إن التصرفات والتجاوزات والممارسات المعيبة والخاطئة بحق النازحين السوريين في بعض المناطق اللبنانية، لا تدل على بطولة أو رجولة بل على العكس من ذلك، وهي ممارسات عشوائية عنصرية لا تمت إلى الأخلاق والإنسانية والقانون بأي صلة.
ولا يجوز لا انسانياً ولا منطقياً ولا قانونياً ولا شرعياً، أخذ الكل بجريرة الجزء، أو محاسبة جماعة على خطأ ارتكبه فرد واحد، إذا كان هناك من خطأ أصلاً.
ومن غير المفهوم كيف تتصرف هذه البلديات من تلقاء نفسها وباجتهاداتها الخاطئة، وكأن لا دولة ولا قانون ولا جهات رسمية وأجهزة وقوى شرعية مكلفة ومعنية أولاً وأخيراً بضبط النظام العام وملاحقة أي مرتكب ومتطاول على القانون.
إن بعض المشاهد التي تناقلتها بكثرة مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام عن ممارسات طالت عمالاً ونازحين سوريين في مناطق لبنانية عدة، لا تذكّر سوى بممارسات تعسفية بغيضة ولا يرتكبها الا المستبدون والمحتلون لأرض غيرهم، بل هي أكثر عيباً ومدعاة للقلق خصوصاً انها طالت نازحين مقيمين في بيئة مفتوحة وليست مغلقة والجميع فيها يعرف الجميع.
وحسناً فعل وزير الداخلية نهاد المشنوق بالإيعاز للجهات المعنية للتدخل لوضع حد لهذه الممارسات، خصوصاً ان القوانين اللبنانية تسري على جميع المقيمين، مواطنين وغير مواطنين، ولا يمكن تالياً القبول بالتطاول على تلك القوانين أو التراخي مع ممارسات مقززة ولا يقرها شرع ولا شريعة من نوع تركيع نازحين سوريين بالجملة وتوجيه كل أصناف الاهانات لهم.
وفي موازاة ذلك، فإن تلك الممارسات العنصرية التي استفحلت وتكاد ان تصير طقساً اجتماعياً في أكثر من منطقة، تطرح مشكلة أخلاقية كبيرة: إذا كنا كلبنانيين، والجزء الأكبر منا يعرف معنى النزوح وآلامه، كما العيش في بيئات ودول غريبة، نتعامل بهذه الوحشية مع نازحين هاربين من ظروف مأسوية ومن إجرام لا مثيل له يمارس في حقهم، فمعنى ذلك اننا لم نتعلم شيئاً من مآسينا وتجاربنا المريرة، ولن نتعظ من النكبات التي ضربتنا من كل جانب .