فرنسا تضيّع الفرص في لبنان , والغباء السياسي الاوروربي يبحث عن الحل في غير محله , فالحل ليس في لبنان , بل في الرياض وطهران
السفير :
سبعمئة وتسعة وسبعون يوماً ولبنان بلا رئيس للجمهورية.
يأتي وزير خارجية فرنسا جان مارك ايرولت الى بيروت ويمضي في اليوم التالي، ولا بصيص أمل في إحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية. وحده الحوار السعودي ـ الإيراني «الذي لا بد منه»، على حد تعبير الرئيس نبيه بري، هو الكفيل بإحداث انفراج في هذا الملف وفي غيره من الملفات الإقليمية.
التسوية الرئاسية لن تأتي من خارج لبنان. هذا ما ردده وزير خارجية فرنسا، ليل أمس، أمام ضيوفه في قصر الصنوبر، وبينهم أكثر من مرشح رئاسي. في المقابل، لسان حال اللبنانيين أن الفرصة الرئاسية لم تعد بأيديهم. في هذا السياق، قال الرئيس بري لـ«السفير» إنه في حال عدم التوصل إلى قانون انتخابي جديد في موعد أقصاه تشرين الثاني المقبل، فإنه يقطع يده ولا يمدد للمجلس النيابي مجدداً، وبالتالي، سيكون لزاماً على وزارة الداخلية التحضير لانتخابات نيابية ستجري في الربيع المقبل وفق القانون المعمول به، أي قانون الستين.
يأتي موقف بري بالتزامن مع مناخ عمّمه «التيار الوطني الحر» حول ما يجري من حوار داخل «تيار المستقبل»، لجهة حسابات الربح والخسارة من خيار تبنّي ترشيح العماد ميشال عون بدل النائب سليمان فرنجية، وهذا الخيار ينحاز إليه عدد من قيادات «التيار الأزرق» وأبرزهم الوزير نهاد المشنوق وقوامه افتداء «الصيغة» (الطائف) بتبنّي «الجنرال»، فيما يبرز موقف اعتراضي حاد لفريق آخر يتقدمه الرئيس فؤاد السنيورة الذي يعتبر أن هذا الخيار يساوي الانتحار سياسياً.
واللافت للانتباه هو ما قاله مصدر واسع الاطلاع في «المستقبل» بأن الحذر الغربي وتحديداً الأميركي من العماد عون «يكاد يفوق حذر كل الآخرين وبأشواط كثيرة»، وقال لـ «السفير»: «هل يعقل أن يقبل الأميركيون بالعماد عون رئيساً في خضمّ تحشيدهم ضد «حزب الله» ومحاصرته بالعقوبات المالية والمصرفية»؟
وفي المقابل، يحاول العماد عون تبديد بعض الأجواء المتحفّظة أو الرافضة لوصوله الى رئاسة الجمهورية، وتردد في هذا السياق، أنه طلب زيارة العاصمة السعودية من أجل الاجتماع بكبار المسؤولين في المملكة، وذلك غداة العشاء الذي أقامه السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري على شرف قيادات لبنانية قبيل شهر رمضان في دارته في اليرزة. وفهم أن عون تبلّغ اشارات ايجابية لم تترجم بتحديد موعد لزيارته حتى الآن.
وقال نائب ماروني في «تكتل التغيير» لـ «السفير» إن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «يتحرك تحت سقف «اعلان النيات»، وهو كان صادقا عندما بادر باتجاه كل من سعد الحريري ووليد جنبلاط من أجل شرح مبررات تبنيه ترشيح العماد عون، وهو تمنى عليهما أن يخرجا البلد من واقع الشغور عبر تبني ترشيح رئيس «تكتل التغيير»، وقد فهمنا أن جواب الحريري لم يتغير جوهرياً، برغم اشارته اللافتة للانتباه بأنه يفضل انتخاب أي رئيس للجمهورية على بقاء الوضع على ما هو عليه حاليا، فيما كان جنبلاط حريصا على القول إنه لن يكون جزءاً من أي اصطفاف طائفي بوجه أي طائفة في محاولة لعزلها أو حشرها تحت أي عنوان من العناوين، وقال جنبلاط لجعجع، وفق المصدر نفسه:»أنصحك بأن تذهب الى عند كل من الرئيس بري وقيادة «حزب الله» وأن تحاول اقناعهما بمبرراتك، فأنا لا أستطيع القيام بأكثر مما قمت به حتى الآن ولا أريد أن أتسبب لنفسي بالمزيد من الاحراجات».
عند هذا الحد، بلغ مسعى جعجع الحائط المسدود، خصوصا أنه كان في لقائه مع الحريري حادا في هجومه على «حزب الله»، معتبرا أن الحزب يتلطى وراء دعم ترشيح عون من أجل اطالة أمد الفراغ، وأن أفضل طريقة لاحراج «حزب الله» وكشف نياته، تتمثل بسحب ترشيح فرنجية وتبني «الجنرال»، على حد تعبير المصدر نفسه».
وأوضح المصدر في «تكتل التغيير» أن العماد عون لم يتطرق خلال زيارته الى عين التينة الى الملف الرئاسي نهائيا، لكن وزير الخارجية جبران باسيل، ولحظة مغادرته مقر الرئاسة الثانية، بعد ابرام «التفاهم النفطي» ألمح الى وجود فرصة لعقد تفاهمات أخرى، فكان جواب بري «عدس بترابو وكل شي بحسابو»، وهنا قال له باسيل «أيا كان موقفك دولة الرئيس، فإن العماد عون يحبك»، وسارع رئيس المجلس للرد «وأنا أحبه أيضا»!
النهار :
اتخذت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت لبيروت التي وصل اليها أمس بعدين متلازمين، الاول يتصل بالذكرى العاشرة لحرب تموز الاسرائيلية على لبنان والتي انتهت باصدار القرار 1701 الذي وسع انتداب القوة الدولية "اليونيفيل" في منطقة عملها مع الجيش اللبناني، والثاني يتصل بالتحرك الفرنسي المتواصل من اجل انهاء ازمة الفراغ الرئاسي في لبنان. وبدا واضحا ان وزير الخارجية الفرنسي اراد لمهمته اظهار التلازم بين الاستقرار على جانبي الحدود اللبنانية – الاسرائيلية عشية الذكرى العاشرة لحرب تموز والسعي الفرنسي الى تحييد الازمة المؤسساتية الداخلية عن النزاع الاقليمي، فحط في المحطة الاولى من زيارته في مقر قيادة "اليونيفيل" قبل ان يشرع مساء في قصر الصنوبر في سلسلة لقاءات واسعة مع الزعماء السياسيين وممثلي القوى السياسية.
وأعلن ايرولت من الناقورة ان بلاده ستبذل كل ما في وسعها للحفاظ على السلام في لبنان وانها ستبقى ملتزمة المشاركة في قوة الامم المتحدة، علماً ان فرنسا تشارك بزهاء 850 عسكريا في هذه القوة. وقال امام الجنود الفرنسيين المشاركين في اليونيفيل: "قبل عشر سنين بالتمام نشبت حرب مدمرة بين اسرائيل وحزب الله"، لافتاً الى ان "استقرار الخط الازرق اولوية لفرنسا"، وان فرنسا ستبقى "ملتزمة تماماً" البقاء داخل هذه القوة. وأضاف: "اتيت الى هنا حاملاً رسالة دعم لقواتنا وللشعب اللبناني ونريد ان نقول أيضاً للاسرائيليين على الجانب الآخر من الحدود اننا نقوم بكل ما هو ممكن لضمان السلام والامن للجميع ". واذ لاحظ "ان هناك اليوم أخطاراً أخرى تهدد لبنان" وخلص الى انه "يجب ان يبقى لبنان بمنأى عن النزاع السوري ".
وبدأ وزير الخارجية الفرنسي لقاءاته السياسية مساء في قصر الصنوبر في حضور السفير الفرنسي ايمانويل بون ، فالتقى الرئيس سعد الحريري الذي بدا انه عاد الى بيروت أمس من اجل هذا اللقاء. وافاد المكتب الاعلامي للحريري انه تخلل اللقاء عرض للجهود الجارية لوضع حد للفراغ في رئاسة الجمهورية والاتصالات الدولية التي تجريها فرنسا والمساعدات المطلوبة للبنان لمواجهة اعباء النزوح السوري الى أراضيه كما لتدعيم الدولة اللبنانية ومؤسساتها والحفاظ على استقرار لبنان في ظل المخاطر الاقليمية والارهابية المحيطة. وبعد ذلك سافر الحريري في رحلة عمل الى الخارج.
كما التقى ايرولت رئيس "تكتل التغيير والاصلاح " النائب العماد ميشال عون، ثم رئيس "تيار المردة " النائب سليمان فرنجية يرافقه وزير الثقافة روني عريجي، فرئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع. واقيم عشاء جمع الى الوزير الفرنسي عددًا من الشخصيات من أبرزهم عون وفرنجية والرئيس فؤاد السنيورة وجعجع ووزراء بينهم وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العمل سجعان قزي والوزير عريجي.
ومن المقرر ان يستكمل ايرولت لقاءاته اليوم ومن ابرزها لقاء ورئيس "كتلة الوفاء للمقاومة " النائب محمد رعد، علماً ان وزير الخارجية الفرنسي سيقوم بجولة تشمل رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء تمام سلام والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي عاد أمس من الولايات المتحدة. ويختم زيارته بلقاء وزير الخارجية جبران باسيل يعقدان بعده مؤتمراً صحافياً مشتركاً.
الملف المالي
الى ذلك، علمت "النهار" ان جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية اليوم ستشهد من خارج موضوعها المتعلق بالمالية العامة مداخلات لعدد من الوزراء الممتعضين من طريقة طرح الملف النفطي في حوار ثنائي، لكن ذلك سيكون عرضاً لينصرف الوزراء بعدئذ الى الاحوال المالية لجهة تبيان حقائق إمكانات الخزينة كي يتبيّن للوزراء حدود المشاريع التي يمكن طرحها. وقالت مصادر وزارية في هذا الصدد انه ستجرى جردة حساب للمالية العامة في غياب الموازنة وإرتفاع الدين العام ومدى ضرورة الذهاب الى مجلس النواب للتشريع المالي ومعرفة سبل تخطي القاعدة الاثني عشرية للانفاق.ولم تتوقع ان تنتهي الجلسة الى نتائج ملموسة في المجال المالي في المدى المنظور.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان مجلس الوزراء سيعود في جلسته الخاصة اليوم الى الدوران حول الملف المالي الذي اعدٰه وزير المال علي حسن خليل مع مستشاريه وخبراء اقتصاديين وماليين في وزارة المال، وبقي معهم حتى ليل أمس يضع اللمسات الاخيرة على المضمون. واشارت الى ان وزير المال سمع في زيارته الاخيرة لواشنطن صرخة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تطلق منذ اكثر من عشر سنين، بسبب غياب الموازنات العامة وتزايد انفاق الدولة دون واردات لتغطيتها، في سابقة لا مثيل لها. وهو ضمٰن تقريره الذي سيعرضه اليوم على مجلس الوزراء لمحة عامة عن زيادة العجز وحجم الدين والنمو، ووضع التدفّقات النقدية، اضافة الى واقع مشروع الموازنة.
وفي مقابل الصورة القاتمة للأرقام، علم ان التقرير يتحدّث عن ادارة جيدة للدين العام، وعن نجاح الإصدارات، وعن التزام الانفاق ضمن القانون أي ان أي انفاق إضافي على آخر موازنة أقرت عام ٢٠٠٥ يأتي بتشريع في مجلس النواب.
وأوضحت المعلومات، أن رواتب الموظفين في الإدارات والمؤسسات العامة تعتبر مؤمٰنة حتى تشرين الاول المقبل، خصوصاً ان لا زيادات كبيرة سجٰلت في هذا القطاع خلال السنة الاخيرة. لكن مصادر مالية تساءلت، يدق وزير المال ناقوس الخطر على مالية دولة منهكة أمام حكومة مشلولة مطعون في صدقيتها وشفافيتها من رئيسها قبل أعضائها، كيف يمكنها ان تغطي الإصلاحات المطلوبة؟ اما الاجراءات المطلوبة سواء بواردات او نفقات فهي تحتاج الى تشريع في مجلس النواب. لذلك تشير المصادر المالية الى ان نتيجة طرح الملف في مجلس الوزراء ستكون رفع وزارة المال المسؤولية عن نفسها ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم، إما بوقف أي انفاق جديد، وإما بالذهاب الى المجلس للتشريع، وإما بالدفع نحو البدء باستثمار النفط لانقاذ الاقتصاد اللبناني ومالية الدولة من كارثة محتٰمة.
المستقبل :
تحت عنوان عريض يضع «الحرص على لبنان» في رأس أجندة الزيارة، حلّ وزير الخارجية الفرنسية جان مارك ايرولت في بيروت حاملاً في حقيبته الديبلوماسية قلقاً فرنسياً متفاقماً من استمرار الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية وسؤالاً مركزياً واحداً برسم اللبنانيين أنفسهم: «ما الحل؟» وفق ما نقلت عدة مصادر متقاطعة اطلعت على فحوى اللقاءات التي عقدها أمس في قصر الصنوبر، موضحةً لـ«المستقبل»أنّ ايرولت بدا في مختلف لقاءاته مستمعاً أكثر منه مبادراً في مهمة استطلاعية تحاول من خلالها باريس استكشاف مكمن «الداء والدواء» في المعضلة الرئاسية مع التركيز في الوقت عينه على المسؤولية اللبنانية في فكفكة العقد المحلية التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية.
وبحسب الاستنتاج الذي خرج به أحد الأقطاب المشاركين في العشاء البروتوكولي الذي أقامه وزير الخارجية الفرنسية على شرف عدد من رؤساء الكتل النيابية والشخصيات في قصر الصنوبر، فإنّ الفرنسيين القلقين جراء تمدد حالة الشلل اللبنانية وتقويضها عمل وإنتاجية مختلف المؤسسات الرسمية والقطاعات الحيوية في البلد، مهتمون بإبراز حرصهم على سلامة واستقرار لبنان في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ المنطقة ويرغبون بلعب أي دور إنقاذي ممكن لمساعدة اللبنانيين على تجاوز أزمتهم الرئاسية بشكل يتيح إعادة انتظام عمل مؤسسات الدولة قبل انتهاء ولاية الرئيس فرنسوا هولاند. وفي هذا السياق، أفادت مصادر المشاركين في عشاء قصر الصنوبر «المستقبل» أنّ ايرولت ألقى خلال العشاء خطاباً شدد في مختصره على ضرورة «لبننة» الاستحقاق الرئاسي من خلال تفاهم القوى اللبنانية في ما بينها انطلاقاً من كون الإشكالية الرئاسية هي في جوهرها داخلية وحلها ليس بيد القوى الخارجية، لافتاً في الوقت عينه إلى تواصل فرنسا مع كافة الأطراف الإقليمية ذات التأثير بالوضع اللبناني بما يصب في خانة تعزيز ودعم التوافق اللبناني اللبناني على إنهاء الفراغ، كما أكد في كلمته التزام بلاده دعم لبنان في مواجهة الإرهاب مع الإشارة في هذا المجال إلى التواصل الفرنسي المستمر مع المملكة العربية السعودية في سبيل التوصل إلى إعادة تفعيل الهبة العسكرية المجمدة التي كانت مقدمة من المملكة للجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار.
وفي سياق مشاورات قصر الصنوبر، برز أمس اللقاء الذي عقده الرئيس سعد الحريري مساءً، قبيل مغادرته في رحلة عمل إلى الخارج، مع ايرولت في حضور السفير الفرنسي إيمانويل بون، بحيث جرى خلال اللقاء استعراض الجهود الجارية لوضع حد للفراغ في رئاسة الجمهورية والاتصالات الدولية التي تجريها فرنسا والمساعدات المطلوبة لمساعدة لبنان على مواجهة أعباء النزوح السوري إلى أراضيه، كما لتدعيم الدولة اللبنانية ومؤسساتها والحفاظ على استقرار لبنان في ظل المخاطر الإقليمية والإرهابية المحيطة.
كذلك، برز اللقاءان المنفصلان اللذان عقدهما وزير الخارجية الفرنسي مع كلا المرشحين الرئاسيين رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية.
الديار :
بدا الكلام الذي صدر عن وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت، عشية زيارته بيروت، وكأنه بديل من التأجيل الثاني للزيارة، او بمثابة اعتذار لان كل الجهود التي قامت بها باريس لم تأت باي نتيجة.
كل ما يستطيع الفرنسيون فعله ان يؤمنوا التغطية لأي محاولة يقوم بها الساسة اللبنانيون لاختراق الجدار الاقليمي، وبالتالي لبننة الاستحقاق الرئاسي.
ثمة ورقة في يد الفرنسيين وهي حمل الملف الرئاسي الى مجلس الامن الدولي لاتخاذ قرار، وبالطبع ليس تحت الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية، يدعو الافرقاء اللبنانيين الى التزام النص الدستوري وانتخاب الرئيس الثالث عشر.
مرجع سياسي قرأ كلام ايرولت هكذا، خصوصاً عبارة «... واتخاذ خطوات في مجلس الامن» واعتبر ان الانتقال بالملف الى نيويورك يعني «خراب البصرة» او «خراب ما تبقى من البصرة»، مستعيداً مناخات قرار مجلس الامن الدولي رقم 1559 في مطلع ايلول 2004 والذي استتبع سلسلة من المصائب التي ما برحت تضرب البلاد منذ ذلك الحين.
وكان القرار قد دعا الى اجراء انتخابات نزيهة وحرة، فاذا بدمشق تتبنى التهديد للرئيس اميل لحود، ضاربة بعرض الحائط «اوامر» القرار الذي ولدت خطوطه العريضة في لقاء النورماندي بين الرئيسين جورج دبليو بوش وجاك شيراك في حزيران من ذلك العام.
ايرولت تحدث عن جهات لا تريد رئيسا للبنان في الوقت الحاضر (ما هي الحدود الزمنية للوقت الحاضر؟).
لم يقل من هي هذه الجهات، وان كان معلوماً من يقصد، فيما هناك من اراد تذكيره بعبارة «استاذه» الرئيس الاشتراكي الراحل فرنسوا ميتران «انه منطق الاشياء». ومنطق الاشياء يقول انه عندما يكون الصراع الاقليمي على تصاعد (وتصعيد) كيف يمكن للصراع الداخلي ان يتراجع او على الاقل ان يعثر على تلك الثغرة التي تسمح للبنان بانتزاع ازمته من كوكتيل الازمات الذي يغطي الساحة اللبنانية من ادناها الى اقصاها.
في كل الاحوال، كان المسؤولون اللبنانيون يتوقعون ان يصل ايرولت الى بيروت، ومعه كأس اوروبا في كرة القدم. هذا قد يساعده معنوياً على التأكيد ان بلاده لا تزال موجودة بقوة على الساحة الاوروبية كما على الساحة الدولية. البرتغاليون الذين غالباً ما يعاملون على انهم في قاع القارة العجوز تغلبوا على الديكة.
على مواقع التواصل الاجتماعي كلام لا يخلو من الفظاظة. وزير الخارجية الفرنسي لم يصل الى بيروت ديكا بل دجاجة. والدليل انه خاوي الوفاض. الكلام غير لائق. ايرولت من اكثر وزراء الخارجية ابتعادا عن الشغب والاثارة وان قيل انه مجرد ظل للرئيس فرنسوا هولاند الذي يتحدث خصومه عن شخصيته الداهية وعن تحويله السياسة الخارجية الفرنسية من «ديبلوماسية القيم» كما في زمن ميشال دوبريه وكوف دو مورفيل وميشال جوبير، وايرفيه شاريت، واوبير فيدرين الى «ديبلوماسية الصفقات».
لدى وصوله بعيد الظهر الي مطار رفيق الحريري الدولي اتجه جنوبا ليتفقد كتيبة بلاده العاملة في نطاق يونيفيل ودون ان يبقى سرا ان فرنسا بين دول اخرى مشاركة اوفدت خبراء امنيين للنظر في اجراءات الحماية المتخذة منعا لأي اختراق من قبل انتحاريي تنظيم الدولة الاسلامية.
اليوم سلسلة من اللقاءات التي تبدأ مع الرئيس تمام سلام في السرايا الحكومية وتنتهي بلقاء مع وزير الخارجية جبران باسيل على ان يعقب ذلك مؤتمر صحافي مشترك بعدما يكون قد زار الرئيس نبيه بري في عين التينة.
البطريرك مار بشاره بطرس الراعي سيكون اول من يستقبلهم الزائر الفرنسي في قصر الصنوبر. قد يذكره بأنه على درجة القصر ومنذ قرن تقريبا اعلن بطل مارن الجنرال هنري غورو قيام دولة لبنان الكبير. هذا ليس قرار جنرال بل نتيجة ما حمله البطريرك الياس الحويك الى مؤتمر فرساي وطرحه امام جورج كليمنصو.
الراعي يعلم ان بكركي لم تعد على وهجها وتأثيرها وصرختها كما يعلم ان فرنسا الخارجة منتصرة في الحرب العالمية الاولى ليست فرنسا اليوم. بالدرجة الاولى فرنسوا هولاند لا يصل الى خاصرة « النمر» (كليمنصو).
البطريرك كئيب وغاضب
ويتردد ان البطريرك كئيب من كل شيء وغاضب من كل شيء. لقاء بروتوكولي اذاً، مع علم الراعي ان ايرولت لا بد ان يضيع حين يسمع سعد الحريري وميشال عون، ووليد جنبلاط، ومحمد رعد، وسليمان فرنجية، وسمير جعجع، وسامي الجميل، يتحدثون عن مواصفات رئىس الجمهورية.
قد يستعيد ايرولت ضاحكا ما قالته كوكو شانيل في مواصفات عارضة الأزياء «أن تكون اكثر من المرأة بكثير واقل من المرأة بقليل».
لا بد أن يتعرف الزائر الفرنسي على «الادغال اللبنانية»، سيكتشف اكثر ان مهمته في تكوين تصور ما للحل سيكون مستحيلاً، وفي عيون البعض الآخر سيرى صورة الامير محمد بن سلمان، وفي عيون البعض الآخر سيرى صورة الوزير محمد جواد ظريف. المشكلة ماذا سيرى في عيني وليد جنبلاط؟
وللعلم فقط فان فريق المستشارين في الاليزيه على شاكلة الرئىس. وحين فكروا في الكي دورسيه تكرار تجربة سان كلو تلقوا نصيحة يقال انها لبنانية لأن «تجربة جنيف السورية امامنا»، ولأن تجربة مفاوضات الحوثيين مع جماعة عبد ربه منصور هادي امامنا ايضاً.
الجمهورية :
محطّتان بارزتان خرَقتا المشهد اللبناني، تجلّت الأولى، بزيارة وزير الخارجية الفرنسية جان مارك إيرولت إلى بيروت، والثانية بوصول سفيرة الولايات المتحدة الأميركية الجديدة في لبنان اليزابيت ريتشارد إلى لبنان لتقديم نسخة عن أوراق اعتمادها إلى المسؤولين اللبنانيين قبل تسلّمِها مهامَّها. وتسقط هاتان المحطتان على مشهد داخلي يَحكمه الجمود؛ فالملفّ الرئاسي عالق في دائرة الفراغ، وغارق في عمقِ الانقسام السياسي الذي أطاح حتى الآن بـ 42 جلسة انتخابية (مِن ضمنها جلسة يوم غدٍ الأربعاء)، وكذلك في متاهة اللجان النيابية المشترَكة التي تقارب الملفّ الانتخابي من دون القدرة على الحسم، أو في العمل الحكومي الذي يصاب بين حين وآخر بنوبات تفعيل لمقاربة ملفّات حسّاسة، ولكنْ ليس ما يؤشّر إلى إمكان فكفكة عقَدِها وما تستبطنه مِن ألغاز وأسرار.
فورَ وصول وزير الخارجية الفرنسية، توجَّه مباشرةً من مطار بيروت الدولي إلى مقرّ قوّة الأمم المتحدة في الناقورة، وتفقّدَ كتيبة بلاده العاملة في «اليونيفيل».
وفي كلمةٍ ألقاها أمام الجنود الفرنسيين، قال إيرولت: «إنّ بلاده ستبذل ما بوسعها للحفاظ على السلام في لبنان، وستبقى فرنسا ملتزمة بالمشاركة في قوّة الأمم المتّحدة المنتشرة في جنوب لبنان.
وأشار إلى «أنّ استقرار الخط الأزرق أولوية لفرنسا» وقال: إنّ عمل القوّة الدولية «يجعل ممكناً الحفاظ على السلام الهشّ الذي يجب أن يتحوّل إلى وقفٍ نهائي لإطلاق النار، وهذا هو هدفنا».
وقال أيضاً: «أتيتُ إلى هنا حاملاً رسالة دعم إلى قوّاتنا وإلى الشعب اللبناني. نريد أن نقول أيضاً للإسرائيليين على الجانب الآخر من الحدود، إنّنا نقوم بكلّ ما هو ممكن لضمان السلام والأمن للجميع».
ولفتَ إيرولت إلى أنّ هناك أخطاراً أخرى تهدّد لبنان، وهي الحرب في سوريا، والأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد التي لا تزال من دون رئيس منذ أكثر مِن سنتين. مشدّداً على «وجوب أن يبقى لبنان بمنأى عن النزاع السوري»
إيرولت والراعي
وعاد مساءً إلى قصر الصنوبر حيث التقى الرئيس سعد الحريري، الذي غادر ليلاً في رحلة عمل إلى الخارج . وحضَر اللقاء السفير الفرنسي في لبنان إيمانويل بون.
وبحسب المكتب الإعلامي للحريري، فإنّ الجانبين استعرَضا «الجهود الجارية لوضع حدّ للفراغ في رئاسة الجمهورية، والاتّصالات الدولية التي تجريها فرنسا، والمساعدات المطلوبة لمساعدة لبنان على مواجهة أعباء النزوح السوري إلى أراضيه، كما لتدعيم الدولة اللبنانية ومؤسساتها والحفاظ على استقرار لبنان في ظلّ المخاطر الإقليمية والإرهابية المحيطة».
واستقبل إيرولت أيضاً رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، يرافقه وزير الثقافة ريمون عريجي، في حضور بون، وبعده التقى رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون.
أما اليوم فيتابع إيرولت لقاءاته مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي عاد أمس إلى بيروت آتياً من أميركا.
وأشارت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «لقاء الراعي مع الوزير الفرنسي يشكّل استمراراً للبحث الرئاسي بين الراعي والرئيس فرنسوا هولاند، وستَحضر الرئاسة في المحادثات، حيث سيَستمع الراعي إلى ما استجدّ في باريس رئاسياً، وإلى أجواء اتّصالاتها مع عواصم القرار الإقليمية والدولية».
واستبعدت المصادر أن «تكون في جعبة إيرلوت أسماء مرشّحين، مؤكّدةً أنّ البطريرك لم ولن يطرح أيّ إسم، فما يهمّه هو انتخاب الرئيس بغَضّ النظر عن الأسماء».
مصادر ديبلوماسية
ونظرَت مصادر ديبلوماسية بإيجابية إلى زيارة إيرولت من حيث حضوره إلى لبنان، إلّا أنّها تحفّظت على المضمون، خصوصاً وأنّها لا ترى بوادرَ حلحلة رئاسية في الأفق.
وقالت المصادر لـ«الجمهورية»: «لو كان هناك أيّ حلّ، لكانت بشائرُه قد لاحت قبل وصوله، ولكن لا نعتقد أنّه آتٍ للتمتّع بطقس لبنان، بالتأكيد هو يحمل معه شيئاً ما، لذلك يجب انتظار ما يحمل في جعبته، وبالتأكيد سيكون من الغريب إنْ كان آتياً خاليَ اليدين».
ولفتَت المصادر إلى أنّ فرنسا «تتحرّك رئاسياً بمباركة أميركية. مشيرةً إلى وجود مفاوضات بينها وبين طهران حول هذا الأمر». ورفضَت تحميلَ السعودية مسؤولية عرقلة الاستحقاق الرئاسي، وقالت: حلفاء السعودية ليسوا هم مَن يقاطعون جلسات انتخاب الرئيس، ثمّ إنّ 90% من زيارات الفرنسيين هي إلى إيران وليس إلى السعودية.
ورأت «أنّ إيران تتنازل عن الورقة الرئاسية في 24 ساعة عندما تقبض الثمنَ المطلوب، وهذا الثمن ربّما يكون في الاتفاق النووي أو في سوريا والعراق، وحتى مع الحوثيين في اليمن.
«حزب الله» يلتقي إيرولت
وعلمت «الجمهورية» أنّ إيرولت سيلتقي اليوم وفداً من «حزب الله» يضمّ عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فيّاض ومسؤول العلاقات الدولية في الحزب عمّار الموسوي.
وكشفَت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» أنّ «حزب الله» لا يرى في زيارة إيرولت شيئاً غير عادي، ففرنسا موجودة في المنطقة ومهتمة بلبنان، ليس أكثر من ذلك، إنّما الحلّ الرئاسي اللبناني هو في الرياض وليس في باريس.
ويتقاطع كلام المصادر مع تأكيد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بأنّ حلّ الرئاسة عند السعودية التي إذا وافقَت يَجري الانتخاب غداً.
«المستقبل»... إيران
في المقابل، اعتبرَت مصادر بارزة في تيار «المستقبل» أنّ الحلّ الرئاسي عند إيران، وقالت لـ«الجمهورية»: «لقد أعلنَ الفرنسيون أنّ إيرولت لا يحمل أيّ خطّة أو مبادرة، بل هو آتٍ ليقول للّبنانيين إنّ استمراركم في الفراغ الرئاسي خطير جداً عليكم، ويجب أن تنتخبوا رئيسَ جمهورية، ونحن نشاركه هذا الرأيَ مِن الأساس، فالفراغ يشكّل أكبرَ خطر على لبنان، ويجب إنجاز الاستحقاق وانتخاب رئيس، وانتخابُه يتمّ بطريقة بسيطة جداً، فلنَنزل جميعاً إلى مجلس النواب، ومن ينَل أكثرَ الأصوات يُنتخب رئيساً، وإذا استطاع «حزب الله» أن يؤمّن لحليفه ميشال عون الأصوات اللازمة ليُنتخَب رئيساً، فنحن سنكون أوّلَ المرَحّبين.
ومن المقرر أن يلتقي إيرولت وزيرَ الخارجية والمغتربين جبران باسيل في السادسة والنصف مساء اليوم، قبل أن يعقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً.
وأكّدت أوساط «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» أنّها لا تعوّل كثيراً على زيارة الوزير الفرنسي، وقالت: فرنسا مهتمّة بالوضع اللبناني، صحيح، لكنّ موفدَها لن يغيّر شيئاً في المعادلة إلّا إذا شاء إقناع الحريري بالسير في ترشيح العماد ميشال عون.
وخالفَت المصادر رأيَ «حزب الله» بأنّ الحلّ عند السعودية، بل إنّ الحلّ لبناني ـ لبناني، وأوضحَت أنّ الرابية باتت شِبه مؤكّدة من أن لا فيتو إقليمياً على عون، كما أنّ الإدارة السعودية الجديدة لا تضع فيتو عليه. وأكّدت المصادر أنّ عون لن يزور السعودية أو أيّ بلد آخر قبل الانتخابات الرئاسية، لكي لا تفسّر زياراته بأنّه يستدرّ عطفاً ودعماً. وأكّدت أنّ الاتصالات الجارية مع الحريري والتي تتمّ عبر وسطاء معيّنين مستمرّة.
«14 آذار»: لا فائدة
ورفضَت مصادر بارزة في 14 آذار، في حديث مع «الجمهورية»: «تصوير زيارة إيرولت وكأن لا فائدة منها، خصوصاً وأنّ فرنسا لا تزال تهتمّ بالوضع اللبناني، بدليل أنّنا لم نرَ أنّ وزير الخارجية الأميركي زار لبنان ولا وزير خارجية روسيا.
أمّا الدور الذي تحاول باريس تأديتَه، فهو أنّها تبيع الـ»إيرباص» لإيران، وسلاحاً للسعودية، وبالتالي فهي صَنعت لنفسها موقعاً تجارياً اقتصادياً مع الدول المعنية بالشأن الداخلي اللبناني، ومِن خلال هذه الزيارات المتكرّرة ستحاول العبور من هذا الموقع الذي صنعته إلى الموقع السياسي، وذلك بمساهمتها في إنتاج رئيس جمهورية في لبنان.
اللواء :
لم تكن محض صدفة ان يختار وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت ان يبدأ زيارته من الجنوب، بالتزامن مع ذكرى مرور عشر سنوات على ما وصفه الوزير الفرنسي نفسه «بحرب مدمرة بين إسرائيل وحزب الله»، فالزائر الفرنسي الذي لا يحمل معه شيئاً مهماً في ما خص إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان، حاول ان يقدم موقفاً يعتبر من الثوابت في السياسة الفرنسية تجاه لبنان، بالمطالبة بالحفاظ على «السلام الهش في الجنوب الذي يجب ان يتحوّل إلى وقف نهائي لاطلاق النار»، مضيفاً: «اتيت إلى هنا حاملاً رسالة دعم إلى قواتنا وإلى الشعب اللبناني، وإلى الإسرائيليين على الجانب الآخر من الحدود اننا نقوم بكل ما هو ممكن لضمان السلام والأمن للجميع».
وإذ وصف الوضع عند الحدود بين لبنان وإسرائيل «بالهش» و«الهادئ»، قال: ان «هناك اليوم اخطاراً تُهدّد لبنان»، في أشارة إلى الحرب في سوريا والأزمة السياسية في ظل عدم القدرة على انتخاب رئيس، داعياً إلى بقاء لبنان بمنأى عن النزاع السوري.
ولئن كانت أولى لقاءات الوزير الفرنسي مع رئيس تيّار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري، والذي التقاه في قصر الصنوبر مساء أمس، في حضور السفير الفرنسي ايمانويل بون، قبل ان يتوجه الرئيس الحريري في رحلة عمل إلى الخارج، فإن الاجتماعات اللاحقة سواء السياسية أو الرسمية تركزت على ثلاث نقاط:
1- المرحلة التي بلغتها الاتصالات في ما يتعلق بالملف الرئاسي، ودور فرنسا على هذا الصعيد.
2- كيفية مواجهة النزوح السوري، ان لجهة رفض التوطين والحد من النزوح والمساعدة في إعادة الاعداد التي يمكن اعادتها إلى مناطق آمنة في سوريا.
3- الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي بما في ذلك دعم الحوار القائم، سواء على طاولة الحوار، أو الثنائي بين «المستقبل» و«حزب الله» لدرء المخاطر الإقليمية والارهابية عن لبنان.
ومن استقبالات ايرولت مساء أمس كلاً من المرشحين الرئاسيين رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي رافقه إلى قصر الصنوبر وزير الثقافة روني عريجي، ورئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون، اللذين شاركا مع رؤساء الكتل النيابية في العشاء المحدود الذي اقامته السفارة الفرنسية على شرف ايرولت، وشارك فيه أيضاً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد.
ومن المقرر ان يزور الوزير الفرنسي اليوم كلا من رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة تمام سلام والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على ان ينتقل عصرا الى وزارة الخارجية للقاء نظيره اللبناني جبران باسيل ويعقدان مؤتمرا صحافيا مشتركا في السابعة مساء يتحدث خلاله عن نتائج زيارته الى لبنان. وبعد عشاء تكريمي يعود الى بلاده.
وفي المعلومات ان الوزير ايرولت أكّد للقيادات اللبنانية اهتمام فرنسا بالوضع في لبنان، ولا سيما أزمة الفراغ الرئاسي، واطلعها على محصلة اللقاءات التي أجراها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع كل من ولي ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سليمان ومع وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف، مشدداً على ان المهم ان يحصل نوع من التفاهم بين هذه القيادات على إنهاء الشغور الرئاسي، لكي تستطيع فرنسا ان تفعل شيئاً على هذا الصعيد.
مجلس الوزراء
ويسبق لقاء الرئيس سلام مع الوزير ايرولت جلسة يعقدها مجلس الوزراء مخصصة للوضع المالي في ظل التقرير الذي اعده وزير المال علي حسن خليل، والذي وصفته أوساط الوزير بأنه يتضمن ارقاماً مخيفة، وهو بمثابة دق ناقوس الخطر، ما لم تتخذ إجراءات جذرية سياسية ومالية وتشريعية واقتصادية، بما في ذلك إقرار الموازنة، وإنهاء الصرف على الطريقة الاثني عشرية، وضبط النفقات، والحد من التوظيف العشوائي والتهرب الضريبي.
وعلى الرغم من خطورة التقرير، فإن عدداً من الوزراء لم يكونوا قد اطلعوا على الأرقام التي تضمنها وتشخيص الحالة المالية للدولة والموزعة على 41 صفحة فولسكاب.
وإذ غاب ملف النفط عن أنشطة الأسبوع الجاري، كشف الرئيس سلام خلال رعايته إطلاق وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس موقع «خرائط المخاطر والموارد» في السراي الكبير، ما يمكن أن يبلغه لوزير الخارجية الفرنسي في ما خصّ موضوع النازحين، والمتعلق بدعم المجتمع للنزوح بما في ذلك إقرار سلسلة من المشاريع والتوجهات لهذه الغاية، داعياً للابتعاد عن أفخاخ الاستثمار السياسي لملف النزوج السوري، مشدداً على أن النازحين السوريين في لبنان أخوة لنا، وهم مقيمون بيننا لظروف حياتية شاقة وصعبة وخطرة مروا فيها في بلدهم، في حين حذّر الوزير درباس من الانزلاق غير الواعي في اتجاهات غير مجدية، أقلها التذمر والتأفف وأخطرها الوقوع في شرك العنصرية وحملات التحريض.
وأمل درباس أن يكون هذا الإطلاق للموقع الالكتروني الخطوة الأولى في مشروع صمود يطفئ النار ويخلق الفرص ويحكم العقل ويتمسك بالثوابت التي أجمع عليها الشعب اللبناني والتي تتوافق مع رغبات ومصالح أخوتنا السوريين لا سيما النازحين منهم، وهي أن لكل منا وطنه وهويته وأرضه ومؤسساته.
واستبعد مصدر وزاري التقى الرئيس سلام أمس انعقاد اجتماع قريب للجنة الوزارية للنفط، قبل أن يطلع رئيس الحكومة على تفاصيل التفاهم النفطي بين الرئيس برّي ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، وهذا يعني بحسب الوزير المعني، أن يعقد لقاء قريب بين الرئيس سلام والرئيس برّي للوقوف منه على التفاصيل، وعندها يدعو رئيس الحكومة اللجنة الوزارية لإقرار مرسومي النفط والغاز، ومشروع القانون الضريبي للشركات، مقدمة لوضع الملف على جدول أعمال مجلس الوزراء الذي قد يتأخر لنهاية الشهر الجاري.
لكن مصادر السراي استبعدت أن يتم لقاء برّي - سلام قريباً، مشيرة إلى أن الرئيس سلام اطلع على التفاهم النفطي من الصحف، ولم يبلغ بتفاصيله من مصادره الرسمية، علماً أنه يرى أن هذا الملف هو ملف وطني بامتياز وليس تفاهماً سياسياً بين فريقين، ويقتضي أن يناقش من كافة القوى السياسية في البلد.
جلستا انتخاب الرئيس وقانون الانتخاب
إلى ذلك توقفت مصادر سياسية عند ما أعلنه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من تحميل المملكة العربية السعودية مسؤولية عدم انتخاب الرئيس، في موقف وصف بأنه تنصّل من الدور المسبق الذي تعرفه الدوائر الفرنسية والإقليمية من رفض إيران تسهيل الاستحقاق الرئاسي ودور «حزب الله» في الامتناع عن المشاركة في الجلسات وهو نوع من الهروب إلى الأمام، عشية الجلسة 42 لانتخاب الرئيس التي تصادف غداً في توقيت يطرح أكثر من علامة استفهام في ما خصّ التزامن مع جلسة اللجان المشتركة لمناقشة قانون الانتخاب.
ولاحظت مصادر نيابية، أن توقيت توجيه الدعوتين لعقد جلسة انتخاب الرئيس في الثانية عشرة ظهر الأربعاء، مع جلسة اللجان المشتركة في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم نفسه، من شأنه أن يفقد نصاب اللجان سريعاً، لئلا يختلط الحضور النيابي لجلسة انتخاب الرئيس مع جلسة اللجان، لا سيما بالنسبة إلى النواب الذين يقاطعون عادة جلسة انتخاب الرئيس، وهم بمعظمهم من نواب تكتل عون وحزب الله، وبالتالي لم يتمكن النواب من متابعة البحث في جدول مقارنة بين الصيغتين المطروحتين للقانون المختلط بين النسبي والأكثري، والصيغة المطروحة من الرئيس برّي أي المناصفة بين النسبي والأكثري، والصيغة المتفق عليها بين المستقبل و«القوات اللبنانية» واللقاء الديموقراطي على أساس 68 للأكثري و60 للنسبي.