يتأكد يوما بعد يوم أن حزب الله ومن خلفه إيران ليس بوارد الإفراج عن ملف الرئاسة في لبنان، وعلى خلاف تبنيه علنيا ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون، إلا أن تصريحاته ومسلكه في الفترة الأخيرة يعززان الرأي القائل بأنه لا نية لديه ولا لداعمته طهران في تمكين الأخير من كرسي بعبدا.
ويعتبر الحزب ومن خلفه النظام الإيراني أن حل الأزمة اللبنانية مازال مبكرا، باعتبارها ورقة مهمة يمكن توظيفها في ظل استمرار الصراع السوري.
هذا الموقف المتصلب، سيزيد من تعقيد مهمة وزير الخارجية الفرنسية جان مارك آيرولت الذي وصل، الاثنين، إلى لبنان في محاولة فرنسية جديدة لحلحلة الأزمة اللبنانية.
واستبق نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، لقاء آيرولت بالمسؤولين والسياسيين اللبنانين، بالقول إن الحل لا يكمن في الزيارات الأجنبية.
وقال قاسم، في تصريح صحافي، الاثنين، “لا شك لدينا في أن جميع المسؤولين وقادة القوى السياسية في لبنان يريدون انتخاب رئيس للجمهورية”، مضيفا “المشكلة الأساسية تكمن في التدخل الخارجي، وعلينا أن نشير إليها بوضوح للمعالجة، فقد تبين خلال العامين الماضيين أن الجهة الوحيدة التي تقف سدا منيعا وتشترط خيارها هي السعودية، حيث رفض وزير خارجيتها السابق سعود الفيصل اتفاقا شبه ناجز لاختيار الرئيس، ومع أن الإشارات التي صدرت من الدول المختلفة خلال هذه الفترة لم تمانع في أي اختيار، فقد بقي الفيتو السعودي مانعا من الانتخاب”.
وأضاف “لإيجاد طريق الحل في معالجة المشكلة، فتشوا عن السعودية، إن وافقت يجري الانتخاب غدا، وإن لم توافق فالأزمة طويلة، ولن تحلها لا التصريحات ولا التبريرات ولا الزيارات الأجنبية ولا الاتهامات. باختصار، حل الرئاسة عند السعودية”.
أنطوان زهرا: حزب الله دائما موارب في مسألة التأييد الفعلي لأي من فرنجية وعون
تصريحات قاسم، في مضمونها ليست بالجديدة، لأن الحزب ما فتئ، على مدار أكثر من عامين من عمر أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، يلقي المسؤولية إلى المملكة العربية السعودية (التي هي في صراع مع إيران)، إلا أنها مهمة من حيث توقيتها حيث تزامنت مع زيارة جان مارك آيرولت.
ويقول متابعون إن نائب نصرالله أراد من هذه التصريحات التأكيد أن “الفيتو” على انتخاب الرئيس مازال قائما وأن حراك آيرولت ولقاءاته لن يكونا مثمرين.
وتعمل الدبلوماسية الفرنسية جاهدة على تحقيق خرق في الأزمة اللبنانية وقد حرص وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارة لنظيره الإيراني محمد جواد ظريف لباريس في 23 يونيو الماضي على أخذ تعهدات منه بتسهيل مهمة اختيار رئيس في لبنان، من خلال الفصل بين الملفين اللبناني والسوري الذي لا تبدو له نهاية.
وذكرت مصادر فرنسية مؤخرا أن باريس ليست واثقة من هذه الوعود، فسبق لطهران أن وعدت بذلك العام الماضي خلال زيارة أجراها المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي جان فرنسوا جيرو لطهران.
ويقول مراقبون إن محاولات الجانب الفرنسي لإنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان ينطبق عليها المثل القائل “كمن يصب الماء في الرمال”، مشيرين إلى أن طهران لن تترك هذه الورقة بسهولة، كما أنها في حال قررت طرحها فلن يكون ذلك لباريس بل للولايات المتحدة الأميركية.
هذا التشاؤم من السعي الفرنسي ينسحب، وفق كثيرين، أيضا على حراك النائب ميشال عون الذي انطلق قبل أيام من زيارة آيرولت. وكان نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، واضحا في كلامه حين قال بطريقة غير مباشرة إن الحل لن يكون أيضا إنتاجا محليا.
وبدأ ميشال عون المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية قبل فترة سلسلة اتصالات ولقاءات مع أطراف عدة لإزالة الألغام التي تقف في طريقه لقصر بعبدا وذلك بدعم واضح وعملي من رئيس القوات سمير جعجع.
ويرى البعض أن حزب الله لم يكن راضيا بتاتا على هذا الحراك، غير مستبعدين أن تكون زيارة القيادة العامة لحزب البعث برئاسة النائب عاصم قانصو إلى المرشح الرئاسي الثاني سليمان فرنجية، وإعلان البعث إثرها دعمه له، تصب في سياق محاولة الحزب تعكير صفو الحراك العوني. ويقول النائب أحمد فتفت إن “زيارة وفد البعث لرئيس حزب المردة يأتي في إطار توزيع الأدوار مع حزب الله الذي يهدف إلى تبرير الفراغ الرئاسي، وهو يؤكد أن لا حسم قريبا في الملف الرئاسي”.
ويشير فتفت إلى أن “انتخاب الجنرال عون كان قد بات ممكنا بعد أن أعلنت عدة كتل نيابية وازنة رغبتها في انتخابه، ولكن من غير المقبول أن يطالب الرئيس سعد الحريري بالموافقة المسبقة على انتخابه. فهذا غير ممكن. ومن يعطل الجلسات ويقطع الطريق أمام انتخاب عون هو حليفه حزب الله بشكل رئيسي، لأنه يريد استمرار الفراغ”.
من جهته لفت النائب عن كتلة القوات اللبنانية أنطوان زهرا إلى أن حزب الله لا يمانع زيارة وفد البعث لفرنجية، فهو كان دائما مواربا في مسألة التأييد الفعلي والكامل لأي من المرشحين.
ويختم النائب القواتي بالقول إن الفراغ في لبنان “لا يزال سيد الموقف” وإن زيارة آيرولت لبيروت هي للتأكيد على “استمرار الرعاية الفرنسية وضرورة بذل المساعي الحميدة من أجل التوصل إلى حلول ولكن دون أفق”.
شادي علاء الدين: العرب