يواجه الرئيس الإيراني حسن روحاني فضائح كبيرة نتيجة فساد مالي طال كبار مدراء الشركات الحكومية، وهو ملفّ يقول المراقبون إنه ورقة بيد المرشد الأعلى علي خامنئي لإبعاد روحاني الذي يمنّي النفس بدورة رئاسية جديدة.
ويقول الإعلام الإيراني إن روحاني عيّن منذ وصوله إلى الحكم أصدقاءه في أهمّ المناصب بالشركات الحكومية ليتبيّن في ما بعد أنّهم مجموعة من الفاسدين تقاضوا رواتب فلكية أكبر ممّا هو مسموح به وفق قوانين العمل الإيرانية.

ونشرت صحف إيرانية صورا تظهر الحسابات الشخصية لأصدقاء روحاني، حيث يتلقى بعضهم مئات الآلاف من الدولارات في الشّهر الواحد، بينما القانون الإيراني يضع سقفا للرواتب الحكومية يقدر بـ2353 دولارا شهريا لا يجب تجاوزه.

وتهدّد هذه الفضيحة المستقبل الانتخابي لما يسمّى “التيار الإصلاحي” في إيران، ولا سيما أن روحاني فشل في تحقيق وعوده بمكافحة الفساد التي أعلن عنها عندما استلم الحكم في2013، بالإضافة إلى الوعود الأخرى التي لم يحققها ومن أهمها تحسين الوضع الاقتصادي والانفتاح على السوق الدولية التي كانت ضمن صفقة الاتفاق النووي.

ويقول متابعون للشأن الإيراني إن “روحاني طرد الفاسدين من جماعة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد واستبدلهم بمجموعة من أصدقائه الفاسدين”، ومن بين أبرز هؤلاء شقيق إسحاق جهانغيري نائب الرئيس الإيراني.

ويرى الإيرانيون أن هذه القضية ليست مالية فقط، بل أيضا سياسية كون روحاني وضع في المناصب أشخاصا مقربين منه وأصدقاء قدامى بطريقة تحابيهم عن غيرهم بغض النظر عن كفاءاتهم.


سعيد ليلاز: المقربون من السلطة يتم تكريمهم بأعلى الرواتب للمحافظة على ولائهم
ويرى خبراء إيرانيون أن التيار المتشدد سيستخدم هذه الفضائح في حربه على الإصلاحيين ولا سيما أن المرشد الأعلى شنّ هجوما شديد اللهجة على هؤلاء الفاسدين بطريقة تقوّي التيار المحافظ المقرّب منه.

وقال خامنئي إن “أموال هؤلاء المدراء يجب أن تعود لخزينة الدولة، رغم أن عدد الفاسدين قليل إلا أن المبلغ كبير، يجب مصادرة أموالهم.”

ومنذ انتشار ملفات الفساد، اكتفى روحاني بالدعوة للتحقيق مع الفاسدين.

وحسب بعض المعلومات التي تم تسريبها بلغ عدد المدراء المتهمين بالفساد حوالي 285 حتى اللحظة.

ويرى الخبراء أن روحاني اضطر إلى أن يغض النظر عن الرواتب العالية لأن أغلب المدراء الذين استنجد بهم كانوا يعملون في الخارج ويتقاضون رواتب عالية مما تطلب الأمر منحهم رواتب تنافس الخارج حتى لو تورّطوا في الفساد.

ويضيف الخبراء ولكن للأسف “بلغت رواتبهم في إيران مع الفساد أكبر بكثير من رواتبهم خارج إيران”.

والأمر المثير للدهشة، أن شخصيات كبيرة مؤيدة للحكومة تتهم مسؤولين مقربين من المرشد بأنهم يتقاضون رواتب مشابهة وأنهم فاسدون أيضا ولكن لا يرون الفساد إلا عند التيار الإصلاحي.

وتساءل أحد الخبراء “لماذا لا ينظرون في رواتب قيادات الحرس الثوري، إنهم أكثر فسادا من أيّ مدير في أيّ مؤسسة حكومية.”

في المقابل، رفض المتحدث الرسمي باسم الحرس الثوري كشف رواتب قيادات الحرس وادّعى أن هذا من “أسرار الدولة”.

ويقول الخبير في الشؤون الاقتصادية الإيرانية سعيد ليلاز، “لدينا في إيران نفس آلية الفساد التي استخدمت في أيام الاتحاد السوفييتي، المقربون من السلطة العليا تم تكريمهم بأعلى الرواتب فوق القانون للمحافظة على ولائهم”.

ويقدر الخبير الفساد في إيران بمليارات الدولارات وخصوصا من واردات النفط التي تتبع لصندوق الدولة.

ويشعر مقربون من التيار الإصلاحي بخيبة أمل. ويقول الإعلامي الإيراني فرشاد قوربانبور “أشعر بالأسى مما فعله الفاسدون، كنت أتوقع أن يكونوا صوت من لا صوت له ودعاة للعدالة، الآن تبين أنهم متاجرون بأحلامنا ومرتزقون من أموال الشعب”.

غسان إبراهيم: العرب