قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ساعة مبكرة اليوم (السبت)، إن العمل الذي قامت به قوات من الجيش يمثل عملاً من أعمال الخيانة، وسيكون سبباً لتطهير القوات المسلحة.
وأضاف أردوغان في بث مباشر عبر قناة «أن تي في» التلفزيونية الخاصة، أن محاولة الانقلاب قام بها أتباع رجل الدين فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، وهو شخص يتهمه الرئيس التركي بمحاولة استغلال أتباعه في القضاء والجيش للإطاحة بالحكومة. وقال إنه سيبقى مع شعبه ولن يذهب إلى أي مكان.
وقال أردوغان إن «أقلية من منتسبي منظمة الكيان الموازي تمكنوا خلال السنوات الـ 40 الماضية من التسلل إلى قواتنا المسلحة وتشكيلاتنا الأمنية وهم مجموعة لم تستسغ وحدة بلدنا وسلامتها وتكاتفها»، مشيراً إلى أن «ما حدث يظهر أن هيكل غولن عبارة عن تنظيم إرهابي مسلح».
ولكن غولن ندد «بأشد العبارات» بمحاولة الانقلاب في تركيا، في بيان مقتضب أصدره قبيل منتصف ليل الجمعة. قال فيه «من المسيء كثيراً بالنسبة لي كشخص عانى من انقلابات عسكرية عديدة في العقود الخمسة الماضية، أن أتهم بأنني على أي ارتباط كان بمثل هذه المحاولة»، مضيفاً «أنفي بصورة قاطعة مثل هذه الاتهامات».
وأوضح الرئيس التركي أن المسؤولين عن الانقلاب سيدفعون ثمناً باهظاً، مؤكداً:«تركيا لم تعد مثلما كانت في الماضي». وقال إن مجلس الوزراء يؤدي مهامه في أنقرة، مشيراً إلى أنه لايعرف وضع رئيس أركان الجيش.
وأعلن أردوغان أمام صحافيين في مطار اسطنبول حيث كان حشد في استقباله، أن الفندق الذي كان يمضي فيه عطلة الصيف في جنوب غربي تركيا، تعرض للقصف بعد مغادرته.
وحضّ أنصاره على البقاء في الشوارع إلى حين عودة الوضع إلى طبيعته، وفي كلمة ثانية لحشد يضم آلافاً من أنصاره يلوحون بالأعلام في المطار الرئيس في اسطنبول، قال أردوغان إن الحكومة لا تزال على رأس السلطة. وقال أيضاً إن بعض الاضطرابات ما تزال مستمرة في العاصمة أنقرة وإنه يأمل في أن تنتهي قريباً. وأضاف أن الرحلات الجوية لشركات الطيران التركية استؤنفت.
وكانت محطة «فوكس تي في» التركية بثت تسجيلاً لحديث سابق لأردوغان خلال الليل قال فيه إنه جرت محاولة للانقلاب على تضامن ووحدة البلاد، وإنه لا سلطة تعلو على الإرادة الوطنية.
من جهته، صرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم أن الوضع في البلاد تحت السيطرة إلى حد كبير، مضيفاً أن محاولة الانقلاب على الحكومة قام بها متمردون من أتباع غولن، فيما نفت حركة مقربة من غولن علاقتها بالأمر.
وأعلن يلدرم أيضاً في حديث لمحطة «أن تي في» التلفزيونية فرض حظر طيران في سماء العاصمة أنقرة، وقال: «اعتباراً من الآن، سيتم إسقاط جميع الطائرات والمروحيات التي تحلق في سماء أنقرة فوق مباني جهاز الاستخبارات العامة والبرلمان ورئاسة الجمهورية ورئيس الوزراء».
وأوضح أن جميع قادة الجيش وقادة الصف الثاني على رأس مهامهم، «ونحن كذلك نتابع أعمالنا»، كما أعلن يلدرم أنه عين قائداً جديداً لهيئة الأركان بالنيابة محل رئيس الأركان الجنرال خلوصي آكار الذي يعتقد أنه محتجز لدى العسكريين الانقلابيين.
وقال يلدرم إنه عين قائد الجيش التركي الأول المتمركز في اسطنبول الجنرال أوميت دوندار قائداً عاماً جديداً للجيش. وأكد يلدرم أن الأمور تتحسن مع كل لحظة تمر.
من جهته، قال وزير العدل التركي بكير بوزداج إن السلطات التركية اعتقلت 336 شخصاً بعد محالوة الانقلاب، وأردف قائلاً لمحطة «سي إن إن ترك» إن هذه الاعتقالات جرت في شتى أنحاء البلاد.
إلى ذلك، أشارت الاستخبارات التركية إلى «عودة الوضع إلى طبيعته»، في الوقت الذي تعرض فيه البرلمان في أنقرة إلى قصف جوي. وقال مستشار العلاقات العامة في «جهاز الاستخبارات التركية» نوح يلماز إن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها في تركيا، مؤكداً إجهاض محاولة انقلاب مجموعة محدودة في الجيش التركي.
وأوضح يلماز في تصريح أدلى به اليوم، أن القوات الأمنية التركية سيطرت على المواقع الحساسة في البلاد. وشدد على أن الحياة عادت إلى طبيعتها داخل صفوف الاستخبارات التركية، داعياً المواطنين لفض اعتصاماتهم. وقال إن الشعب حال دون الاستيلاء على مؤسسات الدولة.
بدوره، دعا الرئيس التركي السابق عبد الله غل الجيش إلى «التراجع عن خطئهم»، فيما دعا زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو الشعب التركي إلى اتخاذ موقف موحد ضد المحاولة الانقلابية.
وأكد أن حزبه «سيبقى ملتزماً بالإرادة الحرة للمواطنين، والتي تعد من أسس الديموقراطية البرلمانية»، مضيفاً «هذا الالتزام من أولويات ومبادئ حزبنا وأنصاره وكوادره والحفاظ على الديمقراطية من مهماته».
وكان الجيش التركي أعلن في بيان مساء أمس، أنه تولى السلطة في البلاد بالكامل. وأشار إلى أنه قام بتلك الخطوة من أجل حماية النظام الديموقراطي والحفاظ على حقوق الإنسان، مؤكداً أن علاقات أنقرة الخارجية الحالية ستستمر.
وأكدت مصادر عسكرية لوكالة «الأناضول» التركية أن الذي خطط للانقلاب العسكري هو المستشار القانوني لرئيس الأركان التركية، العقيد محرم كوسا الذي أقيل من منصبه في وقت سابق.
وأوضحت المصادر أن ضباطاً وعسكريين، وقفوا إلى جانب كوسا في الانقلاب، مثل العقيد محمد أوغوز أققوش والرائد أركان أغين والمقدم دوغان أويصال، مبينة أن قوات الأمن التركية اعتقلت 13 عسكرياً من منفذي الانقلاب بينهم 3 ضباط أثناء محاولتهم اقتحام المجمع الرئاسي في العاصمة التركية.
وفي رد فعل أولي عقب محاولة الانقلاب، اعتقل 754 عسكرياً في أنحاء مختلفة من تركيا على ارتباط بالانقلاب التي نفذتها مجموعة من الجنود المتمردين، كما أقيل خمسة جنرالات و29 ضابطاً برتبة كولونيل من مهامهم بأمر من وزير الداخلية أفكان علي. بحسب ما أفادت «الأناضول».
وبحسب شهود من «رويترز»، فإن طائرة هليكوبتر عسكرية أطلقت النار في العاصمة التركية، بينما أفاد آخرون بسماع دوي إطلاق نار في العاصمة.
وأكد شهود أن انفجارين آخرين أصابا مبنى البرلمان التركي في أنقرة في ساعة مبكرة من صباح اليوم، وذلك بعد ما هز انفجار المبنى في وقت سابق، وأكدت مصادر إصابة 12 شخصاً بجروح إثنان منهم بجروح بالغة جراء الهجوم.