لمدة 30 عامًا، عمل بروس ريدل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه). هو من أبرز الاختصاصيين في مكافحة الإرهاب. قضى، كما يقول، كل حياته في الشرق الأوسط الذي "لا يسمح لك بالهرب منه، بل يظل يلاحقك".

كان مستشارًا لأربعة رؤساء أميركيين في ما يتعلق بالشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا، ضمن فريق جهاز الأمن القومي. أصدر عدة كتب تتعلق بمكافحة الإرهاب، وأمن الخليج، والعلاقات العربية - الإسرائيلية. قال لي أحد أصدقائه عنه: "بروس ذكي جدًا، مطلع ولائق". وكونه قضى معظم حياته حتى الآن في الشرق الأوسط يردد على الدوام: "من المحزن جدًا رؤية مدن عظيمة، مثل دمشق وبغداد، تتحول إلى ساحات قتال". في الحوار الذي أجرته معه "الشرق الأوسط"، وهو الأول مع مطبوعة عربية، قال ريدل إن غزو العراق عام 2003 مهد لتفكيك الدول العربية، كما أشار إلى أن الحرب اللبنانية في منتصف السبعينات كانت مقبلات لما سيأتي لاحقًا. ولفت الانتباه إلى أن سوريا وليبيا في طريقهما إلى الاختفاء، وأن العراق سيفقد شماله الكردي. وقال إن ما يسميه الإيرانيون ثورة إسلامية إنما هو في الحقيقة ثورة مذهبية، "وما دامت هناك ميليشيات شيعية في العراق تدعمها إيران، سيكون هناك (داعش)". ويضيف: "أحب الإيرانيون العراق إلى درجة أنهم يريدون رؤية 3 دول فيه. عراق شيعي، وعراق أصغر سني، وعراق كردي، وبهذا يمكنهم استغلاله".. واستبعد أن يلغي الرئيس الإيراني حسن روحاني الحرس الثوري.

* هل نحن متجهون الآن إلى منطقة يُعاد رسمها من قبل الولايات المتحدة وروسيا؟

- أعتقد أننا نتجه إلى منطقة يُعاد رسمها، لكنني لستُ متأكدًا من أن الأميركيين والروس هم من يقومون بذلك. أعتقد أن قوى الفوضى والتدمير هي التي تعيد رسمها أكثر من قوى خارجية.

 

* الشرق الأوسط يتفجر من الداخل..!

- نعم، إنه يتفجر، هناك عدة أسباب وراء ذلك، بينها سببان رئيسيان: الأول، قرار جورج دبليو بوش (الرئيس الأميركي السابق) وتوني بلير (رئيس الوزراء البريطاني الأسبق) الكارثي بغزو العراق، والثاني، فشل "الربيع العربي".

* من أثّر على الآخر؟

- أعتقد أنه مع غزو العراق بدأت عملية تفكيك الدول العربية وتوازن القوى في المنطقة، ثم جاء "الربيع العربي" ليسرّع في العملية، مع الأسف.

* إذا كان الشرق الأوسط يتفجر، فأي دولة تراها قد اختفت، وأي دولة تراها صارت أكثر من دولة، وأي دولة تراها وقد ضُمَّت إلى دولة أخرى؟

- أعتقد أن سوريا وليبيا في طريقهما إلى الاختفاء. العراق بصدد خسارة شماله الكردي، فيما تتماسك مناطقه الباقية، ليس حبًا، إنما بقوة السلاح. لن أُفاجأ إذا ما رأيت أجزاء من ليبيا وقد ضُمّت إلى دول أخرى.

* مثل مصر؟

- ربما مصر عبر المناطق القريبة منها، ربما بشكل غير رسمي في البداية. دولة أخرى أراها تعود إلى شكل مختلف، وهي اليمن. الجنوب قد ينفصل عن الشمال مجددًا، وقد يكون بحماية السعودية.

* أين ستختفي سوريا؟

- قد تبقى مقسمة ما بين العلويين وإمارات سنّية. كلها ستكون إسلامية، لكن بعضها سيكون أكثر تشددًا من الآخر.

* ستصبح دولة خطيرة؟

- ستصبح دولة مرعبة.

 

 

 

(هدى الحسيني - الشرق الأوسط)