عند الساعة الواحدة من صباح الأحد، هزّ الانفجار الرهيب الناجم عن سيارة مفخخة قلب حي #الكرادة في بغداد. وحتى الساعة الواحدة من ظهر اليوم، ظلت اعمدة الدخان تتصاعد من الأبنية التجارية على جانبي الطريق.
يقول أغلب من استطاع الوصول الى موقع الانفجار: "لم نر قبل ذلك، مثل هذا الجحيم!".
أكثر من سبعة مباني احترقت بمن فيها، من اشخاص واثاث وسلع مختلفة. احصاءات وزارة الصحة أكدت أن أكثر من 200 شخص سقطوا بين قتيل وجريح، وان نحو" 50 جثة متفحمة لم يتم التعرف على هويات اصحابها حتى الآن".
وقد أرسلت "الجثث المتفحمة الى مختبرات الطب العدلي لإجراء فحوصات الـ(DNA) للتعرف على ذويهم". وتفيد بعض المصادر ان حصيلة الضحايا من الاموات فقط بلغت نحو 165 شخصا.
شهود عيان ذكروا لـ"النهار" قصة شاب فقد زوجته واطفاله الثلاثة دون ان يتمكن من العثور على جثثهم برغم مراجعته أغلب المستشفيات التي استقبلت ضحايا الانفجار، شهود العيان يقولون، انهم شاهدوا الشاب مذهولا في موقع الانفجار على امل العثور ولو على اثر من بقايا اسرته! وكذلك شاهدوا عشرات النساء والرجال وهم يبحثون عن ابنائهم وسط الركام دون جدوى. فقدت احدى الاسر 7 من ابنائها، واخرى 5 ابناء.
لاعب المنتخب الوطني لكرة القدم السابق غانم عريبي، فقد نجله ذو الفقار غانم في الحادث. الفنان والممثل ثامر الشطري اصيب اصابات بليغة ونقل الى المستشفى، وثمة انباء تقول بوفاته. المطرب جمعة العربي اعلن وفاة اثنتين من بنات شقيقه.
حي الكرادة، هو الحي الاكثر مدنية بين احياء العاصمة بغداد، لذلك يتوجه الى اسواقه العامرة آلاف المواطنين يومياً من مختلف انحاء العاصمة، وقد تعرض الى عشرات الهجمات الارهابية برغم التنوع الاثني والطائفي الذي يتمتع به.
مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ضجّت بحادث التفجير وامتلأت بعشرات الصور لشباب قضوا في الانفجار، ووضع نشطاء هاشتاغ (#كاشف_الزاهي)، في اشارة الى جهاز كشف المتفجرات المعروف بالـ(ADE)، الذي اتى على خلفية صفقة فاسدة عقدتها وزارة الداخلية مع تاجر بريطاني بحدود عام 2007، ولم تثبت اي فاعلية في كشف السيارات المفخخة، ونجحت فقط في كشف مساحيق الغسيل "الزاهي" الذي يشير اليه الهاشتاغ.
ولعل المفارقة ان السلطات البريطانية قدمت مورد الجهاز الى العراق جيمس ماكورميك الى القضاء بتهمة الاحتيال!
المتأثرون بالانفجار المروّع لم يلتفتوا لإعلان تنظيم "#داعش" الارهابي مسؤوليته عن الحادث عبر انتحاريه "ابو مها العراقي" وصبوا جام غضبهم على السلطات الحكومية واخفاقها في توفير الحماية للناس.
رئيس الوزراء حيدر العبادي المولود في حي الكرادة، زار موقع الحادث في ساعة مبكرة، فانهال عليه اهالي الضحايا بالسباب والشتائم المختلفة وامطروا موكبه العسكري بوابل من الحجارة، الأمر الذي اضطره الى مغادرة الموقع بأقصى سرعة. ثم اصدر بيانا قال فيه: " واجبي الوطني والاخلاقي تفقد احوال المواطنين في جميع الظروف"، مضيفا " اتفهم مشاعر الانفعال والتصرفات التي صدرت في لحظة حزن وغضب من بعض ابنائي الأعزاء، والتي رافقت زيارتي لمنطقة الكرادة".
النهار