قليلون اليوم من لا يعرفون الألعاب الإلكترونيّة (Electronic Games)، والّتي تعدّ من وسائل التّسلية المنتشرة بين كلّ الفئات العمريّة، كباراً وصغاراً، والّتي تطوّرت مع الوقت، ودخل في توجيهها وإعداد موادّها ما يعبّر اليوم عن واقع الحال، من صراع وخلاف وحروب على كلّ الصّعد، فابتعدت بالتّالي عن هدفها الأساسيّ، وهو المتعة والتّسلية، وصارت لعبةً لتمرير أفكار وآراء سياسيّة واجتماعيّة متنوّعة.
ونحن نرى اليوم الكثير من هذه الألعاب، بصورها وأشكالها وبرامجها، ومنها ما يحاكي قضيّة اجتماعيّة أو سياسيّة أو اجتماعيّة من وجهة نظر معيّنة تحاول تمريرها أو تسويقها عبر هذه التقنيّة المنتشرة بين الأيدي وفي كلّ مكان.
والمفترض من النّاحية الاجتماعيّة، أنّ هذه الألعاب هي لإفادة الإنسان منها في التّعليم والتّسلية والتّرفيه، وأداة لتطوير ثقافته وقدراته الذّهنيّة بمتعة وسهولة، ولكن بمقارنة بسيطة بين الألعاب القديمة الّتي كنّا نلعبها، وبين الألعاب الإلكترونيّة اليوم، نرى أنّ الألعاب القديمة كانت لمجرّد اللّعب والتّسلية، دون تمرير أيّة فكرة أو رسالة تخاطب خيال الأطفال، أمّا الألعاب اليوم، فيعمل بعضها بشكل أو بآخر على إعادة تشكيل خيال الإنسان، وصوغه وفق ما يوجّهه البعض ويزرعه من برامج تعبِّر عن صراعات وتناقضات سياسيّة واجتماعيّة تبتعد في بعض الأحيان عن التّرفيه، وتسبّب الأذى النفسيّ للآخرين، فالعنف المفرط الّذي تحتويه الألعاب الإلكترونيّة هذه الأيّام، لا حصر لها ولا حدّ، وتترك تأثيرها السلبي على شخصيّة الأطفال والمراهقين، وحتّى الكبار، ما يؤدّي إلى تراكم المشاعر والأفكار العدوانيّة..
ويحذّر البعض من خطورة هذه الألعاب الّتي تُبثّ أيضاً على بعض القنوات الفضائيّة، والّتي تعمل على تأصيل ثقافة العنف والممارسة العدوانيّة لدى الأطفال والشّباب، داعين إلى اتخاذ مواقف عمليّة منها.
والسّؤال المطروح اليوم بقوّة: هل السوق العربيّة مراقبة بالشّكل الصّحيح والكافي لجهة الحدّ من انتشار الألعاب الإلكترونيّة التي تشجّع ثقافة العنف والعدوان؟ وهل القيّمون على الأمر يقومون بدورهم في رصد هذا الأمر ومواجهته؟
فالواقع اليوم يضجّ بكثير من أشكال العنف والصّراع والعصبيّات والتوتّر، والأطفال اليوم يعيشون في كلّ هذا الجوّ المشحون، فهل نضع بين أيديهم ما يؤدّي إلى انحرافهم، ويزيد من توتّرهم واهتزازهم النّفسيّ والشّخصيّ، أم نعمل على مدّهم بما يغذّي شخصيّاتهم وعقولهم وينمّيها؟! سؤال برسم الجميع!