عُرف "اللبنانية"
توضح الدكتورة رجاء مكّي في حديث إلى "المدن"، وهي مرشحة إلى الرئاسة وممثلة أساتذة معهد العلوم الاجتماعية في مجلس الجامعة، أنّ "المجلس سينتخب المرشحين الخمسة بالإقتراع السري. وقد تم التوافق في الجلسة الأخيرة لمجلس العمداء أن تجري الانتخابات في 22 من تموز الحالي".
لكن رغم أنّ القانون أعلاه لا يحدّد طائفة المرشح لرئاسة الجامعة، إلا أن عُرف تقاسم وظائف الدرجة الأولى رسا على اختيار الرئيس من الطائفة الشيعية. واليوم، في ظل وجود العديد من المرشحين من طوائف أخرى، سيضع مجلس الجامعة مجلس الوزراء أمام خيارات حاسمة. ففي حال انتَخب المجلس خمسة مرشحين من غير الطائفة الشيعية ربما يطيح مجلس الوزراء بالانتخابات حفاظاً على "الميثاقية". هنا، تؤكد مكّي أن "لا تخوف من أن تصل الأمور إلى حد أن يطيح المجلس بالأعراف. وهناك جو عام بأن تكون الترشيحات لهذا المنصب قائمة على الكفاءة العلمية، وأن تكون شخصية الرئيس منفتحة على جميع الطوائف".
في هذا الإطار، يلفت الرئيس السابق لرابطة الأساتذة المتفرّغين في "اللبنانية" الدكتور عصام خليفة في حديثه إلى "المدن"، إلى أن إشكالية اختيار الرئيس لا تكمن في هذا العرف. بمعنى أن "تعيين رئيس شيعي مشهود بكفاءته العلمية ونزاهته الوظيفية ليس فيه أي ضرر على مستقبل الجامعة اللبنانية". لكن "المشكلة أن وضع الجامعة كارثي على جميع الصعد. فهي ليست خاضعة للمحاصصة والمحسوبيات السياسية فحسب، بل منخورة بالفساد الإداري".
ويكشف خليفة أن "أحد المرشحين الذي سيؤتى به رئيساً للجامعة شخص مرتكب، قام بتزوير ملفاته كي يدخل إلى ملاك الجامعة وعُيّن عميداً لإحدى الكليات". ليس هذا فحسب، بل "تقاضى 82 مليون ليرة كمفعول رجعي في عهد رئيس الجامعة السابق. وعندما تسلّم السيد حسين رئاسة الجامعة حقّق في الملف واكتشف التزوير الحاصل ووعد بحل المسألة، لكن شيئاً من ذلك لم يحصل".
المحاصصة الأكاديمية
لا تنحصر إشكالية المحاصصة السياسية في الجامعة بتعيين الرؤساء، بل تشمل تكليف عمداء الكليات وتعيين الأساتذة المتعاقدين للتفرغ في ملاك الجامعة. وتشمل "ملفات فساد كثيرة، وإحداها تلزيم عقود مشاريع لموظف في ملاكها يملك ثلاث شركات وبات من أصحاب المليارات"، وفق خليفة.
خليفة "المتشائم من مستقبل الجامعة اللبنانية" ينتظر "عجيبة" ما تنقذها. لكن، إلى أن تحلّ النعمة عليها، تُعَد الجامعة، بحسب خليفة، "غير مستقلة ولا تملك الإرادة الحرة، بل خاضعة لمصالح الأطراف السياسية وللفساد القائم في جسم الدولة". فتاريخياً، أي في سبعينيات القرن المنصرم، كانت "إستقلالية الجامعة مشهوداً لها في عهود أكاديميين من أمثال حسن مشرفية وإدمون نعيم ومحمد المجذوب، الذين كانوا يقفون حتى في وجه رئيس الجمهورية لرفض الإملاءات، وحفاظاً على إستقلالية قرار الجامعة. أما في ظل المحاصصة الطائفية فمصير إستقلالية الجامعة بات في يد من يأتي برؤسائها، أي رئيس مجلس النواب نبيه بري".
وتؤكد مكي على بعض ما جاء في كلام خليفة، لناحية "وضع الجامعة الكارثي والمحصاصة السياسية والمحسوبيات، التي تفرض على الرئيس المقبل أن يكون شخصاً مستقلاً كي يستطيع اتخاذ القرارات الأكاديمية التي تصب في مصلحة الجامعة والطلاب". فـ"الموقع الثقافي والأكاديمي للجامعة يفرض أن تكون المراتب والخدمات والمنح موزّعة بطريقة عادلة بين جميع الناس، آخذين بالإعتبار معيار الكفاءة العلمية". هذا فضلاً عن أن "الجامعة لم تعد تحتمل محاصصة كما هو حاصل في مؤسسات الدولة". ذلك أن الوضع الحالي "غير مقبول وبحاجة إلى تغيير، وخصوصاً في ظل الحراك المدني ووجود أجيال جديدة ترفض المحاصصة وتريد بناء دولة القانون والمؤسسات".
لكن مكي وعلى عكس خليفة متفائلة بمستقبل الجامعة. وترى أن هناك "عنصراً إيجابياً، هو قدرة مجلس الجامعة على أخذ القرارات والسير بها حتى النهاية". وهناك "مسؤولية كبرى تلقى على الرئيس المقبل بأن يعتمد سياسات واضحة تتلاءم والدور الوطني للجامعة، وبأن تكون قراراته مستمدة من مجلسها".
وضع الجامعة لا يبشر بالخير، ومجلسها الذي سيختار المرشحين الخمسة ليرفعهم وزير التربية والتعليم العالي إلى مجلس الوزراء، يقف أمام إمتحان صعب. فهل سيرشح "المجلس" خمسة من الأكفاء، أم ستتدخل "السياسة" وتعيّن "المرتكب"، كما تقول معلومات خليفة؟