فيما دخلت البلاد أجواء العيد، فغادر من غادر من المسؤولين لتمضية العطلة في الخارج، ولم يبق إلا قلة قليلة من المسؤولين الذين آثروا عدم المغادرة، بقيت الملفات السياسية والامنية والمالية تراوح مكانها في انتظار العودة الميمونة للغائبين واستئناف النشاط السياسي الذي ينتظر ان يستعيد بعضا من حيويته اعتبارا من مطلع الاسبوع المقبل. علما أن لا آمالا كبيرة تعلق على تحقيق أي خرق أو تقدم في أي من المسارات المطروحة.

فالاسبوع المقبل سيكون مفتوحا على قراءة سياسية للأوضاع المالية المتدهورة بشكل دراماتيكي، في ظل عجز الدولة عن تلبية حاجاتها أو دفع رواتب القطاع العام في غياب التغطية القانونية للإنفاق، فيما لن تحمل زيارة وزير الخارجية الفرنسي أي جديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي.
وإذا كان رئيس الحكومة تمام سلام يتريث في حسم ملف جهاز أمن الدولة منتظرا إدراجه ضمن ملف التعيينات الامنية والعسكرية التي تستحق خلال شهرين، ومعولا على إمكان حصول تقدم أو تطور يغير في المشهد السياسي والرئاسي المأزوم، يبقى ملف النفط متصدرا واجهة الاهتمام المحلي، خصوصا أنه لم يرشح أي معطى عملي عن الاتفاق او التفاهم الذي تم بين رئيس المجلس نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل في اللقاء الذي جمعهما أخيرا، وأثار جملة تساؤلات عن الاتفاق، شكلاً وتوقيتاً ومضموناً.
وأكثر التساؤلات تدور حول التنازلات التي قدمها كل فريق للآخر، من أجل فك أسر هذا الملف الذي شكل سببا رئيسيا لتدهور العلاقات بين بري والعماد ميشال عون.
أبرز هذه التساؤلات تتصل بالاستحقاق الرئاسي وما إذا كان الاتفاق النفطي يدفع نحو مصالحة بين بري وعون تؤشر لتسليم الاول برئاسة الثاني، أو أن في الامر قطبا مخفية بعيدة عن السياسة، تتصل مباشرة بالملف النفطي ومسألة الشراكة في قرار إدارة الملف ومساره.
وتؤكد مصادر قريبة من عين التينة أن الاتفاق النفطي يقف عند حدود الملف ولا يتعداه الى أي ملف سياسي آخر، ولا سيما الملف الرئاسي، بما يعني أن الملف نفطي بامتياز. كما أنها ترفض رهن أي لقاء محتمل بين بري وعون لتتويج الاتفاق بأي مسألة سياسية أخرى، كاشفة عن أن رئيس المجلس لا يزال ينتظر أجوبة الجنرال في موضوع قانون الانتخاب. واذ توقعت ان يلتقي عون بري قبيل انعقاد جلسات الحوار الثلاثية مطلع آب المقبل، أكدت أن رئيس المجلس راغب في معرفة ما سيحمله عون في ملف قانون الانتخاب.
أما على المحور الحكومي، فلا يزال رئيس الحكومة يتريث في دعوة اللجنة الوزارية المكلفة هذا الملف الى الانعقاد. وهو سينتظر إلى ما بعد عودته من عطلة الفطر ليبني على الشيء مقتضاه، خصوصا أن سلام لا يخفي أمام زواره امتعاضه الشديد من الطريقة التي تم فيها الاعلان عن الاتفاق وعدم استشارته أو إبلاغه بمضامينه، مما يعني أن الموضوع لا يزال يتطلب مرحلة غير قصيرة قبل بته من أجل أن تتضح معالم الاتفاق ومضامينه، قبل أن يشق طريقه إلى التنفيذ.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر وزارية أن الاولوية اليوم ليست للنفط، بل للملف المالي الذي يهدد مالية الدولة.

النهار