«في الساعة الواحدة وثلاثين دقيقة من فجر يوم الأحد، تمّ وضع الأختام على المدخل الرئيسي لدخول وخروج الشاحنات كما وعلى مكان ركن الشاحنات لتحميل وتفريغ البضاعة (…) في مطاحن لبنان الحديثة، وذلك انفاذاً للقرار الصادر عن الرئاسة».

بهذه الخلاصة الصادرة عن قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، القاضي جاد المعلوف، خُتمت ابواب مطاحن لبنان الحديثة بالشمع الأحمر، حتى إشعار آخر. لم يأت هذا الختم من العبث، فهذه المؤسسة، التي كانت قد أقُفلت في 23 حزيران الماضي بقرارٍ قضائي لفترة تحذيرية بانتظار أن تسوّي مخالفاتها، تصرّ على أن تُطعم الناس قمحها المجبول بالقوارض وبعر الفئران ومياه الصرف الصحي الهاربة إلى الصوامع. لم تلتزم بالقرار السابق الصادر عن المعلوف نفسه قبل عشرة أيام، مستغلّة الليل كي تصرّف قمحها الملوث إلى اللبنانيين، غير آبهةٍ بالسلامة العامة... ومتسلّحة، على ما يبدو، بفساد الدولة نفسها. لكن، سوء حظّها العاثر أن معركتها الدائرة اليوم هي مع المواطنين. وفي هذا الإطار، يشير أحد المتابعين للملف إلى أنّ «القرار بختم المطحنة بالشمع الأحمر جاء عقب تبلغنا من البعض أن ثمة حركة في المطحنة ليلاً»، مضيفاً إلى أنّه «قمنا بجولة ووجدنا أنّ الماكينات في المطحنة شغالة وكذلك عمل الشاحنات».
بعد الجولة الميدانية، بدأت الجولة القضائية، حيث تقدّمت الجهات المستدعية، ومنها جمعيتا فرح العطاء وحماية المستهلك، بمعطياتها التي تفيد بأن المطحنة «شغّالة» لدى قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، عند العاشرة والنصف مساء السبت الماضي.. ليأتي «جواب» المحكمة بعد ثلاث ساعات، والذي قضى بـ«وقف العمل فوراً في كل آليات المطحنة ومنع طحن أو نقل أو ترطيب أو تعديل مكان أي من كميات القمح أو الطحين الموجودة حالياً في المطحنة وفي أي مكان ضمن نطاقها، تحت طائلة غرامة إكراهية قدرها 150 مليون ليرة لبنانية عن كل يوم مخالفة».
هذا هو الدرس الأول، أما البقية فآتية، إذ من المتوقع أن يشهد هذا الشهر مفاجآتٍ في هذا الملف، حيث من المفترض أن يصدر تقرير يتعلق بعمل بعض المطاحن، على أن تستكمل بالسؤال عن الدولة الغائبة عن ممارسة مهامها، على الأقل في ما يخصّ لقمة عيش الناس. ولعلّ السؤال الأبرز هنا هو عما إذا كانت الدولة ستخرج «الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء» من حيز الورق إلى التنفيذ قبل الموعد المحدّد في الخامس عشر من الجاري.
وفي هذا الإطار، تعقد «هيئة المحامين» (ممثلون عن جمعيتي حماية المستهلك وفرح العطاء والمفكرة القانونية وعدد من المحامين) المتابعة لملف تفعيل قانون سلامة الغذاء اجتماعات عمل مع الوزراء. وقد جددت دعوتها مجلس الوزراء والقوى السياسية لتشكيل الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء، وفق ما تفرضه أحكام المادة 22 من القانون.

الأخبار