المنطقة من ادناها الى اقصاها تحت قوس النار، كما تحت قوس الاحتمالات، التقارير الاستخباراتية تتقاطع: تنظيم الدولة الاسلامية في حالة هستيرية، وضع كل خلاياه، وشبكاته، في وضع الاستنفار...
بطبيعة الحال، تختلف درجة المناعة بين دولة واخرى، لكن التقارير اياها تتحدث عن موجات من الانتحاريين باتت جاهزة للعمل بعد توفير السبل اللوجستية لها، وحكومات المنطقة التي غض بعضها الطرف عن «داعش» وهو ما يقتضيه الجانب التكتيكي من الصراع، او حتى تعاون معها على ساحات معينة، بدأ باعادة النظر في الامر.
كلام عن صيف حار جداً في المنطقة على الصعيد الامني، لبنانياً، يقول لـ«الديار» مصدر ديبلوماسي اوروبي، التصدع السياسي يشبه الى حد بعيد، التصدع السياسي في العراق الذي بدا ان كل جدرانه من زجاج، بالرغم من امكاناته الضخمة..
وبالرغم من ذلك، فان تنظيم «داعش»، ومعه «جبهة النصرة» عجزا عن عرقنة لبنان، وتحوله الى ساحة مفتوحة للدماء والاشلاء، الفضل في ذلك يعود الى الاجهزة الامنية التي، وهنا النقطة الاكثر حساسية، لم تتأثر البتة لا بالتشتت السياسي والمذهبي، ولا بالاحتقان السياسي والمذهبي...
اما بالنسبة الى الخدمات التي تقدمها الاجهزة الاميركية، والاجهزة الغربية بوجه عام، فان خدمات مماثلة او اكثر تقدم الى دول اخرى في المنطقة، لا بل ان جماعة اردنية تقول ان الاميركيين يقدمون للعراقيين «خدمات هائلة» لمساعدتهم على ضبط الوضع في بغداد على الاقل، لتلفت الى ان الوضع داخل الاجهزة العراقية «فضيحة مجلجلة».
الكويتيون احبطوا او فككوا ثلاث شبكات، السعوديون رصدوا بدقة الانتحاري الذي كان في طريقه الى القنصلية الاميركية، وبالرغم من ذلك فجّر نفسه واصاب شرطيين..
مصدر وزاري قال لـ«الديار» انه لولا التخلخل السياسي والمذهبي في لبنان، لكان بالامكان ضبط الممرات الغامضة بين الجرود والمخيمات في منطقة عرسال، وبالصورة التي تمنع حصول اي عملية، لكن ظروفاً معينة، بالبعدين السياسي والمذهبي، جعلت شاحنات المؤن، وربما ايضاً الشاحنات التي تحمل المتفجرات، تتجه عبر المخيمات الى الجرود.
هذا يعني ان الخطر لا يأتي من الانتحاريين فقط الذين «يتدحرجون» من الاعلى، وهذا ما حصل مع انتحاريي القاع، وانما من الذين يؤمنون لمسلحي الجرود كل ما يحتاجونه، وبتغطية سياسية ربما تتعدى الحدود ما دام الصراع في المنطقة ينحو مكيافيلياً ودون التوقف عند اية ضوابط.
المراجع الامنية تقول امام الملأ انه ما من قوة تستطيع اقفال كل الاحتمالات. لكن الذي حدث ان المؤسسة العسكرية، ومعها المؤسسات الامنية، حالت دون «داعش» وتحويل شهر رمضان الى شهر الجحيم، كما يتضح من افادات موقوفين ومن معطيات استخباراتية متعددة المصادر.
ولولا تفجيرات القاع لكان شهر رمضان «نظيفاً بالكامل»، وان كانت هناك اكثر من جهة لا تزال تطرح علامات الاستفهام حول المسار الحقيقي للانتحاريين، وحول العوائق او المفاجآت التي جعلتهم يفجرون انفسهم في طرقات خالية. احدهم فجر نفسه في بستان...
والى ان يتم تفكيك لغز القاع ما دامت التحقيقات، واعمال الرصد والتوقيف، تأخذ منحى دقيقاً للغاية، فان الجهود تتمحور حول عيد هادىء يعيد للبنانيين بعض البهجة ويحد من موجات القلق المتلاحقة، الجيش في كل مكان والاجهزة الامنية ايضاً...
الى ذلك، اثار الطرح التركي بتجنيس النازحين السوريين حالة من القلق لدى كبار المسؤولين اللبنانيين.
وفي هذا الصدد، قال احد هؤلاء المسؤولين لـ«الديار» ان الصفقة بين انقرة والاتحاد الاوروبي كانت واضحة، وبكل تفاصيلها، حول دفع مليارات الدولارات لتركيا لمنع النازحين السوريين من الهجرة العشوائية الى بلدان القارة العجوز.
ـ صفقة سرية؟ ـ
والمسؤول اياه يسأل ما اذا كانت هناك من صفقة سرية بين انقرة وبروكسل، وحتى خارج نطاق الاتحاد الاوروبي، لتوطين النازحين من خلال تجنيسهم، خصوصا وان هناك من شكك في ان يكون الامين العام للامم المتحدة بان كي مون هو من وضع التقرير الشهير حول النازحين واللاجئين.
وبحسب المسؤول فان التقرير يتجاوز «شخص» وامكانات كي مون ليشير الى الشائعات التي ترددت بان واضع التقرير هو الوكيل السياسي للامين العام والديبلوماسي الاميركي، القريب من المحافظين الجدد جيفري فيلتمان.
في كل الاحوال، هناك خشية لبنانية حقيقية من الخطوة التركية، وان كان بعض اهل السياسة قد «شطح» في التفسيرو، والاجتهاد، واعتبر ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي استخدم التركمان (على انهم من اصل تركي) للقتال ضد النظام في سوريا، يريد تجنيس ذلك العدد الضخم من النازحين لاستخدامهم كاحصنة طروادة عندما تتجه الامور، دولياً، واقليمياً، الى «اعادة هيكلية سوريا».
ـ الخرائط الديموغرافية ـ
واذ تتحدث مراجع استخباراتية في الغرب عن نسخة جديدة من سايكس - بيكو، تشير الى انه في هذه المرة رسم الخرائط الديموغرافية لا الخرائط الجغرافية التي استهلكت او تآكلت على كل حال وباتت تحتاج الى جراحات قيصـرية.
هذا الكلام يثير الكثير من الهواجس لدى الفئات اللبنانية على اختلافها، وهناك مراجع لبنانية تلاحظ ان كباراً في العام يستخدمون مصطلح «الزلزال» لدى حديثهم عن سوريا، فهل يمكن الا يضرب الزلزال او على الاقل الهزات الارتدادية الخرائط او الصيغ السياسية.
وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس حذر من «خطورة الاقتراح التركي» مضيفاً بان «التوطين لا يدخل في قاموس لبنان ولا في قاموس الشعب اللبناني، والموافقة عليه جريمة بحق الشعب السوري».
ـ حكومة نواطير ـ
ولفت الى «ان البلد «مش ماشي» فنحن حكومة نواطير موجودين فيها رغماً عنا»، ليضيف «نحن في مرحلة خطيرة للغاية، ولبنان محاط بالنار من جميع الجهات، ويمكن ان ننزلق في اي لحظة الى مهوار سحيق».
واعتبر «ان الدفاع عن حدودنا البرية والجوية والبحرية يقتضي وجود دولة مركزية وقوية تتصرف وفق القــواعــد الدستورية، ونحن في دولة بلا رأس، وحكومة تجتمع بصورة متقطعة، ويمكن لمكوّن واحد تعطيل عـملها».
وتحدث وزير العمل سجعان قزي عن «خوف في لبنان من التجنيس التركي»، وان يدفع ذلك المجتمع الدولي لاقناع لبنان بالتشبه بالخطوة التركية. ورأى انه «اذا كانت الحكومة اللبنانية تنتظر عرض الحكومة السورية لحظة اعادة النازحين الى سوريا، فلن نصل الى نتيجة لان النظام السوري يريد ابقاء النازحين السوريين، وبخاصة المعارضين منهم، في لبنان».
ـ مصادر سلام : اللامعقولـ
مصادر الرئيس تمام سلام قالت لـ«الديار» انه اذ يريد لعطلة العيد ان تكون فرصة لالتقاط الانفاس، فقد ابدى ذهوله حيال السيناريوات، والتوقعات، والاحاديث التي تتناول موضوع الاستحقاق الرئاسي، معتبراً ان لبنان بلد اللامعقول، لتضيف المصادر ان ما يحكى عن الانتخابات الرئاسية «يجعلنا نبدو وكأننا امام لحظة شكسبيرية» وحيث عناصر المفاجأة اكثر من ان تكون مثيرة.
حتى اشعار آخر، وبعيد، الاشباح تلعب في ارجاء القصر، والذين لهم تجاربهم في تصنيع الرؤساء، او في متابعة هذه العملية، اذ يشيرون الى ان الاسم يأتي من الخارج، وبوفاق خارجي، مهما علت اصوات المراجع اللبنانية، فهم يعتبرون ان بعض المرشحين امضوا اكثر من الوقت اللازم في الضوء لكي يذهبوا الى الظل.
ـ محرقة الرؤساء ـ
نائب مخضرم، وله الباع الطويل في «طبخ» الرؤساء، قال في حلقة ضيقة ان المرحلة منذ ربيع عام 2014 وحتى الآن هي محرقة الرؤساء هل يعني هذا ان الاسم الذي تتوافق عليه الرؤوس الكبيرة سيكون من خارج «المحـرقة»؟
النائب يقول ان الحركة الداخلية هي حركة بلا بركة، لا ديناميكة خارجية لانتخاب رئيس للبنان، وليس صحيحاً ان جان- مارك ايرولت سيحمل معه «نبأ سعيداً» حين يزور لبنان في 11 و12 تموز الجاري، حتى ولو تمنى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ايلاء الاهتمام للملف اللبناني باعتباره لا يقل حساسية، من حيث الاحتمالات، عن الملفات الاقليمية الاخرى التي تشغل بال البلاط الملكي.
والمثير ان يقال ان هزة من رأس الامير تأتي برئيس للجمهورية في لبنان. ولكن من هو هذا الرئيس؟
مصادر سياسية رفيعة المستوى تقول ان الاستحقاق الرئاسي في لبنان ضمن السلة الاقليمية التي لم تفتح بعد، السلة المحلية تحمل بنداً وحيداً هو قانون الانتخاب الذي لم يعد مستحيلاً لان نتائج القانون المختلط تجعل الفارق بين فريقي النزاع (وربط النزاع) الداخلي مجهريا ولا يرى بالعين المجردة...
والنتيجة نصفان، لا مستحيلان، وينبغي ان يلتقيا، ولكن الا تقول قوى اساسية الا انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية، والا كمن يضع الاحصنة وراء العربة.
حتى اشعار آخر، الاحصنة وراء العربة، السلة المحلية تدور في الفراغ!
حدث لافت امس، استئناف «المنازلة» بين تنظيم «داعش» و«النصرة» في جرود عرسال بعدما لوحظ في الآونة الاخيرة ان مواقع قريبة من التنظيم راحت تتهم «النصرة» بالتواطؤ مع «الصليبيين واذنابهم» لضرب «الدولة» في بعض المناطق، مع توارد معلومات تفيد بان التنظيم ماض في محاولة اقتلاع «النصرة» من سفوح السلسلة الشرقية.
الايام المقبلة تكشف ابعاد ما يحدث الآن، الجيش اللبناني يراقب باهتمام.
الديار : سقوط خطة «عرقنة» الساحة اللبنانية
الديار : سقوط خطة «عرقنة» الساحة...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
353
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro