أبدى رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم دهشته من أن يقدم جنود أتراك على فتح النار على المدنيين وعلى البرلمان ورئيس الجمهورية، مشبهاً ممارسات الانقلابيين بما تقوم به قوات بشار الأسد، ومشيراً الى أن عدد الموقوفين بلغ (حتى الأمس) 7543 موقوفاً، هم 6038 عسكرياً بينهم 103 جنرالات و755 قاضياً و100 شرطي.
وفيما استمرت الحكومة التركية منشغلة بـ«تنظيف» ما بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، برزت «شعرتان» بينها وبين أوروبا من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، الأولى «شعرة الإعدام» التي تلوح بها أنقرة ضد المتمردين وتعتبر أوروبا أنها ستقضي على الفرصة التركية لدخول الاتحاد الأوروبي، والثانية «شعرة (فتح الله) غولن» التي تنذر بعواقب وخيمة على العلاقات التركية ـ الأميركية.
فقد أكد رئيس الوزراء التركي في مؤتمر صحافي عقب اجتماع للحكومة، أن عمل الوزراء سيعود الى طبيعته «اعتباراً من الغد، وستستمر الحياة، وسيعود المواطنون لأعمالهم، لكنهم سيستمرون بتظاهراتهم في الشوارع والميادين لتحقيق الديموقراطية«.
ورداً على الادعاءات بأن الحكومة قامت بالانقلاب لتحقيق أهداف خاصة، قال يلدريم إن «هذا غير صحيح كما يعلم الجميع، نحن نملك إثباتات كثيرة، سنوضحها حين يأتي الوقت». وأضاف في إشارة إلى طلب وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس أدلة على تورط غولن بالانقلاب: «إذا كان أصدقاؤنا يطالبوننا بأدلة وبراهين تثبت ضلوع ذاك القابع في الولايات المتحدة بمحاولة الانقلاب (في إشارة الى غولن)، برغم كل هذا التنظيم والإدارة من قبله، فإننا سنصاب بخيبة أمل وربما نلجأ إلى إعادة النظر في صداقتنا معهم». وتساءل يلدريم عن نوعية الأدلة والوثائق التي تطلبها الولايات المتحدة مع وجود كل هذه الأحداث في تركيا.
واعتبر يلدريم أن «الفرق بين هذا الانقلاب وانقلاب 12 أيلول (1980)، أن الجيش لم يقم وقتها بقصف الشعب ولا مجلس البرلمان أو رئيس الجمهورية«، وتابع «هذا العمل لا يقوم به جيشنا، هكذا عمل إرهابي فقط جيش الأسد يقوم به، لا يمكننا أن نقارن جيشنا مع جيش الأسد، جيشنا لا يفعل ذلك، بل هم أشخاص انخرطوا فينا وقاموا بذلك«.
واقتصادياً شدد رئيس الوزراء التركي على أن «نظامنا المالي والبنوك والبورصة يعملون من دون توقف، وكل شيء يعمل من دون نقصان، والجميع يقوم بعمله كما يجب ومستعد لتنفيذ المهام«.
وبشأن حملة تنظيف المؤسسات من المتعاونين مع الانقلابيين، قال إنه «تم البدء بعمليات التصفية لجميع الموظفين الذين تعاونوا مع الانقلابيين في مؤسسات الدولة ووزارة الداخلية، حيث تم عزل نحو 1500 شخص وسنعاقبهم في إطار القانون وبعيداً عن العواطف، لقد أحبطنا آمالهم عندما تصدت الحكومة للانقلاب، وهي الآن تحت التهديدات الخارجية«.
كما تطرق يلدريم إلى نداءات الشارع التركي المطالب بإعادة حكم الإعدام، قائلاً: «تركيا دولة القانون، وفي مثل هذه الدول فإنّ مطالب الشعب تُعدّ بمثابة الأوامر للحكومة«. وتابع في هذا الصدد: «البرلمان التركي سينظر في هذا الطلب بكل تفاصيله، وكما تعلمون فإنّ إقرار حكم الإعدام يحتاج إلى تعديل دستوري، وسنخطو خطواتنا بناء على مطلب الشعب«.
وكان يلدريم أعلن في وقت سابق توقيف 7543 مشتبهاً به: 6038 عسكرياً و755 قاضياً و100 شرطي، وأشار الى سقوط 208 «شهداء»، ما يعني أن الحصيلة الإجمالية لضحايا محاولة الانقلاب هي 308 قتلى مع الذين سقطوا في صفوف الانقلابيين.
وأعلنت وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية توقيف 103 جنرالات وأميرالات من سلاح الجو والبر والبحر، ونشرت قائمة مفصلة بأسمائهم. وأبرز الموقوفين الجنرال محمد ديشلي الذي قاد عملية احتجاز رئيس أركان الجيش خلوصي أكار، والقائد السابق لسلاح الجو الجنرال أكين أوزتورك الذي يُشتبه في أنه من قادة الانقلاب.
وانعكس توعد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بالقضاء على «الفيروس» المتغلغل، من خلال مداهمة عناصر قوة مكافحة الشغب مجمع أكاديمية سلاح الجو المرموقة في اسطنبول، بعد الإعلان عن إصدار نحو 3000 مذكرة توقيف بحق قضاة ومدعين.
كما أوردت الأناضول أن وزارة الداخلية أقالت 8777 شخصاً من موظفيها، بينهم نحو 4500 شرطي و614 دركياً، الى جانب حاكم محافظة و29 حاكم بلدية.
وشددت السلطة خطابها الرسمي بشأن الانقلابيين وبدأت الخارجية تصفهم بعبارة «تنظيم إرهابي»، معتبرة في بيان أن الانقلاب ليس «مؤامرة خيانة فحسب» بل «حملة إرهابية» كذلك.
كما شملت القائمة، 16 مستشاراً قانونياً، ونائب مدير عام، ورئيسي دائرة، وثلاث مدراء أفرع، و92 مساعد وال، و47 قائمقام، بحسب البيان.
ووفقاً للبيان، ضمت لائحة عناصر الدرك المبعدين، 398 ضابطاً برتب مختلفة، و215 صف ضباط، وعنصر مدني.
وذكرت وكالة الأناضول أن قائد القوات الجوية السابق أكين أوزتورك أقر أمام ممثلي الادعاء بدوره في تدبير الانقلاب، لكن محطتي «خبر تورك» و»أن.تي.في» نقلتا عن أوزتورك قوله «إنني لست الشخص الذي خطط أو أدار محاولة الانقلاب».
وفي عمليات تصفية جيوب الانقلابيين، داهمت عناصر من الشرطة مع مدعين عامين أمس قاعدة انجرليك الجوية في جنوب تركيا التي تستخدمها قوات التحالف الدولي لشن ضربات جوية ضد تنظيم «داعش». وقالت الأناضول إن فرق الشرطة التركية قامت بعملية تفتيش في قيادة «إمداد الوقود العاشرة» بقاعدة «إنجرليك» بولاية أضنة (جنوب). ونقلت عن مصادر في النيابة العامة في أضنة أن عملية التفتيش يجريها نائبا رئيس النيابة العامة، و5 مدعين عامين بالولاية، برفقة فرق من الشرطة التركية. وأوضحت المصادر ذاتها، أن طائرات الإمداد بالوقود، حلقت من قاعدة إنجرليك لتزويد طائرات إف 16 حربية كانت تشارك في قصف العاصمة أنقرة خلال محاولة الانقلاب الفاشلة. وأشارت المصادر، إلى أن «عملية تفتيش برج المراقبة بالقاعدة، وتسجيلات الرادار، ورادارات مراقبة طائرات الإمداد بالوقود، والطاقم العسكري الذي أتاح تزويد الطائرات بالوقود، لا تزال مستمرة«.
وأوقفت السلطات التركية في القاعدة التي يستخدمها التحالف الدولي ضد المتطرفين بقيادة واشنطن، سبعة عسكريين وضعوا قيد الحجز الاحتياطي، وفق ما افادت وكالة أنباء الأناضول المقربة من الحكومة التركية.
وفي مقابلة له مع شبكة «سي ان ان» قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في أول مقابلة له بعد محاولة الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا الجمعة، إن «هناك جريمة خيانة واضحة».
وتابع اردوغان عبر مترجمه الخاص أنه كان في إجازة مع زوجته وصهره وأحفاده في مرمريس عندما تلقى أنباء عن «نوع من التحركات» في إسطنبول وأنقرة ومدن أخرى، حيث وجهت له نصيحة بالانتقال إلى مكان أكثر أمناً بطائرة.
وعندما كان في الطائرة قال اردوغان إن برج المراقبة الجوية في مطار أتاتورك باسطنبول كان تحت سيطرة الجنود الذين حاولوا الانقلاب وكان الشريط الضوئي الذي يحدد مهبط الطائرات مطفأ وعليه قرر إلى جانب الطيار الهبوط باستخدام أجهزة إنارة الطائرة فقط، قبل أن يستعيد جنود موالون له السيطرة على برج المراقبة وتمكنت الطائرة من الهبوط.
وأضاف اردوغان عبر مترجمه الخاص: «فور هبوطنا حلقت طائرات أف-16 فوقنا وبصورة قريبة من الأرض» لافتاً إلى أن «الطائرات كانت تحلق بسرعة تفوق سرعة الصوت».
وفي رد على سؤال حول المطالبات بإلحاق عقوبة الإعدام بحق المخططين للانقلاب قال اردوغان عبر مترجمه الخاص: «هناك جريمة خيانة واضحة والطلب (إلحاق عقوبة الإعدام) لا يمكن أبداً أن يتم رفضه من قبل حكومتنا. ولكن بطبيعة الحال سيتطلب الأمر قراراً برلمانياً، وبعد ذلك وكرئيس للبلاد سأوافق على أي قرار يصدر عن البرلمان«.
وأردف قائلاً: «الآن لدى الناس فكرة بعد العديد من الأحداث الإرهابية بأن الإرهابيين لا بد من قتلهم، ولا يرون أي نتيجة أخرى مثل السجن المؤبد، لماذا ينبغي إبقاءهم وإطعامهم في السجون على مدى سنوات مقبلة، يريدون (الناس) نهاية سريعة، لأن الناس فقدوا أطفالاً، ثماني سنوات وشباباً بعمر 15 سنة و20 عاماً ممن قتلوا للأسف في هذه الأحداث، هناك أمهات وآباء حزينون ويعانون والناس يمرون بأوقات حساسة وعلينا التعامل بطريقة حساسة للغاية«.
وحول طلب تسليم رجل الدين التركي فتح الله غولن وماذا سيفعل إن رفضت الولايات المتحدة طلبه، قال اردوغان: «لدينا اتفاقية مشتركة لتسليم المجرمين، والآن نطلب تسليم شخص.. أنت شريكي الاستراتيجي وطلبت ذلك فسأستجيب، والآن طلبنا ذلك ولا بد أن يكون هناك تبادل في مثل هذه الأمور«.
وفي الموقف الدولية، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في اثر اجتماع مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي ببروكسل «ندعو بشدة حكومة تركيا الى الحفاظ على الهدوء والاستقرار في البلاد، كما ندعو الحكومة التركية أيضاً الى احترام المؤسسات الديموقراطية للأمة ودولة القانون».
ونفى السفير الأميركي في تركيا جون باس المعلومات المتداولة عن دعم أميركي للانقلاب والتي تروج لها «وسائل إعلام وللأسف بعض الشخصيات». وقال في بيان «هذا الأمر خاطئ تماماً ومثل هذه التخمينات تسيء لعقود من الصداقة».
وقالت متحدثة باسم الحكومة الألمانية إن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أبلغت اردوغان أمس أن ألمانيا تعارض بشدة إعادة تطبيق عقوبة الإعدام في تركيا وإن تطبيقها سيحرم تركيا الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي. وأضافت المتحدثة «حثت المستشارة الرئيس على الالتزام بمبادئ التناسب وسيادة القانون في رد الحكومة التركية (على محاولة الانقلاب)»، مضيفة أن الموجة الأخيرة من الاعتقالات والعزل في تركيا كانت مدعاة لقلق كبير. وقالت المتحدثة إن ميركل أبلغت اردوغان أيضاً خلال اتصال هاتفي أن إعادة تطبيق عقوبة الإعدام في تركيا «لا يتوافق بأي شكل» مع هدف أنقرة نيل عضوية الاتحاد الأوروبي.
وندد مجلس خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماعه أمس بمحاولة الانقلاب في تركيا معرباً عن دعمه التام للسلطة الديموقراطية في البلاد.
وأبلغ الاتحاد الأوروبي تركيا أن إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي ألغيت في تركيا في 2004 في سياق مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي، ستغلق باب الاتحاد الأوروبي أمام أنقرة. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني «لا يمكن لأي بلد أن ينضم للاتحاد الأوروبي إذا أدخل عقوبة الإعدام» لقوانينه.
ولئن بدا أن النشاط عاد الى شوارع اسطنبول فإن نحو 1800 عنصر من القوات الخاصة في الشرطة انتشروا فيها لتأمين النقاط الحساسة، بحسب وكالة أنباء الأناضول.
وأعلن الحلف الأطلسي أن أمينه العام ينس ستولتنبرغ تحادث أمس مع اردوغان وذكره بـ«ضرورة» أن تحترم تركيا بشكل كامل دولة القانون والديموقراطية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة. وقال ستولتنبرغ في بيان صادر عن الحلف «بصفتها عضواً في مجموعة تستند الى القيم، من الضروري أن تقوم تركيا، مثلها مثل كل الحلفاء الآخرين (الأعضاء في الحلف) باحترام الديموقراطية ومؤسساتها، والنظام الدستوري، ودولة القانون، والحريات الأساسية بشكل كامل».
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في جلسة بالبرلمان أمس إن «بريطانيا تدعم بثبات الحكومة التركية المنتخبة ديموقراطياً ومؤسساتها. وندعو إلى الالتزام الكامل بالنظام الدستوري في تركيا ونشدد على أهمية سيادة حكم القانون«.
وذكر الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس أنه تحدث مع اردوغان للتعبير عن سعادته بعودة الأمن إلى تركيا بعد فشل محاولة الانقلاب. وقال في حسابه على تويتر «(قلت) في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي إننا سعداء لعودة الاستقرار والأمن إلى تركيا«.
المستقبل : أنقرة: ممارسات الانقلابيين لا تشبه إلا قوات الأسد
المستقبل : أنقرة: ممارسات الانقلابيين لا تشبه إلا قوات...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
202
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro