يشهد مخيم “عين الحلوة” للاجئين الفلسطينيين توتًرا أمنًيا منذ أول من أمس٬ على خلفية جريمة اغتيال أحد كوادر المخّيم علي عوض المعروف بـ”البحتي”٬ وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية التي تفرضها الفصائل الفلسطينية داخل المخيم٬ للحؤول دون ردات فعل قد تؤدي إلى انفلات الأمور من ضوابطها٬ فإن الرشقات النارية بقيت تطلق بين الحين والآخر في الشارع التحتاني الذي وقعت فيه الجريمة.
لكن التطّور الأهم تمّثل في مناشدة اللجان الشعبية الجيش اللبناني “الدخول إلى المخيم وضبط الأمن فيه”٬ وهي المّرة الأولى التيُيطالب فيها الجيش بالدخول إلى هذه المنطقة التي تعّد مربًعا أمنًيا وملاًذا لعشرات المطلوبين للعدالة في لبنان.
وقبيل تشييع القتيل ومواراته الثرى في جبانة صيدا الجديدة في سيروب٬ بمشاركة ممثلي فصائل المخيم وحشود شعبية٬ كان الحراك الشعبي قد نفذ وقفة غضب واستنكار أمام مقر القوة الأمنية المشتركة داخل المخيم بمشاركة عائلة المغدور واللجان الشعبية ولجان القواطع والأحياء٬ رفًضا لعودة الاغتيالات والقتل في عين الحلوة. وكانت كلمات باسم عائلة المغدور دعت إلى تسليم القاتل٬ وطالبت بدخول الجيش اللبناني إلى المخيم.
وأمام الخشية من خروج الأوضاع عن السيطرة٬ حّمل قائد الكفاح المسلّح الفلسطيني في مخيم عين الحلوة العقيد محمود عبد الحميد عيسى٬ الملقب بـ”اللينو”٬ القيادة السياسية الفلسطينية “مسؤولية ما يحصل في عين الحلوة من فلتان أمني وتصفيات واغتيالات”. وأكد في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”٬ أن “أمن المخيم بات أولوية الأولويات٬ وهو يتقدم على كل الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية٬ وحتى على معاناة الناس المعيشية”.
وأضاف “اللينو”: “الفلتان بات يستدعي مراجعة من القيادة السياسية وعلى رأسها (عضو اللجنة المركزية في حركة “فتح”٬ ومسؤول الساحة اللبنانية) عزام الأحمد”٬ معتبًرا أن “غياب المحاسبة للقتلة ومنفذي الاغتيالات أوصل الأمور إلى ما وصلت إليه”. وطالب الفصائل والقوة الأمنية المشتركة بـ”تحمل مسؤولياتها٬ لكونها هي المعنية بالجانب الأمني٬ ولديها غطاء شعبي وغطاء من الدولة اللبنانية لضبط أمن المخيم”.
وتوقف القيادي الفلسطيني عند التطور المتمّثل في المطالبة بدخول الجيش اللبناني إلى المخيم٬ بعدما فقد سكانه الأمل في إمكانية ضبط الأمن من قبل الفصائل الفلسطينية٬ فقال: “إن مطلب الحراك الشعبي واللقاء الشبابي الواضح من قيادة الجيش اللبناني بتسلم زمام الأمن في المخيم٬ ما هو إلا تعبير حقيقي عن تقصير القوة الأمنية المشتركة عن القيام بواجباتها”.
وسأل “اللينو”: “من يغطي القتلة ومنفذي الاغتيالات؟ هناك كاميرات مراقبة في محيط مقر القوة المشتركة حيث قتل البحتي٬ لماذا لم تضبط القاتل؟”.
ويشهد مخيم عين الحلوة في السنوات الثلاث الأخيرة موجة من الاغتيالات والتصفيات طالت كوادر من حركة “فتح” وغيرها٬ وتسببت في موجات قتال وترويع للسكان٬ وقد عجزت القوى الممسكة بأمن المخيم عن وضع حّد لهذه الظاهرة٬ التي أضيف إليها تحّول المخيم إلى ملاذ لعشرات المطلوبين للعدالة اللبنانية ومتهمين بأعمال إرهابية والانتماء إلى تنظيمات متطرفة.
واتهم العميد عيسى٬ من سماها “المجموعات المشبوهة المرتبطة بأجندات تستهدف أمن المخيم بالوقوف وراء هذه الاغتيالات”. ودعا القيادة إلى “التحقيق وتحديد المسؤوليات٬ لأن هذه الجرائم أخرجت الناس عن طورها”. وقال: “أعتقد أننا نتجه إلى ثورة في وجه القيادة السياسية إذا استمرت الأمور على ما هي عليه”.
وأضاف القيادي الفلسطيني: “قبل أيام التقى عزام الأحمد في بيروت جميع الفصائل الفلسطينية سواء إسلامية أو وطنية٬ وأخبرنا أن الأمن ممسوك٬ لكن الواقع غير ذلك تماًما”.
وختم: “إننا بوصفنا تيارا إصلاح ديمقراطيا٬ مستعد أن أكون جنديا أمام أي قرار تتخذه القيادة السياسية للخلاص من القتلة٬ وكل إمكاناتنا الأمنية والعسكرية داخل المخيم نضعها بتصرف هذه القيادة بالتنسيق مع الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية والعسكرية٬ للتخلص من هذه الآفة”.
يوسف دياب