خمس سنوات عقوبة القتل العمد مع تعذيب الضحية واستعمال أدوات الطبخ للتلذذ بالضرب، من طنجرة ضغط الى غيرها من الأواني التي تصادف مرتكب الجريمة. لا بل تشجيعاً لكل من يريد الاقدام على تأديب امرأة فيعرف انه لن يمكث في السجن خمس سنوات بل فقط 3 سنوات وسبعة اشهر لكون السنة السجنية 9 أشهر لا 12، هذه حقيقة لا تقبل الجدال بعد الحكم الصادر من القاضية هيلينا اسكندر بحق محمد النحيلي الذي هزت جريمته الرأي العام بعدما تفنن بقتل زوجته منال العاصي قبل سنتين.
بعد 18 شهراً، سيفتح الباب للمدان كي يخرج من خلف القضبان، ويعاود حياته وكأن شيئاً لم يكن، وكأن من عضّها في مختلف أنحاء جسمها ونتّف شعرها حتى ظهرت جلدة رأسها، وحطم أسنانها وكسّر أصابعها قبل أن يقتلها مجرد رقم عابر في لائحة ضحايا العنف الأسري. سيخرج ليكمل حياته مع ابنتيه تالا (17 سنة) وسارة (15 سنة) اللتين "تنتظرانه بفارغ الصبر" (وفق عائلة الجاني) بعدما تركتا منزل عائلة منال قبل ستة اشهر وسكنتا لدى عائلة والدهما، لا بل كما قال خالهم محمد: "اتهمونا بسوء معاملتهما على الرغم من كل ما قدمناه لهما".
اذا كان القرار الاتهامي بحق النحيلي اتُّخذ وفقاً للمادة 549 عقوبات، التي تنص على القتل العمد وتصل عقوبتها إلى الإعدام فإنه حوكم وفقاً للمادة 252، التي تنص انه "يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بثورة غضب شديد ناتج من عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه". للنحيلي، إذاً، عذره، بركان غضبه الذي قذف حممه على زوجته بعدما شك كما ادعى بخيانتها، لكن السؤال: ما هو عذر الأهل الذين أسقطوا الحق الشخصي في جريمة قتل ابنتهم؟
إقرأ أيضًا: كشف خيانتها فقتلها.. وهكذا جاء الحكم المُخفف على قاتل زوجته..!
طعنة في قبرها
لم يُثر غضب ندى والدة الضحية خبر تخفيف عقوبة النحيلي بقدر الكلام غير الأخلاقي الذي صدر بحق ابنتها التي طعنت بخنجر الشرف في قبرها بعدما طعنت وهي على قيد الحياة من زوجها. تقول الأم بـغضب لـ"النهار": "أسقطنا الحق الشخصي بناء على طلب بنتي منال، من دون أموال، فأنا لم أبع ابنتي، خشيت من ان يتعرض أحد لأولادي، فهو أزعر ومن يقف خلفه كذلك، لكن ليس معنى ذلك ان يحاكم بخمس سنوات، اي عدالة هذه؟ هذا ظلم ورب العباد لا يرضى بعدل كهذا على الأرض، فقرار القاضية يشجع الرجال على القتل، سأطعن بالحكم، وسأقوم بالمستحيل لاستعادة حق ابنتي".
وأضافت "الى الآن لا نعرف شيئاً عن قضية الزنى التي ذكرتها بعض وسائل الإعلام، وكيف جُرّمت منال بها. اين الشهود الاربعة الذين رأوها بالجرم المشهود، لا نعلم اللعبة التي جرت خلف الكواليس، خسرت كل شيء وفوق ذلك أُطعن بشرفي (فشر)، من قتل ابنتي شريف وبريء وانا المعنفة؟؟ لن نسكت وغداً سنرفع الصوت عالياً مع جمعية "كفى" رفضاً لكل ما يدور". ندى التي ترفض ان ترى قاتل ابنتها ستقول له اذا صادفته " الله لا يوفقك ولا يسامحك وعدالته أقوى منك".
من قال إنه بُرّئ؟
محامي النحيلي، أحمد بدران اعتبر الحملة ضد موكله " ظالمة وغير مبررة، بخاصة أننا أمام حكم قضائي صادر عن محكمة جنايات برئاسة قاضية مشهود لها، لكن ويا للأسف يعطي البعض هذا الحكم توصيفاً خاطئاً بالقول انه استند الى المادة الملغاة 562 من قانون العقوبات الملغاة والمتعلقة بجريمة الشرف، وهذا غير صحيح، الحكم دان النحيلي ولم يبرره بالمادة 549، لكن توافرت شروط العذر المخفف المنصوص عليها في المادة 252 والتي تخفض عقوبة الاعدام الى سنة لسبع سنوات، وذلك لتوافرها في حالته، اضافة الى اسقاط الجهة المدعية الحقوق الشخصية عن المتهم، اذا هناك سببان لصدور حكم كهذا. هذا ملف قضائي جنائي نظرت فيه محكمة الجنايات على مدى سنتين واستجوبت شهوداً وهناك وقائع ثابتة واحكام قضائية مبرمة".
وكان قد ورد في حيثيات الحكم ان "مباغتة الزوج لزوجته تحادث عشيقها على الهاتف وترسل له كلمات غزل واعترافها له بالخيانة قبل زواجه الثاني وقبل الحادث بسنتين، جعله في ثورة غضب شديد ناتج من عملها غير المحق تجاهه وعلى جانب من الخطورة نتيجة التعرض لشرفه وكرامته وسمعة ابنتيه وتشردهما في حال طلاقه منها. وثبت للمحكمة ان المحكوم انفعالي ويثور بسرعة ولا يتمالك اعصابه. وبعد سماع المحكمة لابنتي الضحية والمتهم واستعطافهما المحكمة رحمة والدهما لأنهما في امس الحاجة اليه لرعايتهما واكمال تعليمهما ونظراً الى اسقاط الجهة المدعية حقها عن المتهم وظروف الحادث رأت المحكمة منحه الأسباب التخفيفية...".
وعن الطعن الذي تنوي عائلة منال التقدم به، اجاب بدران "ليس لهم اي صفة قانونية بالملف، لدينا اسقاط حق شخصي منظم من كل المدعين فرداً فرداً عند كاتب العدل، النيابة العامة فقط لها حق التمييز، واسبابه غير متوافرة قانونياً برأينا".
اياً تكن الأسباب التي تقف خلف تخفيف عقوبة النحيلي، فالأكيد ان ارتدادات الحكم السلبية كارثية على كل امرأة يعنفها زوجها ويدرك ان قتلها لن يكلفه سوى بضعة شهور في السجن!
النهار