وما أدراك ما المدينة المنورة. اذاً، دقوا بالمطارق على باب المقدّس. فقهاء التنظيم لا يفرقون بين الكعبة ولاس فيغاس، عندهم الأولى مظهر من مظاهر الوثنية القديمة، والثانية مظهر من مظاهر الوثنية الحديثة...
ولنتصور ماذا كان حدث لو أن الانتحاريين تمكنوا من الوصول الى الحرم النبوي الشريف، كارثة معنوية (ورمزية) وبشرية. انهم في كل مكان، لكن غايتهم (وفقهاؤهم يتحدثون عن النوق المجنحة المجللة بالحرير) تقويض البلاط السعودي.
النظام السوري مسألة ثانوية، كذلك النظام العراقي، اذا كان هناك من نظام، كذلك ايضاً النظام المصري. أما النظام السعودي فهو شيء آخر. يتهمونه بأنه طعن ابن تيمية في الظهر ووضع نفسه بتصرف «الصليبيين». وكما انطلقت دعوة النبي من قلة يفترض ان تنطلق دعوة الخليفة من مكة ايضاً. السعوديون يعترفون بأن اقتلاعهم أشبه ما يكون باقتلاع الرمال. أعدادهم غفيرة، لكنها في حالة انتظار. ثمة مشكلة، الاستخبارات الاردنية تقول اذا ما تم تطهير الرقة والموصل من مقاتلي «داعش» فهؤلاء سيلجأون الى دول الجوار. بينهم عرب كثيرون، ولا مجال لدفن الرأس في الرمل. الروس يتحدثون عن تعاطف عدد لا بأس به من الأثرياء العرب. المال في هذه الحال أكثر خطراً من السلاح...
الروس يقولون ان ازالة تنظيم الدولة الاسلامية لا يمكن ان تتحقق الا من خلال التسوية في سوريا والعراق. في نظرهم ان رقصة التانغو مع النظام يجب ان تتوقف في الحال لأن المفاعيل الخطرة للصراع بدأت تضرب الجميع...
الروس، وان كانوا يتحالفون على الارض مع الايرانيين، وهذا يحدث تكتيكياً «لأن التحالف الاستراتيجي معهم مستحيل»، يدعونهم الى وقف التدخل، والى التخلي عن صناعة الحرائق، فأين هي مصلحتهم الجيوبوليتيكية في تلك اللعبة العبثية الطويلة، وحيث الانتصار، ان كان هناك من انتصار، هو للموت فقط...
مصدر ديبلوماسي خليجي يكشف لـ«الديار» ان ثمة قناعة في مجلس التعاون الخليجي بأن الارهاب تجاوز كل الخطوط الحمراء، وبأن اي دولة من دول المجلس، لا تستطيع ان تتحمّل اي عملية تفجيرية كبرى على غرار ما حصل في مطار أتاتورك في اسطنبول...
وهذا المصدر يقول ان التصدي للايرانيين في اليمن، بالرغم من الكلفة الباهظة، وفي سوريا وفي العراق، أدى الى تقليم أظافرهم بكل معنى الكلمة. استطراداً، لم تعد لهم الكلمة الاولى في سوريا في حال من الأحوال. الميدان اثبت ذلك، الكلمة الآن للأميركيين وللروس فقط...
والمصدر الذي يعتبر ان النظام في سوريا وصل الى حالة من الانهاك تحول بينه وبين الاضطلاع بأي دور على المستوى الاقليمي، يعتبر ان المعارضة السورية تحوّلت الى «فبركة» للعناصر المتطرفة، ودون ان تفلح كل الجهود الأميركية، وغير الأميركية، في انتاج قوة معارضة معتدلة وفعالة على الأرض...
لا بل ان المعارضة المعتدلة مشتتة الى أبعد الحدود، حتى انه أثناء اجتماع للهيئة العليا للمفاوضات كاد يحدث تضارب، وحتى اطلاق نار، بسبب الخلافات. الفصائل المعارضة تختزل هكذا «الجميع ضد الجميع». القوة على الأرض صفر..
حادثة المدينة المنورة يمكن ان تقبل المشهد رأساً على عقب: الكويتيون متوجسون من التنظيم الذي بدا واضحاً انه يعمل من أجل تفجير الفتنة في بلد يقوم على التعايش، وعلى النظام البرلماني، والامارات العربية المتحدة تعرف كيف يحرّض «الاخوان المسلمون» قيادات «داعش» و«النصرة» ضدها.
غليان في كل المنطقة. وكلام كثير عن تلك الجهات التي تغذي «داعش» بطريقة أو بأخرى من أجل تفكيك بلدان ومجتمعات المنطقة، فيما الاستخبارات الروسية تحذّر من الأسوأ.
ـ قاعدة «انجيرليك أمام الروس ـ
مصادر ديبلوماسية أوروبية وتقول انه حتى رجب طيب أردوغان، وهو الذي كان يمسك بالكثير من الخيوط، ولديه جيش من أقوى جيوش العالم، يبدو وهو يعيد النظر في العديد من سياساته، ويعتذر للروس، لا بل انه يسرّب معلومات حول استعداده لفتح قاعدة انجيرليك أمام السوخوي الروسية ما أثار ذهول الأميركيين، والأطلسيين الآخرين، وهذا ما دفع أنقرة الى التراجع.
هذه المصادر تقول انه لا بد من دعم اي تفاهم بين الأميركيين والروس من أجل التوصل الى «تسويات خلاقة» في كل من سوريا والعراق، فثمة عشرات الآلاف من مقاتلي «داعش» الذين ينتمون الى عشرات الجنسيات، وهؤلاء على تواصل مع بيئاتهم ويؤثرون فيها.
مدير لجنة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب جان - بول بولارر اشار الى ان زهاء 30 الف مقاتل ارهابي اجنبي ينتشرون في العراق وسوريا، محذراً من ارتكاب هجمات أوسع في بلدانهم.
الروس يدعون الى استراتيجية مشتركة لا تتوقف عند حدود المواجهة الميدانية، يتحدثون عن «الفائض الايديولوجي» لدى الايرانيين الذين بدورهم، يعملون على تسويق الراديكالية التي تستدعي، تلقائياً، الراديكالية المضادة.
ـ توجهات محمد بن سلمان ـ
وهم يقولون بـ«الحد الأدنى من الواقع التوتاليتاري» في بعض بلدان المنطقة، رحبوا بتوجهات ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان نحو تحديث البنى الاقتصادية والاستثمارية في البلاد، مع تكوين أجيال مؤهلة، علمياً وعملانياً، للتفاعل مع قيم القرن.
الروس ليسوا وحدهم الذين يعتبرون ان ما يقوم به «داعش» يلقى صدى لدى فئات كبيرة في القارة العربية بغياب ديناميات الحداثة.
في هذا السياق، كان لافتاً اعلان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف «ان الارهابيين تجاوزوا كل الخطوط الحمر»، معتبراً «ان السنّة والشيعة باتوا ضحايا الارهاب على حدّ سواء ما يستدعي توحدهم».
لا مجال للمقاربة الرومانسية لهذا الكلام، وان كان السعوديون الذين صدمهم تفجير المدينة المنورة يتمتعون بحساسية كبيرة جداً حيال «نوعية الكلام» في مثل هذه المناسبات، فهل من الممكن الرهان على «صدمة المدينة المنورة» للبحث عن طريقة ما لانهاء الصراع.
ـ الحريري وصحوة الضمير ـ
بالطبع، لبنانياً كل شيء يدخل في خدمة التجاذب الداخلي. الرئيس سعد الحريري قال «ان الذين امضوا رمضان يكذبون على الناس، زاعمين ان السعودية تموّل وتدعم «داعش» مدعوون لصحوة ضمير بعد هجمات «داعش» الانتحارية الارهابية على المملكة».
في هذا الضجيج لا يسمع صوت الفاتيكان. البابا فرنسيس يسند رأسه الى الله لكي يتدخل فيوقف كرنفال الجنون الذي يهدد كل اصقاع المعمورة. هذا لا يمنع الحاضرة البابوية من وضع «تقرير» جرى ارسال نسخة منه الى بلدان أساسية، وفيه دعوة الى ردم الهوّة السياسية والاقتصادية داخل الدول لأن الزلازل تدق كل الأبواب...
ـ قعقعة المصالح وقعقعة الفضائح ـ
الآن قعقعة المصالح، وقعقعة الفضائح. في الكواليس اللبنانية حديث عن «كونسورتيوم النفط والغاز، فهل صحيح انه لا تسوية في بلدان المنطقة قبل الاتفاق على صفقة الغاز، والى حد الحديث عن ان «القرن الذهبي ينتقل في غضون 10 سنوات، من الخليج الى المتوسط»؟
مؤشرات كثيرة تدل على ان شيئاً ما، سيناريو ما، يتم اعداده في الاروقة الخلفية. هذا ينعكس مراوحة على الساحة اللبنانية، حتى وان كان بعض الطهاة من اهل السياسة يعتبرون ان وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت لن يحمل معه الى بيروت طروحات تتعلق برئاسة الجمهورية، لكنه «يحمل» حتماً اسئلة اذا ما حصل على اجوبة حاسمة عليها يمكن ان تساعد على اختراق العوائق التي تحول دون انجاز الاستحقاق الرئاسي.
ـ تبعثر أوراق اللعبة ـ
وفي اجواء عين التينة ما يشير الى ان الرئيس نبيه بري الذي يعرف ان مبادرته باتت وراء القضبان، يعتبر ان اقرار قانون انتخاب، ويحظى بموافقة الاطراف كافة، يضع القوى المحلية والقوى الاقليمية أمام حالة هي أصعب بكثير من الحالة الراهنة...
الآن هناك حكومة. دستورياً تناط بها صلاحيات رئاسة الجمهورية وكالة. ماذا اذا أجريت الانتخابات النيابية على أساس ذلك القانون وأنتج نوعاً من الموزاييك السياسي الذي يبعثر أوراق اللعبة التي تحكم المشهد السياسي الآن.
هذا قد يجعل انتخاب رئيس الجمهورية عملية معقدة جداً. بالتالي، قد تتشكل الصيف الحالي ظروف يمكن ان تأتي برئيس للجمهورية. التيار الوطني الحر يقول «انه حتماً الجنرال»، تيار المستقبل يقول انه حتماً سليمان فرنجية. وهذا ليس رأي السعودية فحسب بل ورأي فرنسا والولايات المتحدة...
حتى هذه اللحظة، الاتصالات التي تجري نوع ما من انواع اللهو السياسي، الافضل متابعة الاقدام الكبيرة الى أين تمضي...
نائب تيار المستقبل سمير الجسر قال ان سلة بري تفكك الجمهورية وتضرب الدستور. في عين التينة كلام عن «الشيخ سعد» كـ«ضرورة وطنية»، وعلى ان وجوده في السرايا الحكومية «ضمانة كبيرة»
الديار : تيار المستقبل : سلة بري تفكك الدولة وتضرب الدستور
الديار : تيار المستقبل : سلة بري تفكك الدولة وتضرب...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
292
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro