تحولت الأحياء الشرقية في مدينة حلب شمال سوريا، إلى سجن لفصائل المعارضة بعد إحكام الجيش السوري، الأحد، الحصار عليها بغطاء طائرات حربية سورية وروسية، وقطعه آخر منفذ إلى تلك الأحياء التي يقطنها عشرات الآلاف من المواطنين بشكل كامل.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن “قطعت قوات النظام طريق الكاستيلو بشكل رسمي بعد وصولها إلى أسفلت الطريق من جهة الليرمون (غرب الطريق)”، مضيفا “حوصرت الأحياء الشرقية بشكل رسمي وكامل”. وأوضح عبدالرحمن أن “قوات النظام تقدمت في شمال مدينة حلب بغطاء جوي روسي، وقتل 16 مقاتلا من الفصائل أثناء معارك تقدم قوات النظام”.
ويأتي تقدم قوات النظام ووصولها إلى طريق الكاستيلو وهو طريق الإمداد الوحيد بين مناطق سيطرة المعارضة في حلب، والمناطق الأخرى الواقعة تحت سيطرتها في إدلب، بعد عشرة أيام من تمكنها من قطعه ناريا إثر سيطرتها على مزارع الملاح الجنوبية المطلة عليه من الجهة الشرقية.
وتشير التقارير الواردة من حلب إلى أن فصائل المعارضة السورية مازالت تخوض معارك عنيفة على طريق الكاستيلو، وقال القيادي أبوإبراهيم من مجموعة نور الدين زنكي المعارضة إن مركز القيادة الإقليمية لمقاتلي المعارضة يطلب من الناس الآن الابتعاد عن المنطقة. وأضاف “طريق الكاستيلو مقطوع بشكل كامل بسبب الاشتباكات وتقدم عصابات الأسد. نحذر جميع المدنيين من عبور الطريق بشكل نهائي بأي وسيلة”.
وقبل أيام قليلة، حذر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية من أزمة إنسانية في أحياء حلب الشرقية نتيجة هجوم قوات النظام. وقال رئيس الائتلاف أنس العبدة “نحن قلقون جدا لأن قطع طريق الكاستيلو بشكل كامل يعني تجويع أكثر من 300 ألف مدني”.
بدورها اتهمت الأمم المتحدة، السبت، النظام السوري بعزل مدينة حلب، عن العالم الخارجي، محذرة من الأوضاع الإنسانية المتردية التي يواجهها المدنيون المحاصرون فيها.
وتدور منذ السابع من يوليو معارك ضارية في محيط الكاستيلو من الجهتين الشرقية والغربية إذ شنت الفصائل الإسلامية والمقاتلة هجمات عدة في محاولة لمنع تقدم قوات النظام، إلا أنها فشلت في تحقيق مسعاها. وباتت الأحياء الشرقية التي يقطنها أكثر من مئتي ألف شخص، وفق المرصد السوري، منذ ذلك الحين محاصرة عمليا ليكتمل صباح الأحد حصارها تماما.
وتحولت سياسة الحصار خلال سنوات النزاع الذي تشهده سوريا منذ عام 2011 إلى سلاح حرب رئيسي تستخدمه جميع الأطراف المتنازعة. ويعيش بحسب الأمم المتحدة نحو 600 ألف شخص في مناطق محاصرة بغالبيتها من قوات النظام.
وتتقاسم قوات النظام والفصائل منذ عام 2012 السيطرة على أحياء مدينة حلب، ثانية المدن الكبرى بسوريا وإحدى المعارك المحورية في الحرب. ويأتي إحكام الحصار على الأحياء الشرقية في حلب غداة إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف في موسكو أنهما توصلا إلى اتفاق حول “إجراءات ملموسة” لإنقاذ الهدنة ومحاربة الجماعات الجهادية في سوريا دون كشف تفاصيله.
وقال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إنه شن غارات جوية على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. ونشرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مقطع فيديو، السبت، قالت إنه لغارات جوية قامت بها قوات التحالف ضد أهداف للدولة الإسلامية في سوريا. وقالت قوة المهام المشتركة إن الفيديو يظهر غارات على سيارة تحمل متفجرات قرب منبج في سوريا.
ويحرص المسؤولون الأميركيون على عدم وصف المحادثات الروسية الأميركية بالفرصة الأخيرة للدبلوماسية لحل نزاع دام مستمرا منذ أكثر من خمس سنوات، لكنهم حذروا من أن الوقت ينفد.
وتلقي واشنطن بالمسؤولية في فشل عملية السلام على عدم التزام النظام السوري بالهدنة وتنامي نشاط جبهة النصرة. وقال مسؤول أميركي “إذا لم نتمكن من التوصل إلى حل للمشكلتين، سنكون في مكان مختلف تماما، والحقيقة أن الوقت هنا قصير”.
وحث الموفد الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا، الخميس، روسيا والولايات المتحدة على العمل لاستئناف محادثات السلام بين الحكومة والمعارضة السوريتين الشهر المقبل.
وجرت مفاوضات بين الطرفين برعاية دولية وبضغط من عرابيهما، واشنطن الداعمة للمعارضة وموسكو الداعمة للنظام، بجنيف في مطلع هذه السنة، من دون أن تؤدي إلى نتيجة. وقد اصطدمت خصوصا بالخلاف حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد في أيّ عملية انتقالية.
وتطالب المعارضة بتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات مشترطة رحيل الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية، فيما تصر دمشق على أن مستقبل الأسد ليس موضع نقاش في جنيف مقترحة تشكيل حكومة وحدة تضم ممثلين عن المعارضة الوطنية والسلطة الحالية.
صحيفة العرب