عشية الأسبوع الطالع، والحافل بمحطات دبلوماسية وحكومية ونيابية، كادت البلاد ان تغرق في سباق مع حوادث القضاء والقدر وعمليات الطعن وإطلاق النار وملاحقة مطلوبين ومحاولات اغتيال، بدءاً من مخيمي عين الحلوة والمية ومية، إلى مداهمة مطلوبين في حور تعلا في بعلبك، ومصادرة مخدرات واجهزة مراقبة واتصال، كما أوقفت دورية للجيش مطلوباً في المنطقة، وتمكنت من إطلاق مخطوف، فيما دار اشتباك في بلدة مجدل عنجر بين شخصين على خلفية تهريب أجانب، تمّ توقيف أحدهما، على ان يتم توقيف الآخر، إضافة إلى الحادث المفجع على طريق طبرجا - جونيه، الذي توفي فيه ثلاثة عناصر من الأمن العام.
وقبل ساعات من وصول رئيس الدبلوماسية الفرنسية جان مارك ايرلوت إلى بيروت، توقف المراقبون عند تكرار حوادث طعن النازحين السوريين سواء في العقيبة شمال صور أو في منطقة طبرجا شمال جونيه، وعند احتضان باريس مؤتمراً كبيراً للمعارضة الإيرانية دعت إلى إسقاط النظام، وترتب عليه سجال إيراني - سعودي، على خلفية مشاركة الأمير تركي الفيصل، في المؤتمر ودعوته هو أيضاً لإسقاط النظام (الخبر في مكان آخر)، والذي وصفته مصادر لبنانية قريبة من طهران بأنه يندرج في إطار توريط فرنسا في سياسات تخدم تحالفات معينة في المنطقة، وبالتالي تؤثر على أي دور وساطة أو حيادي للعاصمة الفرنسية.
وعاد الرئيس تمام سلام بعد ظهر أمس إلى بيروت آتياً من انطاليا التي انتقل إليها بعد ان أدى العمرة في مكة المكرمة والتقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وأجرى جولة من المشاورات مع الرئيس سعد الحريري تناولت الاستحقاقات المتعلقة بعمل الحكومة والشؤون العامة.
ومن المتوقع ان يزور الرئيس سلام عين التينة، لعقد اجتماع مع الرئيس نبيه برّي، كان الرئيسان اتفقا عليه، بعد زيارة الرئيس سلام للمملكة العربية السعودية.
وتوقع مصدر وزاري ان يبحث لقاء الرئيسين برّي وسلام والذي سينعقد قبل جلسة مجلس الوزراء، لبحث ملف النفط والغاز وتنسيق الموقف بما خص زيارة الوزير الفرنسي.
وكما بات معروفاً، فإن جلسة استثنائية لمجلس الوزراء ستعقد غداً لبحث الملف المالي من كل جوانبه، في ضوء التقرير الذي سيعده وزير المال علي حسن خليل، والذي يتضمن تحذيرات من ان المالية العامة للدولة تجاوزت الخط الأحمر، وانه لا بدّ من اتخاذ إجراءات مؤلمة للحفاظ على الاستقرار، فضلاً عن تشريعات ضرورية تواكب إطلاق ورشة التنقيب على النفط والغاز.
وسيؤكد الوزير خليل في تقريره على انه من غير الممكن الاستمرار في الانفاق وفق القاعدة الاثني عشرية، وانه لا بدّ من قطع حساب وإقرار الموازنة، بعد مضي اكثر من عشر سنوات على آخر موازنة نظامية أقرّت في العام 2005.
وفي ما يتعلق بجلسة الخميس، وهي الجلسة العادية، فقد ادرج على جدول أعمالها 59 بنداً، أبرزها البند رقم 4 المتعلق بطلب وزارة الاتصالات تجديد عقدي إدارة شبكتي الهاتف الخليوي، وهو البند 32 المؤجل من الجلسة الماضية، بالإضافة إلى عرض وزارة المال طلبات تخفيض غرامات تحقق وتحصيل على بعض الشركات والمصارف، ومشروع مرسوم يرمي إلى تمديد تعيين الدكتور معين حمزة أميناً عاماً للمجلس الوطني للبحوث العلمية (راجع ص2).
وابلغت وزيرة شؤون المهجرين أليس شبطيني «اللواء» انها ستثير في الجلسة العادية الخميس مواضيع تتعلق بوزارة المهجرين، حيث ستطالب بزيادة المبالغ المخصصة لصندوق المهجرين، وأن مبلغ الـ15 مليار ليرة المدرج على جدول الأعمال غير كاف لتسديد ما يترتب من حقوق للمهجرين من كافة المناطق اللبنانية، لا سيما حقوق القرى الحدودية مثل القاع ومشروع بريح ودفع اخلاءات لإعادة المهجرين إلى منازلهم.
وانتقدت صرف الأموال للمتضررين من اصحاب الكسارات بعد دعاوى قضائية بشكل سريع وتساءلت أيهما أهم هؤلاء الأشخاص أم المهجرين ومن منازلهم؟
زيارة ايرلوت
وإذا كان يوم الاثنين والثلاثاء مخصصين لحركة وزير الخارجية الفرنسي، فإنه في بحر الأسبوع الجاري من المقرّر ان تصل السفيرة الأميركية الجديدة اليزابيث ريتشارد لممارسة مهامها، خلفاً للقائم بالأعمال السفير ريتشارد جونز الذي غادر نهائياً مركز عمله في السفارة الأميركية، والتي ستمارس عملها دون ان تقدّم أوراق اعتمادها إلى رئيس الجمهورية نظراً للشغور الرئاسي، مقتدية بزميلها السفير الفرنسي ايمانويل بون الذي يمارس نشاطه من دون ان يقدم أوراق اعتماده لرئيس الدولة، مكتفياً بنسخة عنها إلى وزير الخارجية.
وأوضحت مصادر وزارية مطلعة على برنامج الزيارة الفرنسية ان ملف النازحين يأتي في أولوية اهتمامات الزائر الفرنسي، من زوايا ثلاث: زيارة بعض مخيمات هؤلاء، للاطلاع على أوضاعهم واحتياجاتهم عن كثب، ونقل رسالة بأن بلاده مهتمة بمصيرهم. وثانيها شرح الأسباب التي حالت دون استضافة باريس لمؤتمر النازحين على المستوى الدولي، وثالثها تقديم معونة بأكثر من 50 مليون يورو لدعم مساهمة الدولة اللبنانية في ايواء وتعليم وتوفير الغذاء والصحة لهؤلاء النازحين الذين تجاوز عددهم المليون ونصف مليون نازح.
والملف الثاني يتعلق بالاستحقاق الرئاسي الذي سيبحثه مفصلاً مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، فضلاً عمّا دار بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي سبق وزار لبنان قبل شهرين وكل من ولي ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان ووزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف، وسيشرح ايرلوت الآلية التي تراها بلاده ممكنة لإنهاء الشغور الرئاسي، كما سيستمع من اللبنانيين إلى رؤيتهم إلى كيفية مقاربة هذا الملف وانجازه.
واعتبر مصدر دبلوماسي لبناني ان محطة ايرلوت في الجنوب تؤكد التزام فرنسا بالمشاركة في اليونيفل ودعمها، وهي بمثابة إشارة إلى ضرورة الالتزام بالخط الأزرق والقرار 1701، وأن الاهتمام الفرنسي يجعل من فرنسا كدولة صديقة للبنان معنية باستخراج الثروة الطبيعية المتمثلة بالغاز والنفط، سواء عبر شركاتها أو خبرائها.
وأوضح بيان صدر عن الخارجية الفرنسية ان الهدف من زيارة ايرلوت هو التعبير عن دعم فرنسا الكامل للبنان البلد الصديق، مشيراً إلى ان رئيس الدبلوماسية الفرنسية سيناقش مع جميع القادة السياسيين اللبنانيين الذين سيلتقيهم الاثنين والثلاثاء دعم فرنسا للبنان الذي يواجه تحديات جمة يفرضها جمود المؤسسات الدستورية والفراغ الرئاسي المستمر وتداعيات الحرب السورية.
وختمت الخارجية الفرنسية بيانها بأن ايرلوت سيزور قوة الأمم المتحدة المؤقتة «اليونيفل»، لا سيما وأن فرنسا هي واحدة من أكبر البلدان المساهمة في تلك القوات، وسوف يُؤكّد أيضاً على التزام فرنسا بقضية اللاجئين.
وحرصت مصادر فرنسية على التأكيد بأن الوزير الفرنسي لا يحمل مبادرة معينة إزاء أزمة الشغور الرئاسي، ولا أي ملف لبناني آخر، وإنما يعتزم بكل تأكيد إثارة الملف الرئاسي مع المسؤولين اللبنانيين لحضهم على لعب دور إيجابي يصب في خانة المساعي الهادفة إلى «لبننة» الاستحقاق.
وإذ وضعت الزيارة في إطار متابعة نتائج زيارة الرئيس هولاند الأخيرة إلى لبنان، شددت المصادر على كون الزيارة تأتي في سياق التأكيد على ان لبنان ليس متروكاً في خضم الانشغالات الدولية بقضايا المنطقة، وانه بالنسبة لفرنسا ما يزال يحظى باهتمام خاص.
الجلسة 42
نيابياً، يعقد مجلس النواب الجلسة رقم 42 لانتخاب الرئيس الأربعاء المقبل، حيث انه من المتوقع ان لا تكون نتيجتها تكرار ما سبقها في ظل غياب التفاهم الرئاسي.
ورأى مصدر نيابي ان الفريق العوني يبالغ في إثارة أجواء تتعلق بإمكان انتخاب النائب ميشال عون رئيساً بعد أيلول المقبل، وأن لا مؤشرات تصب في هذا الاتجاه.
اما في ما خص قانون الانتخاب، حيث تعود اللجان المشتركة للاجتماع يوم الأربعاء المقبل، فإن الجلسة ستعاود البحث من حيث انتهى في ظل إصرار كتل «الاصلاح والتغيير» و«الوفاء للمقاومة» و«التنمية والتحرير» على تحقيق خرق نحو التقدم للاتفاق على قانون جديد لاجراء انتخابات على أساسه السنة المقبلة، في ظل معارضة معلنة باجرائها على أساس قانون الستين.
في المقابل، أكّد مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» لـ«اللواء» ان الأولوية عند كتل «المستقبل» و«اللقاء الديمقراطي» و«القوات اللبنانية» هي للمشروع المختلط الذي يجمع بين النسبي والاكثري، علماً ان الجلسة مخصصة لوضع معايير اتفاق الكتل على صيغة القانون المأمول، وإقرار مبدأ التصويت في الهيئة العامة على مشروع القانون، ولتفز أية صيغة يتم اقرارها بأغلبية الأصوات، مثلما اتف قعلى ذلك في الجلسة الماضية.
وعشية جلسة انتخاب الرئيس وجلسة اللجان المشتركة الأربعاء، رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، في ما يشبه التهديد أو التحذير، ان إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية وإنهاء الشغور الرئاسي لا يمكن العبور لانهائه الا من معبر وحيد وضروري والزامي ووطني مسؤول، ألا وهو الحوار الجاد مع العماد عون، إضافة إلى تنازل البعض عن المكابرة والتعنت ومحاولات التهميش والاقصاء.