يطالعنا بشار الأسد في كل مرة يطل فيها عبر مقابلة تلفزيونية بمعادلته الخنفشارية عندما يحاول أن يبرر حجم الدماء البرئة التي تسال يوميا في سوريا، فيستحضر بخساسة وبدون أي تأسف أو ندامة التشبيه الكاريكاتوري بين ما يقوم به من سفك دماء وإزهاق لأرواح السوريين وبأبشع الأساليب الوحشية وسحق الناس تحت براميله المتفجرة، يشبه كل هذا الاجرام بالعملية الجراحية التي يقوم بها الطبيب المعالج من أجل استئصال عضو مصاب بالغرغرينا خوفا من انتقال الى كامل جسد المريض.
هذا تماما ما أجاب به الاسد عندما سأله "بيل نيلي" مراسل تلفزيون nbc الاميركي يوم أمس :"كيف تعتقد أن التاريخ سيذكرك؟ "
فأجاب" الأسد" : " آمل أن يراني التاريخ الرجل الذي حمى وطنه من الإرهاب والتدخل الخارجي، وصان سيادتها، ووحدة أراضيها."!!
فقال "نيلي" :"لأنك تعلم ماذا تقول الرواية التاريخية الحالية بأنك دكتاتور دموي تلطخت يداه بالدماء، على يدك دماء أكثر حتى من والدك !!"
فأجاب "الاسد" :"لا , مجدداً سأستخدم مثال بأنه إن كان لديك طبيب قطع يد بسبب الغرغرينا لينقذ المريض، فلا تقول أنه طبيب جزار، هو يقوم بعمله كطبيب كي ينقذ باقي الجسم. عندما تحمي وطنك من الارهابيين، وتقتل الارهابيين وتلحق بهم الهزيمة، فأنت لست ديكتاتورا، أنت شخص وطني،."
فإذا ما كان المقصود بالمريض هنا هي سوريا، فإن من الواضح أن ما يقوم به بشار الاسد ومن معه هو عملية استئصال ولكن لكل جسد سوريا ما عدا موضع الداء طبعا، فهذا الحجم الهائل من الدمار والقتل والتشريد بحيث لم يبق في سوريا حجر على حجر ليأتي هذا الطبيب الحاذق ليخبرنا بعد ذلك بأنها عملية استئصال بسيطة، والأنكى من ذلك أن الهدف من هذا هو حماية سوريا المريضة ! فإذا كانت الحماية على هذه الشاكلة فكيف ترى يكون السبيل لو أراد المجرم أن " يقتل مريضه " وبقضي عليه غير ما يجري تماما ؟
يضاف إلى ذلك أن المصيبة الأكبر إنما تكمن في اعتبار بشار الاسد نفسه هو طبيب سوريا وهو المنقذ لها شأنه بذلك شأن أي ديكتاتور، في حين أنه هو أصل الداء، لأن حقيقة المرض إنما تكمن بوجوده هو على سدة الحكم بعد أن ورثه عن أبيه وقبض على كل جسد الوطن السوري بالحديد والنار وبفايروس أجهزة مخابراته التي تفتك بسوريا والمنطقة منذ أربعة قرون.
ولأن عدوى الداء السوري قد انتشر الى خارج الحدود بعد أن عم المرض البشاري كل مكان أو دولة لامست منطقة الوباء فإنه يمكن القول بكل بساطة واعتمادا على توصيف طبيب العيون نفسه أن غرغرينا بشار الاسد قد تصيب مجتمعات بعيدة جدا تصل الى نيس وما بعد نيس إذا لم يسارع المجتمع الدولي المفتوح على تلقي الوباء وبادر لاستئصل غرغرينا بشار الاسد .