في فورة الاشمئزاز العالمي الناتجة عن الهجمات الإرهابية التي شهدتها 4 دول إسلامية خلال الأسبوع الماضي، تظهر فرصة جديدة أمام الولايات المتحدة وحلفائها؛ لبناء قيادة موحدة ضد الدولة الإسلامية، وغيرها من الجماعات المتطرفة، لكن مع سعي الولايات المتحدة لتوسيع هذا التحالف لمكافحة الإرهاب، عليها أن تحذر من الشراكة مع روسيا، إلا أنه وضعت موسكو مسافة بينها وبين النظام السوري الذي يكرهه الكثير من المسلمين السنة.
هل توجد ثقة؟
في الوقت ذاته، يجب على الهجمات الوحشية في تركيا وبنغلاديش والعراق والسعودية، أن تقنع الشعوب الإسلامية والغرب أن الجماعات المتطرفة، مثل الدولة الإسلامية، هي عدو مشترك.
ما يحتاجونه الآن هو هيكل للقيادة والسيطرة المشتركة، شبيه بما حدث بين بريطانيا والولايات المتحدة في كانون الأول لعام 1941، بعد صدمة الهجوم على ميناء بيرل هاربر. لم يكن دمج الموارد العسكرية والاستخباراتية سهلاً حتى بالنسبة للشركاء القدامى في واشنطن ولندن، لكن رئيس الوزراء ونستون تشرشل علِم أن نصر الحلفاء محتم بمجرد انضمام أميركا للحرب بشكل كامل.
من الممكن أن تتواجد ثقة مشابهة في حالة وجود هيكل للقيادة يمكنه بالفعل دمج موارد الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا والعراق والسعودية وإندونيسيا وباكستان، والعديد من الدول الأخرى التي يستهدفها إرهابيو الدولة الإسلامية.
تفجيرات ضد المسلمين
وعلى الرغم من الاعتقاد الواسع بأن الدولة الإسلامية هي الجاني المحتمل في الهجمات الأخيرة، فلم تعلن الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن الهجمات التي وقعت في تركيا والسعودية، كما أدانت العديد من الجماعات الإسلامية الأخرى العنف، خاصة التفجير الذي وقع في المدينة المنورة، وهو ما يشير إلى عدم شعبية هذه الهجمات بين المسلمين.
يوم الثلاثاء، جمعت المجموعة الاستخباراتية SITE بعضاً من ردود الأفعال الإلكترونية من منافسي الدولة الإسلامية. كتب أبوسليمان، رجل الدين الأسترالي وأحد أفراد جبهة النصرة التابعة للقاعدة، على تويتر قائلاً "تفجير المدينة هو عمل إجرامي يجب على المسلمين إدانته"، كما غرد مناصر آخر للقاعدة قائلاً "يجب على الدولة الإسلامية إنكار تورطها في هجمات إسطنبول والمدينة".
شهدت المملكة العربية السعودية صيحة تحذير مماثلة بعد سنوات من هجمات 11 سبتمبر 2001، حين أدرك حكام المملكة أن الإرهابيين المنتمين للقاعدة يستهدفون آل سعود أيضاً. وهو ما أفضى إلى عمليات مشتركة ضد تنظيم القاعدة من قبل جهاز مكافحة الإرهاب السعودي ووكالة المخابرات المركزية الأميركية.
كما يجب على هجمات الإثنين التي وقعت في كل من المدينة وجدة والقطيف، أن تزيد من عمق التعاون، بالإضافة لجذب الشركاء العرب الآخرين مثل الأردن ومصر والمغرب والإمارات.
التعاون مع روسيا
وتملك الولايات المتحدة فرصة لإعادة علاقتها بتركيا من جديد أيضاً، فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان من جانبه يدين تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أنه لا يمكنه إغلاق الحدود مع سوريا. الآن يرى أردوغان خنجر الجهاديين موجهاً نحو بلاده، لذلك لا بد وأنه يرغب في علاقات عسكرية واستخباراتية أقرب مع واشنطن.
ماذا عن روسيا؟ هل ينبغي أن تُكون موسكو وواشنطن قوة مشتركة ضد الإرهاب؟ يبدو أن الإجابة هي نعم بوضوح. يتدفق المقاتلون الأجانب من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة للإنضمام لتنظيم الدولة الإسلامية، كما أن اثنين من بين منفذي هجوم إسطنبول الثلاثة هم من هذه الجمهوريات. التعاون الحقيقي سيكون مفيداً، طالماً كان ذلك لا يعزز من السلوك السيئ للروس أو يتغاضى عنه.
يُمكِن اعتبار سوريا كحالة اختبار، فقد طلب الروس سابقاً من الولايات المتحدة على مدار أشهر تبادل معلومات لاستهداف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة في سوريا لكي تتمكن القوات الروسية من استهداف الجهاديين وتفادي توجيه الضربات للمجموعات التي تتعاون مع الولايات المتحدة.
تناقش إدارة أوباما حالياً ما إذا كانت ستصادق على مثل هذا التعاون الروسي الأميركي لتبادل المعلومات الاستخباراتية، إذ يتعامل الجيش الأميركي بحذر شديد مع هذا الأمر بسبب السلوك الروسي العدواني في أوروبا. ويرى المسؤولون الأميركيون الذين يفضلون التعاون مع روسيا أنه يجب أن يتم ذلك التعاون مع تحذير روسيا من أنه في حال استمرار قوات النظام السوري في قصف مجموعات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة، فسترد الولايات المتحدة الضربة للنظام السوري وربما تسقط طائراته.
وإذا قبلت روسيا بمثل هذا القيد الحقيقي على الرئيس السوري بشار الأسد، فسيمكنها أن تنضم لفريق الولايات المتحدة، ولكن إذا واصلت دعمها غير المحدود للأسد، فإنها تواصل بذلك تأجيج غضب الجهاديين، وتعقد من الجهود الأميركية لبناء قيادة موحدة.
ارتكب الإرهابيون الذين هاجموا إسطنبول ودكا وبغداد والمدينة خطئاً كارثياً. ربما لا يبدو الأمر كذلك بعد تلك الهجمات المتكررة لتنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن الهدف الرئيسي للجهاديين دائماً ما كان إحداث انقسام بين المسلمين والغرب. وإذا تولت الولايات المتحدة القيادة حالياً بقوة، فسيكون بإمكانها إصلاح الوضع، والمساعدة في تنظيم تحالف عسكري واستخباراتي ضد ذلك التهديد المشترك.
(هافنغتون بوست)