لم يكن ينقص اللبنانيين الغارقين في أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية سوى مواجهة ملفات اجتماعية أيضاً أخطرها أزمة الكهرباء المستفحلة فساداً فأعطالاً وتقنيناً، خصوصاً مع تفاقم التقنين في العاصمة إلى 6 ساعات وفي العديد من المناطق إلى 10 على الأقل، وسط انقطاعات متكررة تذكيها ضغوط حرارة الصيف واستهلاك الوافدين واللاجئين.

وفيما وصف عضو الكتلة النائب عمار حوري ما يجري في الكهرباء بـ»المهزلة»، مؤكداً نيته تقديم اقتراح قانون لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية تفتح الملف على مصراعيه، من المقرر أن يستكمل النائبان محمد الحجار وجمال الجراح تفنيد المشكلة خلال مؤتمر صحافي يعقدانه في ساحة النجمة اليوم.

مصادر مؤسسة الكهرباء أوضحت لـ»المستقبل» أن حاجة لبنان الفعلية اليوم من الطاقة الكهربائية تبلغ 3200 ميغاوات بينما لا يتعدى مجمل القدرة الانتاجية الحالية 1576 ميغاوات، فضلاً عن أن الأعطال والضغط خلال الصيف تقوّض الإنتاج إلى حوالى الثلث تقريباً، لتزداد المعاناة بسبب أعمال الصيانة في معملي الزهراني ودير عمار.

وفي معلومات «المستقبل« أن القدرة الإنتاجية الحالية تبلغ في الزوق 304 ميغاوات، الجيه 136 ميغاوات، الزهراني 204 ميغاوات، دير عمار 386 ميغاوات، بعلبك 60 ميغاوات، صور 60 ميغاوات، انتاج مائي 25 ميغاوات والبواخر التركية 371 ميغاوات. 

النائب الحجار حمّل في اتصال مع «المستقبل» وزير الخارجية حالياً والطاقة سابقاً، جبران باسيل، مسؤولية تدهور هذه الخدمة الحيوية، لرفضه التعاون مع المؤسسات والصناديق الدولية المانحة، بعد إقرار تمويل بمليار و200 مليون دولار مخصصة لتنفيذ جزء من ورقة سياسة القطاع سنة 2010، بما كان من شأنه أن يرفع مستوى الإنتاج بمقدار 700 ميغاوات.

وأوضح الحجار أن باسيل بهروبه نحو المصارف بتكاليف عالية، شكل حاجزاً أمام إنجاز دفاتر شروط ناجحة، لأن المؤسسات والصناديق المانحة كان بمقدورها أن تمنع إعداد دفاتر تتضمن بنوداً ملغومة، مشيراً إلى أن الجزء الأكبر من عرقلة مشروعي معمل دير عمار-2 والمحركات العكسية في معملي الزوق والجية كان سببه هذه الدفاتر التي شكل تفسيرها مادة لأزمات لا تنتهي بين مؤسسة الكهرباء والشركات المتعهدة.

وفيما ذكرت المصادر أنه يتم حالياً العمل على إصلاح هذا العطل، كشفت مصادر تابعة لشركة «ساوث برايم« المتعهدة لصيانة وتأهيل معملي دير عمار والزهراني، أنها استدعت فريقاً من شركة «ألستوم« في ألمانيا لإنجاز المطلوب، و»من المقرر أن ينجز هذا الفريق أعمال الصيانة المطلوبة في نهاية الأسبوع الجاري«. 

ومع ذلك، تقول المصادر إن الطاقة القصوى التي من الممكن وضعها على الشبكة لا تتعدى 1800 ميغاوات في أحسن الأحوال، كما أن مجموعات الإنتاج قديمة ومعرضة دائماً للإصابة بأعطال مفاجئة، ما يجعل الحاجة ماسة لتشغيل المعامل المنجزة، كالمحركات العكسية وإنشاء المعامل الموقعة عقودها، إضافة الى إنشاء معامل جديدة لسد هذا النقص الكبير في الإنتاج.