنان يأمل ان يعيد الأخوة في مجلس التعاون الخليجي النظر في نأيهم عن التضامن مع لبنان وان يبقوا الى جانبه".

 

الراعي في القاع
على صعيد آخر، قام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس بزيارة لبلدة القاع معزيا بشهدائها الذين سقطوا خلال الهجمات الانتحارية الارهابية على البلدة قبل أسابيع. وقال الراعي ان شهداء القاع " افتدوا بارواحهم القاع وكل لبنان"، وخاطب اهالي البلدة قائلاً: "أنتم سياج الوطن والمنطقة ونحن هنا لنبقى ونحافظ على وطننا ولبنان الرسالة". كما حيا الجيش والقوى الامنية مشدداً على "ان لا شيء يحمينا سوى دولة القانون".