رأى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب الممدد لنفسه وليد جنبلاط ان ما بعد "الانقلاب الغريب" في تركيا ليس كما قبله، وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدأ سريعاً مرحلة الاستفادة مما حصل لتعزيز نفوذه في الداخل.
وأسف جنبلاط بحسب ما نقلت عنه صحيفة "السفير" لمشاهدة الجنود وهم يُهانون في الطرق والساحات العامة، ويعتقد أن كسر هيبة الجيش التركي، مع ما يحمله من رمزية تاريخية، لن يكون أمراً يمكن تجاوز مفاعيله قريباً. يقدّر أن تركيا مقبلة على مرحلة من القمع والتشدد في التعامل مع الأوضاع الداخلية من شأنها أن تزيد الأوضاع تأزماً في المستقبل.
وتوقع جنبلاط أن يتغير دور تركيا في المشهد الإقليمي، ربطاً بالتوتر الذي يسود حالياً بينها وبين أميركا وأوروبا، وبدأ يقتنع بأن ذلك سيكون في مصلحة المحور الثاني، أي روسيا وإيران، خصوصا أن الأخيرة كانت الأوضح والأذكى في التعبير عن رفضها للانقلاب العسكري.
ولفتت الصحيفة الى ان أكثر ما يحزن جنبلاط هو كيفية التعامل اللبناني مع الانقلاب الفاشل، موضحاً ان الانقسام المذهبي الشديد الذي يشغل باله كثيراً. يكبّل يديه في أحيان كثيرة، مانعاً إياه من إكمال معركة سياسية هنا أو اقتصادية أو اجتماعية أو إدارية هناك. ولذلك، تجده ينسحب من المعارك التي يفتحها في وجه من صودف أنهم من غير طائفته. حملته كانت عالية النبرة على جهاد العرب، في ما يتعلق باستحداث مطمر صحي في الكوستابرافا. المبلغ الذي قدمه العرب مرتفع جداً، وهو ما اعترض عليه مفوض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار وليد صافي («اشتراكي») عند فض العروض، وأدى رفضه الى إلغاء ما أسماها "المناقصة المشبوهة"، لكن النقاش بدا ممنوعاً عند "المستقبل". الحريري أوحى بأن الاعتراض على جهاد العرب وشركته هو تعرّض للسنّة، فكان ذلك كافياً ليتراجع جنبلاط، كما تراجع عن الحملة التي كان يقودها ضد عبد المنعم يوسف وضد الكاميرات في العاصمة وضد محاولة وضع اليد على شاطئ الرملة البيضاء.
وبحسب الصحيفة فان جنبلاط يدرك حساسية الظرف السياسي، ويدرك أن المطلوب تهدئة النفوس والابتعاد عن أي موقف يساهم في تأجيج أي صراع مذهبي في هذه المرحلة.
واضافت الصحيفة ان من يعرف جنبلاط يعرف حساسيته العالية تجاه شخصين تحديداً: ميشال عون وسمير جعجع. ثم يدور الزمن، فتراه يؤيد ترشيح الأول ويفتح خطوطاً مع الثاني، طالباً منه العمل على إقناع الحريري بالعودة إلى تبني عون للرئاسة. ليس لشيء سوى لأنه صار مقتنعاً بأن الخروج من المراوحة القاتلة، مع ما تحمله من مخاطر أمنية، أهم من الأسماء. لكنّ للزعيم الدرزي أسباباً أكثر خصوصية أيضاً. لا يمكنه أن يقف في وجه الاتفاق المسيحي، ولا مصلحة له في مواجهة خيار أغلبية المسيحيين، الذين تصالح معهم الدروز في العام 2001.
ويعتقد جنبلاط أن الرئيس السوري بشار الأسد ليس مستعجلاً التسوية الرئاسية في لبنان. وفي حساباته، فهو، كما والده، لن يقدم على تسهيل الطريق الرئاسية من دون مقابل. ولأن لا أحد في المنطقة أو أوروبا يملك المقابل، فإنه لن يبيعها سوى إلى الأميركيين. وهذا يعني عملياً أن البيعة قد تتأخر إلى الربيع المقبل حداً أدنى، أي ريثما يستقر الرئيس الجديد في البيت الأبيض ويثبت دعائم إدارته.
كما توقف جنبلاط عند الوضع السوري، مشيراً الى أن الأمور تتحرك في المنطقة لمصلحة بشار الأسد، وهو يتصرف منذ الآن كمنتصر، "وخير دليل على ذلك اشتراطه مبادلة التعاون الأمني من جانبه مع الأوروبيين بانفتاحهم ديبلوماسيا عليه، ولذلك حصلت زيارات متبادلة مع الإيطاليين وزاره الألمان ووفد الاتحاد الأوروبي والحبل على الجرار."

الديار