يشير استخدام إرهابي لشاحنة من أجل دهس عشرات الأشخاص في منطقة سياحية في مدينة نيس الفرنسية إلى تحقق أسوأ الكوابيس التي يمكن أن يتوقعها مسؤولو الأمن في أوروبا، وهي أن تصبح أي شاحنة أو سيارة تهديدا محتملا.
وسقط أكثر من 84 قتيلا وأصيب العشرات في نيس باعتداء نفذ بشاحنة، ليل الجمعة، دهست جمعًا من الناس كانوا محتشدين لمشاهدة الألعاب النارية بمناسبة احتفالات العيد الوطني الفرنسي.
ففي هذه المرة استخدم المهاجم وسيلة منتشرة لا تثير حفيظة الأمن، وهو ما جعله ينطلق بحرية تامة ليدهس العشرات ويحقق أكبر قدر من الأذى من دون الاضطرار لاستخدام متفجرات أو أسلحة تحتاج إلى وقت وشبكة معقدة من الإرهابيين لتهريبها ووصولها إلى المكان المستهدف.
ويضع الهجوم الدامي في نيس كل ما يسير على إطارات موضع اشتباه، مما يضع حملا أمنيا غير عادي على أجهزة المخابرات والشرطة، ويجعل خطر وقوع حادث مماثل محتملا دائما في جميع أنحاء أوروبا وليس فرنسا فقط.
ويقول الباحث في الشؤوون الأوروبية علي مراد لـ"سكاي نيوز"، إن الأجهزة الأمنية الفرنسية أعربت عقب هجمات باريس الأخيرة في تشرين الثاني 2015، عن خشيتها من عمليات نوعية من ضمنها أسلوب الدهس بالسيارات في غياب استراتيجية لمواجهتها.
ويعني ذلك أنه رغم التوقعات بحدوث ذلك نوعا ما، فإنه من الصعب إحباط مثل هذه العمليات.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين أمنيين، أن المخابرات الفرنسية لم تملك ملفا عن منفذ هجوم نيس التي ذكرت التقاير الأولية أنه فرنسي من أصل تونسي ويبلغ 31 عاما.
واستخدام شخص "نظيف" أمنيا، يزيد أيضًا من صعوبة توقع وتتبع الخطط الإرهابية لشن هجمات غير تقليدية لا تنطوي على استخدام متفجرات أو وسائل محظورة أمنيا.
ويرى مراد أن التنظيمات الإرهابية مثل "داعش" تحاول قلب الطاولة على الدول الأوروبية بينما تتكثف الضربات الموجعة على التنظيم في العراق وسوريا.
ولم يعلن تنظيم "داعش" أو أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم.
ويقول الباحث السياسي رجائي بركات لـ"سكاي نيوز" من بروكسل، إنه رغم التعاون الأمني المتزايد بين أجهزة الاستخبارات الأوروبية بعد هجمات بلجيكا في آذار 2016، فإن منع هذه النوعية من العمليات الإرهابية "أمر صعب جدا".
وعززت فرنسا من إجراءاتها الأمنية وفرضت حالة من الطوارئ عقب هجمات باريس، لكن يبدو أن هذه الإجراءات يجب أن تأخذ في حسبانها كل ما هو غير معتاد في الحسبان.
(سكاي نيوز)