قبل أسبوع ضجّ الوسط اللبناني عمومًا والطرابلسي خصوصًا.. خبر أربعة شبان إغتصبوا قاصرًا تبلغ من العمر ستة عشر عامًا في منطقة ضهر العين.
وبعد أسبوع ضجت المدينة مجددًا، ولكن هذه المرة بإتجاه عكسي فقد صُدم المجتمع اللبناني بقرار والد الفتاة القاصر المغتصبة بإسقاط حق إبنته الشخصي أمام القضاء وكأن شيئًا لم يكن.
إقرأ أيضَا: إغتصابكِ.. وصمة عار على جبين المجتمع
وعلى الفور، قدم وكيل الدفاع عن المتهمين طلب إخلاء سبيلهم، وكان مقررًا أن يبت قاضي التحقيق في طرابلس ماجد دحداح الطلب اليوم، ولكن الجلسة أرجئت إلى الغد، ومن المستغرب إصدار إخلاءات سبيل، في قضيّة باتت قضيّة رأي عام.
هكذا، تنازل الرجل عن حقّ إبنته في الإقتصاص من الذين قلبوا حياتها رأسًا على عقب، وفي هذا الإطار، أشار محمد حافظة، محامي الفتاة إلى أنّ والد الفتاة رفض تقديم أي إدّعاء بحق الموقوفين الأربعة.
من هنا، إن المحافظة على حقوق الفتاة ومساعدتها والوقوف إلى جانبها وحمايتها، هي الأولوية حالياً، وعلى نقابة المحامين متابعة التحقيقات، كي يعرف ما إذا كانت الفتاة قد تعرضت لضغوط معينة لا نعلم إن كانت من قبل والدها أو تعرض والدها للضغط من قبل الجناة.
قضية الإغتصاب هذه تعد جناية، وطلبات إخلاء السبيل فيما لو جرت لا يمكنها أن تغيّر في التوصيف، أما بالنسبة لإسقاط الوالد الحق الشخصي فذلك لا يغيّر في توصيف حادثة الإغتصاب.
وفي هذا الإطار، إن الإغتصاب بحسب المادة 504 عقوبات هو جناية، وإسقاط الحق لا ينفي الحادثة ووقوعها، ولكنّه قد يؤثر في مدة توقيف المتهمين والحكم الصادر.
وهنا، يعود القرار للقاضي ولصلاحياته الإستنسابية، وخصوصًا بعدما أصبحت القضية قضية رأي عام.
فهل يجب أن تترك مؤسسات الدولة والمجتمع قاصر طرابلس لوحدها بعدما ثبت بالوقائع أنها تعيش في بيئة غير سليمة بدليل تعرضها للإغتصاب، ومن ثم تنازل الأب عن حقها بالعدالة؟ وماذا عن إخلاء سبيل الجناة في حال موافقة قاضي التحقيق؟
والأهم من ذلك أين الحق العام؟ الحق العام الذي كرسه القانون اللبناني ومنحه للقضاء للسهر على سلامة المجتمع وحمايته، وهل هناك أهم من معاقبة جناة إغتصبوا قاصرًا جماعيًا ليكونوا درسًا لمن تسول له نفسه إرتكاب جرم مماثل.