أكد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة أن البنك سيواصل مراقبة التزام البنوك المحلية بقانون يستهدف المصادر المالية لحزب الله، وذلك بعد أسابيع من هجوم بقنبلة استهدف مصرفا لبنانيا كبيرا بعد أن شرع في إغلاق حسابات مرتبطة بالحزب.
وقال إنه يجب تفعيل القانون الأميركي من أجل إبقاء البنوك اللبنانية في إطار النظام المالي العالمي وتحقيق الاستقرار للاقتصاد المثقل بالديون في الوقت الذي يتضرر فيه النمو وقطاع السياحة من الحرب الدائرة في سوريا.
وأضاف أن “هذه العملية تحظى باحترام البنوك وهناك لجنة للتحقيقات الخاصة تنظر في كل طلب لإغلاق حسابات يصفونها بأنها تخالف القانون”. وأقر بأن القانون “خلق الكثير من التوتر في البلاد والتوتر ليس جيدا للبنان لكننا بشكل عام احتفظنا بأهدافنا”.
ويحذر القانون الذي بدأ تطبيقه في ديسمبر، من حجب أي بنك يتعامل مع حزب الله من السوق الأميركية، إذ تصنف الولايات المتحدة الحزب كمنظمة إرهابية. وقد أوجد ذلك خلافا بين البنك المركزي وحزب الله الذي يرى أنه انتهاك للسيادة.
وأكد سلامة ووزارة الخزانة الأميركية مرارا أن قانون مكافحة تمويل حزب الله لم يوضع للإضرار باقتصاد لبنان أو لمنع المنتمين إلى الطائفة الشيعية في لبنان من حق استخدام الخدمات المصرفية.
136.7 بالمئة نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان في نهاية العام الماضي
ويحظى حزب الله بدعم قوي بين الطائفة الشيعة في لبنان. ومن بين أعضاء الحزب وزراء ونواب بالبرلمان ومستشارون. ولم يكشف سلامة في تصريحاته لوكالة رويترز عن عدد الحسابات المصرفية التي أغلقت حتى الآن أو عدد من يخضعون للتحقيقات.
وتعد الثقة في مصرف لبنان المركزي ذات أهمية كبيرة وينظر إليه على أنه من المؤسسات القليلة الفاعلة في البلاد، خاصة في ظل وصول الدين الحكومي إلى 136.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الماضي، محتلا المرتبة الثالثة بين البلدان الحاصلة على تصنيف وكالة فيتش.
وقال سلامة، الذي تولى منصبه في عام 1993 بما يضعه حاليا في الترتيب الثاني بين أقدم محافظي البنوك المركزية في العالم من بعد محافظ بنك أوزبكستان المركزي إن “القطاع المصرفي في لبنان هو حجر الزاوية للاستقرار في البلاد… لبنان يجري تمويله من خلال القطاع المصرفي فقط”.
وتتعرض المرونة الاقتصادية التقليدية في لبنان إلى ضغط متزايد جراء عدم الاستقرار في المنطقة وعبء اللاجئين الضخم.
ويتوقع سلامة أن يتراوح معدل النمو بين 1.5 و2 بالمئة في العام الحالي، بما يتماشى مع توقعات البنك الدولي لنمو نسبته 1.8 بالمئة، لكن بما يقل كثيرا عن معدلات النمو التي جرى تسجيلها في السنوات التي سبقت عام 2011 والتي دارت بين 8 و9 بالمئة.
رياض سلامة: القطاع المصرفي في لبنان هو حجر الزاوية للاستقرار في البلاد
كما أن الشلل السياسي الذي أبقى منصب رئيس البلاد شاغرا لأكثر من عامين يختبر الثقة في البلاد ويحد من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وانخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تعد موردا هاما للعملة الصعبة إلى نحو 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي مقارنة مع 12.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009، بحسب بيانات مصرف لبنان المركزي والبنك الدولي.وقال سلامة إن وجود النازحين السوريين أدى إلى أعباء مالية كبيرة على الاقتصاد اللبناني “كما أدى إلى تراجع الاستثمار والاستهلاك… لأن الكثير من مواطني الخليج لم يعودوا يأتون للتسوق في بيروت أو لشراء عقارات في لبنان بسبب الحرب الدائرة في سوريا”.
وخفضت وكالة فيتش تصنيف لبنان الائتماني إلى “بي – سالب” من “بي” في الأسبوع الماضي مستندة إلى المخاطر السياسية والأثر الكبير للحرب الدائرة في سوريا على الجانبين السياسي والاقتصادي في لبنان.
وكانت آخر مرة يحصل فيها لبنان على تصنيف “بي سالب” في عام 2006 خلال الصراع بين إسرائيل وحزب الله. وأدى التأزم السياسي الذي تسبب في خلو منصب الرئيس أيضا، إلى تعطل قوانين تسمح بالتنقيب عن النفط والغاز، وهو نشاط من الممكن أن يجلب إيرادات تساعد في تقليص عجز الموازنة، إضافة إلى تعطيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتي تهدف إلى إنعاش الخدمات العامة.
وقال سلامة إن “لبنان بحاجة إلى تنظيم تحركاته بشأن الإصلاحات… الوقت الذي نهدره مكلف”. وأضاف أن البنك المركزي سيظل يحقق الاستقرار للاقتصاد حتى تصبح الحكومة أكثر فاعلية وتقر الموازنة وتعالج العجز الهيكلي “مهما طال الزمن”. وأضاف أن “السيناريو الآخر ليس جيدا للبنان ومكلف أكثر من التكلفة التي نتحملها كمصرف مركزي للحفاظ على ثقة الأسواق”. وأكد أن الثقة في البنك المركزي مازالت مرتفعة وأنها تؤكد أن لبنان بإمكانه الاستمرار في تمويل نفسه.
وقال سلامة “يمكنك أن تستشف ذلك من الاستقرار الذي نشهده في أسعار الفائدة التي يتم فرضها على الديون اللبنانية والتي تقل كثيرا عن أسعار الفائدة المقابلة في دول أخرى في العالم تحظى بالتصنيف ذاته.
وأضاف أنه يعتقد “أن هذه الثقة مصونة. لم نر ضغوطا لتغيير الليرة اللبنانية بعملات أجنبية. ونتوقع هذا العام نموا في الإيداعات المصرفية بنسبة تصل إلى 5 بالمئة”.
صحيفة العرب