السفير : «التفاهم النفطي» أمام الحكومة: غاز.. وألغاز!
.. أما وأن الاتفاق النفطي بين عين التينة والرابية وُلد في أعقاب آلام المخاض، فإن اختبار مفاعيله العملية ينتظر «لمّ شمل» مجلس الوزراء بعد عيد الفطر المبارك، حيث يُفترض أن يقود الرئيس تمام سلام عملية الحفر في «آبار» الحكومة، بهدف استخراج «الوقود السياسي» الكفيل بإدارة محركات الحلم النفطي.
وبهذا المعنى، فإن مجلس الوزراء سيكون أمام محك إقرار مرسومَي النفط اللذين سيفتحان الطريق أمام إطلاق آلية المزايدة واستدراج العروض، إضافة إلى إقرار مشروع قانون الضرائب، على أن التحدي الأكبر يبقى متمثلا في حماية الطاقة الكامنة من تجاذبات أهل البّر، بحيث لا تتحول من ثروة مسيّلة للغاز إلى... مسيّلة للدموع.
وفي حين تفاوتت المواقف من «ورقة التفاهم» النفطية بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون ممثلا بالوزير جبران باسيل، فإنه يمكن القول إن التفاهم تمحور، وفق المعنيين به، حول العناصر الآتية:
حماية مصالح لبنان وحقوقه النفطية عند الحدود البحرية مع إسرائيل بالدرجة الأولى، وقبرص وسوريا.
تحقيق الاستفادة القصوى للبنان من ثروته الطبيعية، عبر ضمان أحسن الشروط للدولة، عن طريق تعزيز المنافسة بين الشركات.
تأمين شروط نجاح المزايدة من خلال إيجاد بيئة جاذبة للشركات والاستثمارات.
تثبيت حضور البلوكات الجنوبية (8 و9 و10) في أي «معادلة تلزيم».
وفي انتظار أن تلتئم الحكومة بعد العيد، جمعت «السفير» - عبر صفحاتها ـ مكونات مجلس الوزراء، لاستطلاع آرائها في أعقاب اتفاق عين التينة، فكانت هذه الحصيلة:
بري
يؤكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن المسار النفطي انطلق في الاتجاه الصحيح، ويُفترض أن يمر تباعا في اللجنة الوزارية ومجلس الوزراء ثم مجلس النواب، وبعدها يصح القول إن الفول أو النفط صار في المكيول.
ويستهجن بري الكلام حول أن الاتفاق النفطي الذي تم «بيننا وبين «التيار الوطني الحر»، يختزل القوى الأخرى في الحكومة أو يتجاوزها»، لافتا الانتباه إلى أن اللقاء مع «التيار» عبر الوزير جبران باسيل تم أصلا بناء على طلب الرئيس تمام سلام الذي كان قد اشترط، على طاولة الحوار وخارجها، حصول تفاهم سياسي قبل عرض المرسومَين الشهيرين المتعلقين بالموضوع على مجلس الوزراء.
ويشدد على أن الاتفاق لا يلغي دور المؤسسات الدستورية كما يتوهم البعض، بل يسهله، مؤكدا أهمية عرض البلوكات، خصوصا تلك الجنوبية، حتى نتمكن من تكريس حقنا ونقطع الطريق على محاولات إسرائيل سرقة ثروتنا وقضم مساحة 850 كلم مربع من مياهنا البحرية، ثبت أنها غنية بالمكامن الغازية، وبعد ذلك ليس مهما أن يبدأ التلزيم العملي.
السنيورة
وأبلغ رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة «السفير» أن «المستقبل» سيكون إيجابيا على طاولة مجلس الوزراء حيال مرسومي النفط ومشروع قانون الضرائب.
ويلفت السنيورة الانتباه إلى أن الثابتة الأساسية بالنسبة إلينا هي طرح البلوكات العشرة ثم الموافقة على تلزيم واحد أو إثنين أو ثلاثة كحد أقصى. وينبه إلى أن من الحكمة التدرج في التلزيم حتى نكون قد اكتسبنا الخبرة اللازمة واختبرنا السوق وكيّفنا عملية الطرح المستقبلية مع حصيلة النتائج الأولية، آملا في أن تكون روحية الاتفاق بين الرئيس بري والتيار الحر قد راعت هذا الاعتبار الحيوي.
وفي ما يتعلق بالحدود البحرية الجنوبية، يدعو السنيورة إلى عدم تضخيم خطر التهديد الإسرائيلي للمكامن النفطية والغازية العائدة للبنان، معتبرا أنه لو كانت إسرائيل هي التي تتولى استخراج النفط لكان القلق من أطماعها مشروعا لأنها عدوة، لكن الأمر مختلف هنا، لأن الشركات الدولية هي المكلفة من تل أبيب باستخراج الطاقة، وهذه الشركات لن تتجرأ على العمل في أي منطقة بحرية متنازع عليها، ويكفي أن تُرفع دعوى قضائية واحدة على أي منها حتى يتوقف عملها فورا، «أما لو كانت إسرائيل تستخرج مباشرة لكانت بتعملها (السرقة) وبتعمل بيّها...».
ويكشف عن أنه شجع الرئيس سلام على ضم لبنان إلى معاهدة «المؤسسة الدولية للشفافية في أعمال استخراج النفط»، كي نحمي ثروتنا الطبيعية من أي شكل من أشكال التلاعب والفساد.
جنبلاط
ويعتبر النائب وليد جنبلاط في كلامه لـ «السفير» أن الاتفاق النفطي بين بري وعون مفيد، وهو أفرج سياسيا عن الملف، وهذا لا ينفي أن مجلس الوزراء كله معني بهذه القضية.
ويلفت جنبلاط الانتباه إلى أن الثروة النفطية ملك عام برسم الأجيال، والأرقام التقريبية تدفع إلى أن نعلق آمالا كبرى عليها، لا سيما لجهة إيفاء الدين العام، ما يستوجب حمايتها من خطر الفساد الداخلي، موضحا أن هناك ثغرات قانونية تناولها الخبير نقولا سركيس في دراسته المنشورة في «السفير» يجب أخذها بعين الاعتبار، حتى نحصن هذه الثروة، وأنا أعلم أن الرئيس بري حريص على ذلك.
باسيل
وفيما كان الوزير جبران باسيل يهم بالصعود إلى الطائرة متوجها إلى فرنسا، أكد لـ «السفير» أن تفاهم عين التينة كان يجب أن يحصل منذ وقت طويل، معتبرا أنه ستكون له مفاعيل إيجابية على لبنان والثروة النفطية، وكذلك على العلاقة الثنائية بين حركة أمل والتيار الوطني الحر، وأنا مسرور للتطور الذي طرأ على هذه العلاقة.
ويتفق باسيل مع بري في شرح حيثيات الاتفاق، لافتا الانتباه إلى أن الرئيس سلام أبلغنا أنه لا يقبل عرض مرسومي النفط إلا بعدما نتفق نحن و «أمل»، خصوصا أن التباين الأساسي كان موجودا بيننا تحديدا، بينما الأطراف الأخرى لم تكن لديها مشكلة معلنة، مؤكدا عدم وجود أي نية لاختزال مجلس الوزراء الذي سيأخذ دوره الطبيعي.
ويشدد باسيل على أن أهمية التوافق النفطي الذي جرى مع بري يكمن في أنه يضمن حصول مزايدة شفافة وناجحة، بينما لم يكن هذان الشرطان متوافرين في السابق.
فنيش
ويقول الوزير محمد فنيش لـ «السفير» أن اتفاق عين التينة النفطي، الذي سعينا إليه أكثر من مرة، هو تطور إيجابي يريح لبنان ويشكل خطوة متقدمة على طريق الاستفادة من ثروتنا الطبيعية.
ويتابع: لقد تأخرنا بما فيه الكفاية، ومع ذلك أن تصل متأخرا أفضل من ألا تصل أبدا، ومن المهم أن نحاول الآن تعويض الوقت الضائع والدفع في اتجاه إطلاق دينامية الاستفادة من ثروتنا النفطية في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يعاني منها لبنان، وصولا إلى قطع الطريق على العدو الإسرائيلي الذي يسعى باستمرار إلى سرقة مواردنا الطبيعية.
ويشير إلى وجود إمكانية للبناء على التفاهم النفطي لتحقيق تقارب سياسي بين الرئيس بري والعماد عون، مع بعض الجهد الإضافي، لاسيما أن الخيارات الإستراتيجية تجمعهما.
نظاريان
ورحب وزير الطاقة والمياه أرثيور نظريان بـ «الاتفاق الحاصل في موضوع التنقيب عن النفط بين «التيار الحر» و «أمل»، والذي طوى الاختلاف في وجهات النظر حول إستراتيجية التلزيم في البلوكات البحرية، ما من شأنه تسريع إقرار المرسومين المتبقيين في مجلس الوزراء، متمنيا على جميع الأطراف في مجلس الوزراء «الإسهام في تسريع إقرار المراسيم وصولا إلى الانتهاء من دورة التراخيص والمباشرة في أعمال الاستكشاف والإنتاج».
درباس
أما الوزير رشيد درباس (كتلة سلام) فيقول لـ «السفير» مبتسما: لم أعرف لماذا اختلفوا سابقا ولماذا اتفقوا الآن.. ولكن يبدو أن السلة تحولت إلى برميل. ويشير إلى أنه على العموم متفائل بمسار الملف النفطي استنادا إلى المؤشرات المتجمعة، والمهم أن تكون هناك مواكبة وطنية له بغية تحصينه في مواجهة التحديات والمخاطر التي قد تعترضه. ويضيف: لقد اكتشفت من خلال عملي في الوزارة أن الرئيس بري مصاب بـ «أمل» لا شفاء منه، ولذلك يبتكر المساحات والساحات للتوافق.
وعلى طريقته، يستطرد درباس قائلا: لعل «حركة أمل» و «التيارالحر» يعثران، وهما يحفران تنقيبا عن النفط، على رئيس للجمهورية.
حرب
ويشدد الوزير بطرس حرب على ضرورة التقيد بالأصول الدستورية والقانونية في اتخاذ القرارات الكبرى، قائلا لـ «السفير»: إن أي اتفاق ثنائي أو أكثر لا يستطيع أن يختزل هذه الآلية، فكيف إذا كان يتعلق بالنفط والغاز.
ويستغرب حرب تغييب وزير الطاقة آرثيور نظاريان عن التفاهم بين عين التينة والرابية، معتبرا أن هذا الاستبعاد يؤشر إلى تجاوز للقواعد المفترضة. ويوضح أنه سيحدد موقفه النهائي تبعا لما سيُطرح علينا في مجلس الوزراء، فإذا تبين لنا أن هناك استجابة لشروط المصلحة العليا للدولة وأن الثروة النفطية لن تخضع للمحاصصة التقليدية سنكون مرحبين، أما في حال جرى تغليب مصالح القوى النافذة على الاعتبارات الوطنية فسنتصدى لذلك. ويتابع: من حيث المبدأ، يبدو اتفاق أمل ــ التيار غير سليم في الشكل والمضمون، لكننا سننتظر اتضاح صورته، مع تمنياتنا بأن يكون مطابقا للمواصفات حتى نشجعه.
حناوي
أما الوزير عبد المطلب حناوي (كتلة الرئيس ميشال سليمان) فنصح بأن يجري تلزيم البلوكات العشرة بالتدريج وليس دفعة واحدة، حتى تستطيع تأمين الإدارة واليد العاملة وعوامل أخرى كالإحاطة شيئا فشيئا بهذا القطاع الجديد، داعيا إلى أن نتعلم في هذا المجال من أخطاء غيرنا، وتحديدا من هولندا التي كانت قد لجأت إلى التلزيم الشامل لكل بلوكاتها النفطية دفعة واحدة، ما رتب خسائر على اقتصادها الوطني.
ورأى أن الموقف من تفاهم بري - باسيل يتحدد تبعا لطبيعة مضمونه ومردوده، ونحن سنرحب به طبعا إن تبين أنه يصب في خانة تعزيز الاقتصاد اللبناني، مشيرا إلى أن القرار النهائي سيتخذ بعد درس الملف والاطلاع على جميع تفاصيله في مجلس الوزراء.
قزي
ويقول الوزير سجعان قزي لـ «السفير» إنه إذا كان الاتفاق بين الرئيس بري و «التيار الحر» هو جزء من اتفاق وطني شامل فلا مشكلة لدينا معه، أما إذا كان يختزن صفقة ثنائية فسيكون لنا الموقف المناسب حين يُعرض الأمر على طاولة مجلس الوزراء.
ويؤكد أن الثروة النفطية ليست إرثا لأي طرف كي يصار إلى إجراء حصر إرث ثنائي في شأنها، والشكل الذي أعلن من خلاله عن الاتفاق يوحي وكأن هناك من يقول «الأمر لنا»، وما على السامعين سوى التنفيذ.
ويوضح أنه في حال عدم إدراج الملف النفطي على جدول أعمال الجلسة الحكومية المقبلة، فأنا سأطلب مناقشته من خارج جدول الأعمال، حتى لا يكون مجلس الوزراء «الزوج المخدوع»، مضيفا: في كل الحالات، لعله من الأفضل أن تنتقل الخلافات من البر إلى البحر، لأن أضرارها على اللبنانيين تصبح أقل، ولا بأس في أن يتبادل السياسيون الرسائل من تحت الماء، عملا بقصيدة الشاعر نزار قباني: رسالة من تحت الماء.
عريجي
وزير «تيار المردة» روني عريجي أبلغ «السفير» أنه ينتظر ما سيُعرض في مجلس الوزراء حول الشأن النفطي، حتى نتخذ الموقف المناسب. ويتابع: نحن الآن أمام قضية إستراتيجية لا تحتمل أي مسايرة، بل يجب التعاطي معها بمهنية وحرفية ومسؤولية وشفافية.
ويشدد على أن الثروة النفطية والغازية ليست ملكا لفرد أو طائفة أو حزب، وبالتالي فإن كل وزير منا هو أمام مسؤولية تاريخية، ونحن من جهتنا سنكون حريصين على التثبت من أنه سيتم احترام الأصول والقواعد التي ينبغي اتباعها في مقاربة ملف وطني بامتياز من هذا النوع.
ويؤكد أن «المردة» سيكون إيجابيا ومتجاوبا، بقدر تناغم ما سيُعرض على مجلس الوزراء مع المعايير العلمية، إذ إننا لا نتعاطى كيديا مع المسائل الوطنية، ولا نخلط الأمور بعضها ببعض.
المستقبل : اتفاق عين التينة ـ الرابية: «تلزيم» نفطي لا رئاسي
بعدما فرض نفسه بقوة على المشهد السياسي الداخلي وأثار أكثر من علامة تعجب واستفهام حول دوافع إبرامه ومضامينه وأبعاده لا سيما الرئاسية منها، تحرّت «المستقبل» موضوع الاتفاق النفطي الذي حصل الأسبوع الفائت في «عين التينة» واستعرضت مع طرفيه قصة التقارب الحاصل بينهما وأبرز المحطات والنقاط التي أوصلت إلى تحقيقه، وسط تسجيل نفي قاطع من رئيس مجلس النواب نبيه بري لوجود أي «تلزيم» رئاسي في أفق الاتفاق مع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون وتشديد الطرفين على كونه يرتكز على منطلقات وطنية بحتة أوجبت الإسراع ببدء تلزيم «بلوكات» الجنوب والشمال النفطية حفاظاً على حقوق لبنان وتأمينها في مواجهة الأطماع الإسرائيلية.
القصة بدأت، كما ترويها أوساط بري لـ«المستقبل»، من زيارة قام بها وزير الطاقة أرتور نظريان مع أعضاء هيئة إدارة قطاع النفط والبترول منذ نحو أسبوعين إلى عين التينة حيث أطلع رئيس مجلس النواب على فحوى تقارير أميركية خاصة بتحديد مناطق النفط في لبنان على مقربة من المواقع النفطية الإسرائيلية، مع إشارة خاصة إلى أهمية ما جاء في هذه التقارير سواءً لناحية توثيقها بالخرائط حق لبنان باستثمار بلوكاته النفطية أو لجهة إثباتها هذا الحق بموجب تقارير صادرة تحديداً عن الولايات المتحدة الأميركية. حينها لم يُخف بري بالغ سروره بهذه المعطيات ودعا إلى متابعة الموضوع حتى خواتيمه المرجوة آخذاً بعين الاعتبار أنّ «التيار الوطني الحر» لا بد وأنه بات في أجواء التقارير الأميركية المستجدة.
لاحقاً، بدأت الأنباء تتوالى على مسامع بري عن تسجيل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل انفتاحاً ملحوظاً خلال جلسات مجلس الوزراء الأمر الذي لفت انتباه بري واكتفى بالتعويل عليه قائلاً: «ان شاء الله يكون نزل عليه عقل الرحمن»، ثم ما لبث أن جاءه الوزير علي حسن خليل ليبلغه بطلب باسيل زيارته في عين التينة فأجابه بري فوراً ومن دون أي تردد: أهلاً وسهلاً بكرا» طالباً إعادة جدولة مواعيده في اليوم التالي لاستقبال باسيل.
وبينما لم يكن يعلم رئيس المجلس مسبقاً بما سيحمله إليه باسيل، بادره الأخير خلال الاجتماع بإعلامه بأنّ «التيار الوطني» موافق على البدء بتلزيم بلوكات النفط والغاز مناصفة وبشكل متزامن في كل من الجنوب والشمال، وسرعان ما نوّه بري بهذه الخطوة باعتبارها تتماهى مع ما كان يطرحه حول كيفية مقاربة هذا الملف، مؤكداً أنه قرار بالغ الأهمية على الطريق نحو تحقيق المصلحة الوطنية العليا.
وعن المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده خليل وباسيل إثر انتهاء الاجتماع وما تخلله من مطالبة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام بالإسراع في إدراج الموضوع على جدول أعمال المجلس، تشير أوساط بري إلى أنه قبل الاجتماع كان قد فاتح سلام بالأمر على طاولة الحوار الوطني فأجابه: «إذا حصل توافق سياسي ما عندي مانع». وعليه تضيف أوساط بري: «عملياً بعد الاتفاق مع الرابية على الموضوع لم تعد هناك من مشكلة باعتبار أنّ أياً من الأطراف السياسية الأخرى لم تكن تبدي أي اعتراض، وعلى هذا الأساس طلب رئيس المجلس النيابي من الوزيرين خليل وباسيل إعلان التوافق في مؤتمر صحافي مشترك من عين التينة لتأكيد حصوله والحث على إدراج ملف النفط على جدول مجلس الوزراء من منطلق قناعته بأن الإسراع في إنجاز هذا الملف يجسد فرصة ثمينة للبلد إن كان على مستوى تخفيف أعباء الدين العام أو على مستوى إنقاذ الوضع الاقتصادي»، مع الإشارة كذلك إلى أنّ بري كان قد أجرى اتصالاً برئيس الحكومة تمنى عليه شروع اللجنة الوزارية المختصة بدراسة التطبيقات العملية للموضوع، بينما طلب من رئيس لجنة الأشغال والطاقة والمياه النائب محمد قباني طرح موضوع التنقيب البري عن النفط على طاولة اللجنة وتحضير اقتراح قانون في هذا المجال، في حين بدأ الرئيس بري إجراء اتصالاته استعداداً لدعوة مجلس النواب إلى الاجتماع لإقرار القوانين ذات الصلة بالملف مع استبعاده أن يلقى ذلك اعتراضاً من قبل أي من مكونات المجلس.
ورداً على سؤال، نفت الأوساط نفياً قاطعاً ما يتم تداوله عن أبعاد رئاسية خلف الاتفاق مع عون ونقلت عن بري قوله: «لم يتخلل الاجتماع مع باسيل أي كلمة رئاسية، ملف النفط شيء وملف الرئاسة شيء آخر تماماً، لكن بالتأكيد ما حصل مهم على مستوى تحسين العلاقة مع عون وعلى صعيد إراحة البلد وتحصين حقوقه».
أما على ضفة الرابية، فتعلّق أوساط باسيل على وقائع ودوافع التقارب النفطي مع عين التينة بالقول لـ«المستقبل»: «في ظل تعذر عرض كامل البلوكات النفطية للتلزيم اتفقنا على البدء بتلزيم قسم منها بشكل متقن التوزيع مناطقياً بين الجنوب والشمال والوسط أقله لتنطلق الآلية العملية لاستخراج النفط كمرحلة أولى ثم نتفق تباعاً على المراحل الأخرى»، وأردفت: «أهمية ما حصل تكمن في إنجاح مناقصة تلزيم هذه البلوكات بغرض حماية حقوق لبنان من إسرائيل أولاً، كما أنّ الوزير باسيل حريص كل الحرص على تحصين الحقوق الوطنية أمام الدول المحيطة التي تتداخل جغرافياً ونفطياً مع لبنان لا سيما سوريا وقبرص».
ورداً على سؤال، تؤكد أوساط باسيل أنه كان حريصاً مع رئيس مجلس النواب على ألا يختزل الاتفاق بينهما أي طرف وعلى أن تكون الحكومة بجميع مكوناتها هي صاحبة القرار في نهاية المطاف، لافتةً الانتباه في هذا الإطار إلى أنّ وزير الخارجية كان قد أجرى مشاورات جانبية سابقة مع كل الأطراف في الحكومة قبل لقاء عين التينة. وعما يتردد عن «جانب رئاسي» في مشهد التوافق النفطي مع بري، اكتفت الأوساط بالتركيز على أبعاده النفطية مفضلةً عدم التعليق «رئاسياً» في سياق مقاربتها الموضوع.
الجمهورية : قلقُ المسيحيين يتفاقم.. وبرّي متفائل نفطيّاً وجنبلاط مع ضوابط
مع دخول الملفّات الداخلية في استراحة عيد الفطر، يُنتظر أن تنطلق بعدها الخطوات الأولى على طريق قطفِ ثمار «الملفّات الإنقاذية»، التي من شأنها - إنْ صَدقت النيّات إزاءَها، وتمَّت مقاربتُها بتغليب مصلحة البلد أوّلاً- أن تعيد بثَّ الروح في الاقتصاد اللبناني، ولعلّ أبرزَها ملف الثروة النفطية والغازية الضائعة في عمق البحر. وفيما يَشهد الوضع الأمنيّ هدوءاً ملحوظاً، بفِعل الإجراءات المشدّدة للجيش اللبناني في مختلف المناطق، ما زالت تردّدات الهجوم الإرهابي على بلدة القاع تتفاعل، وطنياً، ومسيحياً، مع تنامي خوف المسيحيين على موقعهم ودورهم ومصيرهم في لبنان، ولأسباب متعدّدة، فاقَمتها الهجمة الإرهابية التي يُخشى منها أن تستنسخ الصوَر السودَ وما تَعرّض له المسيحيون في العراق وسوريا وسائر المشرق.
كما بات واضحاً، فإنّ الهجوم الإرهابيّ على القاع، أشعلَ القلق المسيحيّ على المصير، في ظلّ محاولات مجموعات ظلامية تحاول استضعافَهم وتريد محوَ تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم، وهذا ما عبّرَت عنه المرجعيات الروحية والسياسية التي دقّت ناقوس الخطر ودعَت إلى توفير كلّ شروط القوّة والحماية لأحد المكوّنات الأساسية لهذا البلد.
وقال مرجع سياسي كبير إنّ الهجوم الإرهابي على القاع فعلَ فِعله، وأبرزَ الخطرَ الحقيقيّ المحدق بالمسيحيين، بلا استثناء، انطلاقاً مِن تلك النقطة الحدودية، خصوصاً بعدما تكشّفت نيّات المجموعات الإرهابية لاغتيال القاع ومحو هويتها اللبنانية والمسيحية، عبر جعلِها إمارةََ سوداء تَحكمها جاهلية بغيضة، ونقطةَ انطلاقٍ لزرع القتل والفتنة في محيطها وسائر المناطق اللبنانية.
وما من شكّ في أنّ هذا الخطر التكفيري الآني، يأتي في رأس هرم المخاطر التي تَتهدّد المسيحيين، ويقتضي تشخيص المرض الذي يعاني منه المسيحيون، الاستنفار الوطني العام، والمسيحي على وجه الخصوص، لبناء جدار الأمان بالشراكة في ما بينهم وفي ما بينهم وبين سائر مكوّنات البلد.
ويتقاطع كلام هذا المرجع السياسي مع قراءة مفصّلة للواقع المسيحي، يحدّد فيها مرجع سياسي مسيحي، مكامنَ الخطر الأخرى على المسيحيين، ويوزّع المسؤوليات على بكركي بالدرجة الأولى، كما على سائر المرجعيات المسيحية.
ويقول المرجع المسيحي، إنّه بالإضافة إلى الدور الاجتماعي الذي تقوم به المؤسسات الكنَسية، فإنّ الثقلَ السياسي الكبير، يقع على البطريركية المارونية في ظلّ غياب رئيس الجمهورية، وهنا تكمن مسؤوليتها في ملء جزءٍ من الفراغ في المشهد الوطني، وحرصُها على عدم تغييب المكوّن المسيحي ومحو دوره وتقليص موقعه وفعاليته، لأنّ رئاسة الجمهورية هي الموقع الأوّل ليس لمسيحيّي لبنان فقط، بل لمسيحيّي الشرق، لذلك وفي ظلّ الفراغ المستفحل في موقع الرئاسة الأولى، هناك خوف حقيقي، ماروني ومسيحي، من ضعفِ موقع الرئاسة، لا بل مِن فقدانه، وبالتالي تَحوُّل المسيحيين تبعاً لذلك، إلى مجرّد أقلّية بلا فعالية، ولا تملك أن تقرّر أو أن تكون شريكة في قرارِ بلدٍ كان المسيحيون في مقدّمة بُناته.
ولا تقلّ مسؤولية القوى السياسية المسيحية عن مسؤولية بكركي وسائر المرجعيات الروحية المسيحية، فلهذه القوى دورُها الفاعل في نزع أسباب الخوف المسيحي على المصير، ودورُهم الأساس يَكمن في خوض معركة الكيان والاستقلال والمؤسسات وليس معركة السلطة والمحاصَصة.
فكلّما خاض المسيحيون معركةً سيادية، شَعروا بانتمائهم إلى الدولة، وكلّما تمّ تحوير المعركة إلى معارك أحجام وسلطة ومغانم، تشتَّت المسيحيون وشَعروا بالخوف والضياع.
وأمّا العوامل التي فاقَمت المخاوف المسيحية، يقول المرجع المسيحي، فهي متعدّدة، ولعلّ أبرزَها الاعتبار الأمني الذي يضغط عليهم ويشكّل تهديداً لوجودهم، عِلماً أنّهم عانوا خلال الحرب من هجرتين داخلية وخارجية، والهجرة المتجدّدة تلوح في الأفق نتيجة التجارب المريرة للمسيحيين في العراق وسوريا، واحتمال تمدُّد حروب المنطقة إلى لبنان، وتفاقم العمليات الإرهابية خصوصاً بعد تفجيرات القاع.
ويلحَظ المرجع المسيحي، إلى جانب العامل الأمني المباشر، عاملاً سياسياً مرتبطاً بقوّة الدولة والمؤسسات الشرعية، فكلّما تراجعت قوّة الدولة شعَر المسيحيون بالخوف، لأنّ الكيان اللبناني مرتبط في لاوعيِهم بوجودهم، والعكس. كذلك يلحظ عاملاً اقتصادياً يتمثّل في الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي يعاني منها اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً.
ولأنّ المسيحيين مندرجون في معظمهم، في ما كان يعرَف بـ«الطبقة الوسطى»، فهذه الطبقة باتت شِبه معدومة، وبالتالي من الطبيعي أن يَشعر المسيحيون بالخوف على وجودهم، جرّاء غياب المقوّمات الاقتصادية لهذا الوجود.
ويشدّد المرجع المسيحي على دور بكركي، لافتاً الانتباه إلى أنّ البطريركية المارونية، كانت وراء نشأة فكرة الاستقلالية اللبنانية منذ البطريرك الأوّل للموارنة مار يوحنا مارون، واستكملت النضال على مرِّ التاريخ وصَمدت مع شعبِها على رغم شراسة الهجمات والغزوات التي واجَهوها، ولعبَت دوراً بارزاً في تاريخ لبنان الحديث وتَمثَّل ذلك في ثلاث مراحل أساسية:
ـ الأولى، لبنان الكبير، أي تأسيس الكيان اللبناني، حيث عملَ البطريرك الياس الحويّك على توسيع حدوده إلى الحدود المتعارف عليها اليوم، دون أن يفكّر بإنشاء بلد قومي للمسيحيّين.
ـ الثانية، مرحلة الاستقلال مع البطريرك عريضة، حيث أصرّت بكركي على استقلال الكيان على رغم العلاقة الوطيدة التي تربط الموارنة بفرنسا والامتيازات التي منحَتهم إياها.
ـ الثالثة، هي الحفاظ على السيادة والحرّية مع البطريرك مار نصرالله بطرس صفير. فكلّما اقترَبت بكركي من هذه المحطات والاعتبارات الثلاثة، كان دورها مساعداً في طمأنةِ المسيحيين، وكلّما ابتعدت أو تقلّصَ دورها زاد خوفُ المسيحيين.
ولا يَعفي المرجع المسيحي، المسلمين من مسؤولية تبديد الخوف لدى المسيحيين وطمأنتِهم، مشيراً إلى أنّ دور المسلمين، في هذا السياق، يَكمن في تطبيق شعار «لبنان أوّلاً»، وفي خوض معركة السيادة والاستقلال والحفاظ على الدستور والمؤسّسات، وعدم ربط لبنان بما يَجري من حوله.
وأكّد المرجع أنّ الشراكة المسيحية ـ الإسلامية على مستوى لبنان، هي الكفيلة بضمان الحدّ الأدنى من التوازن، في حين أنّ ربطَ حلول أزمة لبنان بأزمة المنطقة يجعل من لبنان جزءاً من بحر إسلاميّ أوسع، يخشى المسيحيون من أن يغرقوا فيه، ومِن أن يفقدوا الحدّ الأدنى من التوازن الديموغرافي والاقتصادي مع المحيط الإسلامي الواسع.
الملك سلمان والحريري
في غضون ذلك، بدت الحركة السياسية الداخلية شِبه معطلة عشيّة عيد الفطر، إلّا أنّها شهدَت حدثاً بارزاً من خارج الحدود اللبنانية، تجلّى السبت الماضي في استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الرئيس سعد الحريري في قصر الصفا بمكّة.
وفيما لم تَصدر أيّ معلومات رسمية حول اللقاء الذي يَنطوي على كثير من الدلالات شكلاً ومضموناً وتوقيتاً، قالت مصادر سياسية واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية»: «إنّ اللقاء تمَّ على مائدة إفطار أقامها الملك سلمان، ومجرّد وجود الحريري شخصياً في هذا الإفطار إلى جانب وليّ العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، وعددٍ من الأمراء والمسؤولين السعوديين ورئيس أفغانستان محمد أشرف غني ورئيس الغابون علي بونغو، يَدحض كلَّ المقولات السابقة التي تمّ ترويجُها عن تدهور علاقة الحريري مع المملكة العربية السعودية.
ولم ترشَح أيّ معلومات حول ما إذا كان الملف الرئاسي اللبناني، قد طرِح على بساط البحث بين الملك سلمان والحريري. إلّا أنّ مصادر «بيت الوسط» أكّدت لـ«الجمهورية» أنّ اللقاء شكّلَ مناسبة للتشاور في الوضع اللبناني بعناوينه الأساسية الكبرى، لا أكثر من ذلك.
وأضافت هذه المصادر: إنّ قضايا أخرى تناوَلها الحريري والقادةُ السعوديون والضيوف الكبار، بما فيها الظروف التي تمرّ بها المنطقة، والأزمة السورية تحديداً، وما ألقَته من ثقلٍ على كاهل لبنان واللبنانيين على أكثر من مستوى.
وعلمت «الجمهورية» أنّ الحريري باقٍ في مدينة جدّة لتمضيةِ عطلةِ العيد، وهو سيؤدّي صلاة العيد في الحرم المكّي.
برّي: النفط أوّلاً
مِن جهةٍ ثانية، يُنتظر أن يشكّل الملفّ النفطي العنوانَ الأساس لمرحلة ما بعد عطلة عيد الفطر، متقدّماً على موضوع سلّة الحلّ الرئاسي والانتخابي والحكومي التي طرَحها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي. وإذ رحّبَ وزير الطاقة بـ«الاتّفاق الحاصل بموضوع ملف التنقيب عن النفط بين «التيار الوطني الحر» و«حركة أمل»، الذي طوى الاختلافَ الذي كان حاصلاً على استراتيجية التلزيم في البلوكات البحرية، والذي من شأنه تسريع إقرار المرسومين المتبقّيَين في مجلس الوزراء». قال برّي أمام زوّاره «إنّ ملف الثروة النفطية والغازية يَسير في المسار الصحيح. ولا توجد أيّ عقبات أو معوقات سياسية تؤخّره، على أمل أن ندخل فعلاً في الاستثمار الجدّي لهذه الثروة.
واستغربَ برّي الكلامَ الذي ذهبَ إليه البعض في القول باختزال الاتّفاق بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل» للقوى السياسية الممثّلة في الحكومة، موضحاً «أنّ هذا الاجتماع الذي عقِد في عين التينة بيني وبين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير المال علي حسن خليل، تمَّ بعِلم رئيس الحكومة تمّام سلام وبناءً على رغبته، خصوصاً أنّه سبقَ له أن اشترَط أنّه لكي يتمّ عرضُ الأمر وطرحُ المرسومين على مجلس الوزراء، لا بدّ مِن تفاهم سياسي مسبَق عليه».
وشدّد برّي على أهمّية التعجيل في فتحِ البلوكات النفطية كلّها للتلزيم، لأنّ مِن شأن ذلك أن يقطع الطريق على إسرائيل ومحاولتها السطوَ على مساحة الـ 850 كيلومتراً البحرية، والتي ثبتَ أنّها المكان النفطي والغازي الأغزر.
ورأى برّي أنّ من الطبيعي أن يسلكَ هذا الملف طريقَه إلى مجلس النواب، وفقَ الآليّة التي تبدأ في اللجنة الوزارية المختصة ثمّ مجلس الوزراء ومن ثمّ البرلمان. وقال: «بمجرّد أن ينجز مجلس الوزراء مهمّته ويحيلَ البنود والمراسيم والمشاريع المتّصلة بالنفط إلى المجلس، فسأبادر فوراً إلى فتحِ المجلس النيابي وعقدِ جلسة تشريعية لإقرارها، خصوصاً أنّها من البنود الأكثر من ملحّة والأكثر من ضرورية. وكذلك إقرار اقتراح قانون يجيز التنقيبَ البرّي عن النفط».
جنبلاط: لضوابط نفطية
إلى ذلك، رحّبَ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط بكلّ ما يؤدّي إلى الاستفادة من الثروة النفطية والغازية. وقال جنبلاط لـ«الجمهورية»: «علمتُ باللقاء الذي عُقد عند الرئيس نبيه برّي، وليست لديّ أيّ تفاصيل حول ما اتُفِق عليه، إنّما، على أهمّية هذه الثروة الوطنية وضرورتِها بالنسبة إلى الأجيال المقبلة، يجب أن لا تُسلق الأمور، بل إنّ المطلوب هو الوضوح الكامل في هذا الملف، فهناك دراسة مفصّلة وشديدة الأهمّية وضَعها الخبير في مجال النفط نقولا سركيس، وتُبيّن كلَّ التفاصيل وبعضَ مكامن الخلل والثغرات، ويمكن الارتكاز إليها والاستفادة منها لوضعِ الضوابط القانونية والمالية الشفّافة لهذا الملف البالغ الأهمّية».
اللواء : وأخيراً.. حصلت «المعجزة» النفطية!
مِن حق اللبنانيين أن يبتهجوا، وينزلوا إلى الشارع، يعقدوا حلقات الذكر ويدقوا أجراس الكنائس، فرحاً بحدوث «المعجزة» التي طال انتظارها: الإفراج عن مراسيم النفط والغاز!
منذ أكثر من خمس سنوات، واللبنانيون يسمعون عن الثروة النفطية الواعدة في أعماق البحار، ولا يدرون ماذا يدور حولها:
{{ أبحاث المسح والرصد أكدت وجود كميات هائلة من النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، من رأس الناقورة جنوباً إلى البترون وطرابلس وعكار شمالاً.
{{ شركات عالمية متخصصة بأعمال التنقيب واستخراج وتسويق الذهب الأسود، جاءت إلى بلد الأرز للمساهمة في ورشة الاستثمار وتحقيق الأرباح المجزية بملايين الدولارات سنوياً.
{{ الخبراء الاقتصاديون والماليون بشّروا اللبنانيين بزوال همّ المديونية من حسابات الأجيال المقبلة، لأن عائدات النفط والغاز تكفي ليس فقط لسداد مليارات المديونية المتصاعدة وحسب، بل وأيضاً توفير مؤونة في صندوق الأجيال الجديدة، تحسباً لغدرات الزمان، وذلك على غرار ما تفعل الدول النفطية الأخرى.
{{ بعض اللبنانيين، وبينهم رسميون، بدأوا يتصرّفون وكأن لبنان تحوّل إلى بلد نفطي، بين ليلة وضحاها! وأصبحت خزينته عائمة على عائدات بحيرات النفط والغاز، التي ما زالت في عالم المجهول، في أعماق البحار.
{{ خبراء النفط ، والعالمون بأسرار هذا القطاع، نصحوا المسؤولين بضرورة الإسراع في اتخاذ الخطوات التنفيذية اللازمة لاستثمار هذه الثروة النفطية، والدخول إلى «جنّة» أسواق النفط والغاز، قبل أن تسبقنا الدولة الصهيونية إلى «شفط» الجزء الأكبر من نفط الجنوب، من المناطق البحرية المتنازع على تحديدها بين لبنان ودولة الاغتصاب الإسرائيلي.
{{ سارعت الحكومة اللبنانية إلى تعيين هيئة خاصة للاشراف على إدارة هذا القطاع، واعتماد أحدث الأساليب والطرق لاستثمار الثروة النفطية، وخصصت لرئيس وأعضاء الهيئة رواتب يسيل لها اللعاب، وأثارت أرقامها العالية حفيظة بقية العاملين في القطاع العام وإدارات الدولة.
{{ أَنجزت الحكومة وَضع المراسيم التطبيقية التي تنظم استثمار الثروة النفطية، وتم تصنيف الشركات التي تقدمت للمشاركة في عمليات التنقيب والتسويق، وأعلن عن مواعيد تقديم العروض..!
وفجأة! توقف كل شيء، على طريقة المثل الشعبي «جمد كل شيء بأرضه»! وبدأ اللبنانيون يسمعون سجالات عن خلافات بين رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه برّي ووزير النفط يومذاك جبران باسيل، حول أولوية الخريطة النفطية: هل يبدأ العمل بالمنطقة المحاذية للبترون شمالاً، منطقة الوزير الهمّام، أم من الجنوب، ومن المنطقة المجاورة للخطوط البحرية المختلف عليها مع الدولة العبرية، استباقاً لأية عملية قرصنة إسرائيلية محتملة?
تعددت السجالات، وتناسلت الخلافات، ونامت المراسيم التطبيقية في الأدراج، بانتظار التوافق على خطة الأولويات!
* * *
مضت سنوات، والنقاش البيزنطي اللبناني على حاله، فيما العدو الإسرائيلي، أنجز اتفاقات تحديد الحدود البحرية مع قبرص واليونان، وأجرى تلزيم عمليات التنقيب بدءاً من المنطقة البحرية المتنازع عليها مع لبنان، وبدأ بإبرام العقود لتسويق وبيع النفط والغاز، وكان آخرها مع تركيا عبر إمداد خط أنابيب لنقل الغاز إلى أوروبا.
لا ندري إذا كان الاتفاق الإسرائيلي - التركي قد شكّل الصدمة المطلوبة للطبقة السياسية اللاهية بخلافاتها ونكاياتها!
المهم، أن الوزير جبران باسيل، الذي يكاد يَعتبر نفسه بمثابة: «أبو الثروة النفطية»، وبالتالي الوصي عليها(!!) قد قصد الرئيس نبيه برّي في جلسة مطوّلة، خرج بعدها ليعلن أنه اتفق مع رئيس المجلس على «تسوية» لإطلاق الورشة النفطية!
على ماذا تمّ الاتفاق؟
وما هي خريطة الطريق لاستثمار بلوكات النفط والغاز؟
وكيف سيتم التعامل مع العائدات النفطية:
هل تُحوّل للصرف والاستهلاك والهلاك الآني والمرحلي، أم سيتم الاحتفاظ بالقسم الأكبر منها في صندوق الأجيال المقبلة؟
والأهم من كل ذلك، مَن سيتحمّل المسؤولية الوطنية، وتناط به صلاحية التصرّف بأموال النفط والغاز؟
تساؤلات قد لا تحتاج الإجابة عليها إلى انتظار خمس سنوات أخرى، على الأقل، لبدء الإنتاج النفطي في المناطق اللبنانية!
أما كيف حدثت «المعجزة»، وتم الاتفاق.. فما زال من أسرار الآلهة!!
النهار : الملف النفطي يسلك طريقه ولا معوّقات وزاريّة
دخل لبنان في عطلة عيد الفطر قبل حلول العيد، ولن تعود اليه الحركة الرسمية قبل الأسبوع المقبل إذ يعقد مجلس الوزراء جلستين، أولى للوضع المالي تأجلت بعد الاعتداء على بلدة القاع، وثانية عادية يناقش فيها مجمل الملفات. ومن المتوقع ان يحضر على الطاولة ملف النفط والغاز، ولو من خارج جدول الاعمال، ليس من باب رفض اقرار مرسومي النفط المجمدين منذ أعوام بسبب الخلاف بين الرئيس نبيه بري و"التيار الوطني الحر"، وإنما من انزعاج وزراء من التفاهم المستجد خارج الحكومة، وما إذا كان ثمة صفقة يجري الإعداد لها وتُغيب عنها بعض القوى. واذا كان النمائب وليد جنبلاط غرد محذراً من "سد جنة نفطي"، فإن مصادر نقلت عنه ثقته بالرئيس بري في الموضوع، وهو أمر يوحي بإمكان حصر الاعتراض، خصوصاً أن اللقاء جاء بناء على طلب الرئيس تمّام سلام الذي اشترط حصول تفاهم سياسي مسبق قبل عرض المرسومين على مجلس الوزراء كما قال بري الذي اعتبر ان المسار النفطي انطلق في الاتجاه الصحيح ويفترض ألا تعترضه معوقات سياسية.
وصرح لـ"النهار": "استنجدت بالأميركيين من أجل حفظ حق لبنان في ثروته هذه، ولجأت للمرة الأولى معهم إلى اتباع هذه الطريقة". وأبلغ بري وزير الخارجية ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل أن التعجيل في ملف النفط يقطع الطريق على إسرائيل في محاولتها سرقة 850 كلم والتي أظهرت أنها تحتوي على كميات كبيرة من النفط والغاز.
وتوقعت مصادر ان يدعو سلام اللجنة الوزارية المكلفة هذا الملف الى اجتماع يكون مؤشراً لجدية الحكومة في التعامل مع الموضوع وإطلاقه من أسره، فضلاً عن كون اجتماع اللجنة مؤشراً لتفاهم سياسي شامل لا يقتصر على بري - عون بل يشمل كل المكونات السياسية الأخرى والممثلة في الحكومة كي تدلي بدلوها قبل الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء، والرامية الى إقرار المرسومين ومشروع القانون الضريبي الذي رفعه وزير المال.
وعلّق وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" على الموضوع متسائلاً: "هل انتقلنا من الثنائيات السياسية الى الثنائيات النفطية؟ إن أحداً لا يستطيع أن يختصر لبنان ومؤسسات مجلس الوزراء ومجلس النواب ورئاسة الجمهورية. فإذا كان الاتفاق للتسهيل فأهلاً وسهلاً، وإذا كان للتهميش فلكل حادث حديث".
الرئاسة
أما رئاسيّاً، فقد نفت مصادر قريبة من الرئيس بري ان يكون الاتفاق النفطي مطلع السلة المتكاملة التي تشمل الاتفاق على رئاسة الجمهورية، بل هو مدخل الى الاتفاق على قانون انتخاب نيابي بانت ملامح التوافق عليه من اللقاءين اللذين جمعا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الاول والرئيس سعد الحريري، والثاني والنائب وليد جنبلاط، وتأكد خلالهما قبول مبدأ القانون المختلط بين النسبي والأكثري.
لكن "الحراك" الرئاسي في اوجه في ظل لقاء مرتقب لبري والعماد ميشال عون، وأخر للسيد حسن نصرالله والنائب سليمان فرنجيه، بعدما كان الاخير التقى في باريس، استناداً الى الوكالة "المركزية"، ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، مشيرة الى ان الجانب السعودي أكد خلال هذا اللقاء أن لا مرشح للمملكة وهي لا تضع فيتو على أي مرشح وأنها تؤيد أي توافق بين اللبنانيين الا أنها في الوقت عينه تخشى سقوط لبنان أكثر تحت الهيمنة الايرانية.
وعلمت "النهار" ان لقاء جمع الوزير باسيل والسيد نادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري.
لكن مصادر وزارية قالت لـ"النهار" ان "الاجواء الاقليمية غير مهيأة حاليا لاتمام صفقات في هذا المجال، إلا إذا صدقنا ان لبنان يمكن ان ينتخب رئيسه بمعزل عن السعودية وايران".
الاتصالات
في مجال آخر، يرى البعض أن اثارة ملف "غوغل كاش" هدفه تحويل الأنظار عن ملف الانترنت غير الشرعي ووافق وزير الاتصالات بطرس حرب في حديثه الى "النهار" على هذه النظرية وقال: "عندما اكتشفنا عملية الانترنت غير الشرعي، فتحت النار علينا من هذا الباب باعتبار أن ثمة مخالفة ارتكبتها وزارة الاتصالات وخصوصاً رئيس هيئة "أوجيرو" عبد المنعم يوسف الذي اتهم بأنه عقد صفقة مع بعض الشركات مما أدى الى هدر الأموال العامة". وبعدما أكد انه اتخذ قرار تقديم الخدمة مجاناً، أشار في المقابل الى أنه اذا ثبت أنّ "ثمّة هدراً للأموال العامة فإنني سأنضم الى النيابة العامة بالادعاء كوزير".
وفي ملف التخابر غير الشرعي، كلف حرب هيئة القضايا في الوزارة اقامة دعوى على المتهمين، "بعدما اكتشفنا أن البعض يعمد الى قرصنة المخابرات الدولية عبر خط رقمي E1 يضم رزمة متسلسلة من 100 خط يعمل على استقبال مكالمات دولية بطرق غير شرعية ومن ثم تحويلها إلى المشتركين في لبنان (refiling) وأن الرقم المذكور يصدر منه يومياً نحو 4000 مكالمة محلية. أبلغنا النيابة العامة الأمر في موازاة قطع هذا الخط، وعدنا الى وصله بعد 24 ساعة، فانخفض عدد المخابرات الى 40 مخابرة يومياً".
الأمن
أمنياً، علمت "النهار" من مصادر أمنية أن تدابير إتخذها الجيش والامن العام في الساعات الـ 72 الأخيرة أدت الى إعتقال إفراد يعدون لعمليات يجري التحفظ عن معطياتها في الوقت الراهن من أجل إستكمال تنفيذ التدابير المتخذة والقبض على مطلوبين آخرين.