تستعرض قيادة “حزب الله” حاليا قراراتها وأداءها في الحقبة الماضية، متوقفة عند التبدلات التي طرأت على المشهدين السياسي والميداني في كل من سوريا والعراق واليمن، في قراءة متأنية هدفها تحديد الموقع المناسب الذي يجب ان يتموضع فيه “الحزب” في المرحلة المقبلة.

وتقول أوساط سياسية قريبة من فريق 8 آذار إن حوارا يدور بين كوادر “الحزب” حول القرار الصائب الذي يجب اتخاذه لحماية رأس “الحزب” وضمان مصالحه في لبنان والمنطقة في ظل الاتفاق الاميركي – الروسي في شأن الملف السوري وضرورة ايصاله الى تسوية سياسية لا بد أن تنسحب مفاعيلها على الميادين الملتهبة كافة.

وتشير في السياق، الى أن وجهتي نظر تتنازعان قيادة “الحزب”، الاولى تدعو الى المضي قدما في نهج التصعيد السياسي والعسكري وتتمسك بخيار المواجهة والقتال في سوريا وعدم الاستسلام للضغوط التي تمارس من الداخل والخارج لدفعه للعودة الى لبنان، وتقول إن “اطلاق حوار مع الاطراف اللبنانيين الآخرين سيعتبر انهزاما وتنازلا من قبل الخصوم الذين قد يحاولون ابتزازنا وفرض شروطهم علينا، الامر المرفوض تماما والا فقد الحزب علّة وجوده”.

أما وجهة النظر الثانية، فترى أن ساعة الانسحاب من سوريا قد تكون دقت، وتعتبر أن نجاح الحزب في مواجهة الاستهداف المالي والسياسي والقضائي والعسكري والاداري المفروض عليه اليوم، يحتّم عليه الجلوس الى الطاولة مع نظرائه والمشاركة في حل لبناني متكامل. ويقول أصحاب هذه النظرية إن هذه الخطوة تلبس “الحزب” رداء شرعيا يحتاجه بقوة اليوم، كما ان الدخول في مفاوضات مع الاطراف اللبنانية الاخرى قد يتيح له فرصة انتزاع ضمانات لازمة للمرحلة المقبلة ومكاسب تعزّز موقعه في اللعبة السياسية.

ولا تستبعد الاوساط ان يضطر “حزب الله” الى الدخول في مفاوضات داخلية في ضوء التطورات الاخيرة على الساحة العربية، حتى أن بعض كوادره طرح فكرة انتخاب رئيس “غير معاد لنا ورئيس حكومة حيادي غير مناوئ لنا” أيضا، معتبرين ان هذه المعادلة قد تكون أفضل للحزب من الشغور الحاصل. ويقول هؤلاء ان في الظرف الذي نمر به، لا يناسبنا الاتيان برئيس حكومة مقرب من السعودية، وعليه فان الخيار الافضل قد يكون بانتخاب رئيس مستقل وحيادي لا يعادي الحزب ورئيس حكومة على غراره. ووفق هذه التركيبة، فان حظوظ وصول رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون أو رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الى قصر بعبدا قد تكون معدومة مقابل الا يصل الرئيس سعد الحريري الى السراي.

واذ تشير الى ان “الحزب” يقترب من الاقتناع بأن وجود سلطة كاملة برئيسي جمهورية وحكومة غير معاديين له، أفضل من الشغور الحاصل، لأن الدولة وحدها اليوم يمكن أن تؤمن له الحماية، لا تستبعد الاوساط امكانية انتقال الحزب الى “وضعية جديدة” في المرحلة المقبلة، الا ان قرارا كهذا يبقى رهنا بتفاهم مسبق على سلّة مكاسب وضمانات تأخذ في الاعتبار حجمه الشعبي والعسكري ودوره الاقليمي.

 

المركزية