اتخذت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت لبيروت التي وصل اليها أمس بعدين متلازمين، الاول يتصل بالذكرى العاشرة لحرب تموز الاسرائيلية على لبنان والتي انتهت باصدار القرار 1701 الذي وسع انتداب القوة الدولية "اليونيفيل" في منطقة عملها مع الجيش اللبناني، والثاني يتصل بالتحرك الفرنسي المتواصل من اجل انهاء ازمة الفراغ الرئاسي في لبنان. وبدا واضحا ان وزير الخارجية الفرنسي اراد لمهمته اظهار التلازم بين الاستقرار على جانبي الحدود اللبنانية – الاسرائيلية عشية الذكرى العاشرة لحرب تموز والسعي الفرنسي الى تحييد الازمة المؤسساتية الداخلية عن النزاع الاقليمي، فحط في المحطة الاولى من زيارته في مقر قيادة "اليونيفيل" قبل ان يشرع مساء في قصر الصنوبر في سلسلة لقاءات واسعة مع الزعماء السياسيين وممثلي القوى السياسية.
وأعلن ايرولت من الناقورة ان بلاده ستبذل كل ما في وسعها للحفاظ على السلام في لبنان وانها ستبقى ملتزمة المشاركة في قوة الامم المتحدة، علماً ان فرنسا تشارك بزهاء 850 عسكريا في هذه القوة. وقال امام الجنود الفرنسيين المشاركين في اليونيفيل: "قبل عشر سنين بالتمام نشبت حرب مدمرة بين اسرائيل وحزب الله"، لافتاً الى ان "استقرار الخط الازرق اولوية لفرنسا"، وان فرنسا ستبقى "ملتزمة تماماً" البقاء داخل هذه القوة. وأضاف: "اتيت الى هنا حاملاً رسالة دعم لقواتنا وللشعب اللبناني ونريد ان نقول أيضاً للاسرائيليين على الجانب الآخر من الحدود اننا نقوم بكل ما هو ممكن لضمان السلام والامن للجميع ". واذ لاحظ "ان هناك اليوم أخطاراً أخرى تهدد لبنان" وخلص الى انه "يجب ان يبقى لبنان بمنأى عن النزاع السوري ".
وبدأ وزير الخارجية الفرنسي لقاءاته السياسية مساء في قصر الصنوبر في حضور السفير الفرنسي ايمانويل بون ، فالتقى الرئيس سعد الحريري الذي بدا انه عاد الى بيروت أمس من اجل هذا اللقاء. وافاد المكتب الاعلامي للحريري انه تخلل اللقاء عرض للجهود الجارية لوضع حد للفراغ في رئاسة الجمهورية والاتصالات الدولية التي تجريها فرنسا والمساعدات المطلوبة للبنان لمواجهة اعباء النزوح السوري الى أراضيه كما لتدعيم الدولة اللبنانية ومؤسساتها والحفاظ على استقرار لبنان في ظل المخاطر الاقليمية والارهابية المحيطة. وبعد ذلك سافر الحريري في رحلة عمل الى الخارج.
كما التقى ايرولت رئيس "تكتل التغيير والاصلاح " النائب العماد ميشال عون، ثم رئيس "تيار المردة " النائب سليمان فرنجية يرافقه وزير الثقافة روني عريجي، فرئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع. واقيم عشاء جمع الى الوزير الفرنسي عددًا من الشخصيات من أبرزهم عون وفرنجية والرئيس فؤاد السنيورة وجعجع ووزراء بينهم وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العمل سجعان قزي والوزير عريجي.
ومن المقرر ان يستكمل ايرولت لقاءاته اليوم ومن ابرزها لقاء ورئيس "كتلة الوفاء للمقاومة " النائب محمد رعد، علماً ان وزير الخارجية الفرنسي سيقوم بجولة تشمل رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء تمام سلام والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي عاد أمس من الولايات المتحدة. ويختم زيارته بلقاء وزير الخارجية جبران باسيل يعقدان بعده مؤتمراً صحافياً مشتركاً.

الملف المالي
الى ذلك، علمت "النهار" ان جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية اليوم ستشهد من خارج موضوعها المتعلق بالمالية العامة مداخلات لعدد من الوزراء الممتعضين من طريقة طرح الملف النفطي في حوار ثنائي، لكن ذلك سيكون عرضاً لينصرف الوزراء بعدئذ الى الاحوال المالية لجهة تبيان حقائق إمكانات الخزينة كي يتبيّن للوزراء حدود المشاريع التي يمكن طرحها. وقالت مصادر وزارية في هذا الصدد انه ستجرى جردة حساب للمالية العامة في غياب الموازنة وإرتفاع الدين العام ومدى ضرورة الذهاب الى مجلس النواب للتشريع المالي ومعرفة سبل تخطي القاعدة الاثني عشرية للانفاق.ولم تتوقع ان تنتهي الجلسة الى نتائج ملموسة في المجال المالي في المدى المنظور.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان مجلس الوزراء سيعود في جلسته الخاصة اليوم الى الدوران حول الملف المالي الذي اعدٰه وزير المال علي حسن خليل مع مستشاريه وخبراء اقتصاديين وماليين في وزارة المال، وبقي معهم حتى ليل أمس يضع اللمسات الاخيرة على المضمون. واشارت الى ان وزير المال سمع في زيارته الاخيرة لواشنطن صرخة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تطلق منذ اكثر من عشر سنين، بسبب غياب الموازنات العامة وتزايد انفاق الدولة دون واردات لتغطيتها، في سابقة لا مثيل لها. وهو ضمٰن تقريره الذي سيعرضه اليوم على مجلس الوزراء لمحة عامة عن زيادة العجز وحجم الدين والنمو، ووضع التدفّقات النقدية، اضافة الى واقع مشروع الموازنة.
وفي مقابل الصورة القاتمة للأرقام، علم ان التقرير يتحدّث عن ادارة جيدة للدين العام، وعن نجاح الإصدارات، وعن التزام الانفاق ضمن القانون أي ان أي انفاق إضافي على آخر موازنة أقرت عام ٢٠٠٥ يأتي بتشريع في مجلس النواب.
وأوضحت المعلومات، أن رواتب الموظفين في الإدارات والمؤسسات العامة تعتبر مؤمٰنة حتى تشرين الاول المقبل، خصوصاً ان لا زيادات كبيرة سجٰلت في هذا القطاع خلال السنة الاخيرة. لكن مصادر مالية تساءلت، يدق وزير المال ناقوس الخطر على مالية دولة منهكة أمام حكومة مشلولة مطعون في صدقيتها وشفافيتها من رئيسها قبل أعضائها، كيف يمكنها ان تغطي الإصلاحات المطلوبة؟ اما الاجراءات المطلوبة سواء بواردات او نفقات فهي تحتاج الى تشريع في مجلس النواب. لذلك تشير المصادر المالية الى ان نتيجة طرح الملف في مجلس الوزراء ستكون رفع وزارة المال المسؤولية عن نفسها ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم، إما بوقف أي انفاق جديد، وإما بالذهاب الى المجلس للتشريع، وإما بالدفع نحو البدء باستثمار النفط لانقاذ الاقتصاد اللبناني ومالية الدولة من كارثة محتٰمة.