تقدّم ملف النفط على ما عداه، في موازاة إطلاق خطة أمنية - ميدانية، بدأت بعد ظهر أمس، بتسيير دوريات راجلة ومؤللة في مختلف الشوارع التجارية في العاصمة والمدن الرئيسية، بالتوازي مع خطة دهم وتتبع ومراقبة لحركة النازحين السوريين ومخيماتهم وتجمعاتهم، سواء في البقاع أو الجنوب، حيث داهم الجيش مخيم مرج الخوخ بين جديدة مرجعيون وإبل السقي وأوقف مجموعة كبيرة من النازحين بسبب عدم حيازتهم اوراقاً ثبوتية او اقامات، في وقت كانت فيه قيادة الجيش تدعو لعدم الأخذ بالشائعات، وتنفي جملة وتفصيلاً ما يتردد عن معلومات منسوبة إلى مراجع امنية او عسكرية عن احداث حصلت أو ستحصل.
واستأثرت الأحداث الأمنية والإجراءات الاستباقية، فضلاً عن التحقيقات الجارية مع الموقوفين من تنظيم «داعش» سواء لدى الأجهزة الأمنية أو الذين يخضعون للمحاكمة أمام المحكمة العسكرية الدائمة، والذين، وفقاً لمصادر التحقيق، يحملون «أفكاراً خطيرة» ويكشفون عن معلومات واستهدافات أشد خطورة، سواء لجهة تفجير أماكن محددة، أو استهداف شخصيات، استأثرت باهتمام الأمم المتحدة وسفارات الدول الكبرى في مرحلة وصفتها الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ بأنها «بالغة الصعوبة تحتاج لدعم الاجراءات الأمنية التي تتخذها السلطات الأمنية وفي مقدمها الجيش، ولتشجيع الافرقاء اللبنانيين على مغادرة موقع الانتظار إلى التفاهم على المرحلة السياسية الجديدة، سواء بانتخاب رئيس، او التحضير الجدي لإجراء الانتخابات النيابية أياً كان القانون الذي ستجري على اساسه هذه الانتخابات.
وكانت كاغ زارت السراي الكبير والتقت الرئيس تمام سلام عشية مغادرتها إلى نيويورك للمشاركة في الاجتماعات التي ستعقد للأمم المتحدة في الولايات المتحدة ونيويورك، حيث سيحضر الوضع اللبناني بعد تفجيرات القاع ووضع النازحين السوريين بالجزء الأكبر من مداولاتها هناك.
تفاهم النفط
اما الحدث محلياً، فعبّر عنه الوزيران علي حسن خليل وجبران باسيل، بعد لقاء عقده وزير الخارجية مع الرئيس نبيه برّي، حيث أعلن الاثنان التوافق والاتفاق، وإنهاء الإشكالات التي اعاقت استخراج الغاز والنفط من البحر، والتي بقيت عالقة بسبب الخلاف الذي انفجر قبل عامين ونيف في الحكومة وخارجها بين وزراء النائب ميشال عون والرئيس برّي.
وكشف مصدر مطلع أن هذا الاتفاق سيبلغ إلى الرئيس سلام.
ولم يستبعد هذا المصدر ان تصدر مراسيم النفط في فترة زمنية لا تتجاوز الأسبوعين، بدءاً من الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، والمخصصة للوضع المالي ليس هذا الثلاثاء، حيث يتوقع أن يصادف أوّل أيام عيد الفطر السعيد الثلاثاء أو الأربعاء، وبالتالي يتعذر عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل.
وسيسبق إدراج ملف النفط على جدول أعمال الجلسة عقد اجتماع للجنة الوزارية المخصصة لموضوع النفط والتي يرأسها الرئيس سلام، والمتوقع أن تكون الدعوة بعد ان يطلع من الوزيرين خليل وباسيل على النقاط التي تفاهما على إنهاء إشكالاتها في غضون الأيام القليلة المقبلة.
وفي تقدير مصدر نيابي لـ«اللواء» أن اتفاق الرئيس برّي والوزير باسيل من شأنه أن يسرع في إصدار مرسومي النفط من قبل الحكومة، بالاضافة إلى مشروع القانون الضريبي للتنقيب عن النفط والغاز.
وبحسب معلومات المصدر فان الوزير باسيل اقتنع بوجهة نظر الرئيس برّي بطرح البلوكات العشرة على التلزيم من قبل الشركات، على أن لا يتم التلزيم سوى لبلوكين أو ثلاثة، علماً ان الوزير باسيل كان يطرح اختيار أربعة أو خمسة بلوكات للتلزيم، يتم اختيارها من قبل وزارة الطاقة.
ملف النازحين
وإذا كانت مندرجات الأجندة السياسية والديبلوماسية ما عدا الأمنية طارت إلى ما بعد العاشر من تموز المقبل، ومنها اجتماع اللجنة المكلفة بموضوع النازحين السوريين، حيث يتوقع أن تعقد اللجنة اجتماعاً لها بعد 12 تموز، فإن الأنظار تتجه إلى زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت، والتي من المتوقع أن تتناول، بالإضافة إلى ملف النازحين السوريين، حصيلة ما توفّر لدى باريس من أجواء تتعلق بمروحة المساعي التي أجراها قصر الإليزيه، سواء مع ولي ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان أو وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف، فضلاً عن ملف المساعدات الفرنسية والأوروبية للجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية.
وحول ما يُحيط بقضية النازحين السوريين بعد تفجيرات القاع، كشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«اللواء» أن آلية سيجري إقرارها في هذا الاجتماع تتناول:
1- المسح السكاني لانتشار النازحين وأماكن توزعهم، لا سيّما في البقاع والشمال.
2- اقتراح خطة قابلة للتنفيذ تتعلق بتقليص أعدادهم.
3- ضبط الحدود بإحكام، وإن تعلّق الأمر بالتنسيق مع الأجهزة السورية المعنية، لا سيّما الحدودية منها لمنع تسرّب أعداد جديدة، وإعادة المقيمين من دون أوراق ثبوتية أو وثائق عمل من حيث جاؤوا.
على أن الأهم، وفقاً للوزير درباس، أن لا قرار حتى الآن يمكن أن تتخذه الحكومة بطلب نقل النازحين السوريين إلى أماكن آمنة في سوريا.
وفي معلومات «اللواء» أن الجانب السوري أبدى استعداده لنقل أعداد من النازحين إلى أماكن إيواء جاهزة في أحياء ليست بعيدة عن منطقة السيدة زينب في ضواحي دمشق.
وفي مجال أمني متصل، أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن مهرجانات الصيف سواء في بعلبك أو جبيل أو بيت الدين أو حتى بيروت ليس على جدول وزارة الداخلية أو وزارة السياحة إلغاءها، وما يعني الوزارة توفير الإجراءات الأمنية المناسبة لحماية هذه المهرجانات وتوفير الاطمئنان للذين يرغبون في المشاركة فيها.
وكشف المشنوق، أثناء زيارة لهيئة السير في ضبية أن خمسة موظفين يعملون في الميكانيك سيحالون مع ملفاتهم إلى النيابة العامة بتهمة الاختلاس، حيث كشف أن هناك ما لا يقل عن 3281 إيصالاً وهمياً بدلاً من ميكانيك السيّارات أي ما يعادل مليارين و500 مليون ليرةإختلاساً من المال العام.
تطمينات نصر الله
وفي الكلمة التي ألقاها الأمين العام «لحزب الله» السيّد حسن نصر الله عصر أمس، لمناسبة «اليوم العالمي للقدس»، كرّر نصر الله إدانته الهجمات التي استهدفت القاع ورأى فيها «تطورا خطيرا على كل صعيد»، معتبرا ان «الاستهداف هو للقاع وأهلها المسيحيين كما ثبت من خلال التحقيقات حتى الآن، بمعزل عن التحليلات».
وكشف نصر الله أنه: «في الأيام المقبلة سيتم الكشف عن مدبر هذه الهجمات ومن أرسل هؤلاء عامدا متعمداً»، مشيراً إلى أن لديه «معلومات بأنهم جاؤوا من جرود عرسال وليس من المخيمات، بل انهم بقوا فترة طويلة في الجرود بانتظار تنفيذ الهجمات الارهابية في رمضان».
ولفت نصر الله الى أن: «البعض تساءل لماذا في القاع طالما أنهم ليسوا من بيئة حزب الله. إذا، لماذا أتى هؤلاء وفجروا في القاع البلدة المسيحية، خاصة ان بلدية القاع تنتمي الى خط سياسي مخالف ويؤيد الثوار في سوريا».
وتوجه الى «منتقدي الحرب الاستباقية التي قام بها حزب الله في سوريا»، قائلا: «لولاها لكنتم وجدتم كل يوم عشرات السيارات الارهابية للقتل والتفجير».
وأشاد ب»الجهود الجبارة التي قام بها الجيش اللبناني والقوى الأمنية والمقاومة في التحري عن هؤلاء ومواجهتهم على الحدود، الأمر الذي أدى الى منع أحداث خطرة»، داعيا اللبنانيين الى «عدم السماح لأحد بالتهويل عليهم بخطورة الوضع الأمني»، وقال: «وضعنا الأمني أفضل من أي دولة أخرى، فالأمن ممسوك، وهناك سيطرة أمنية في البلد».
ودعا نصر الله «اللبنانيين وشعوب المنطقة الى أن يثقوا بالأمن اللبناني الذي يعمل على كشف الشبكات»، مخففا من «ثغرات حصول بعض التفجيرات، بالمقارنة مع ما يحصل في تركيا وفرنسا واميركا وغيرها».
وأوضح ان «إلغاء الاحتفال بليلة القدر في مجمع سيد الشهداء ليس بسبب مخاوف»، وقال: «عملنا على احياء هذه المناسبة في مئات المساجد المكتظة بالناس، لكننا توخينا الالغاء من موقع احترام الناس وعدم تعريضهم لاي استهداف».
وأكد «الحاجة الى استراتيجية وطنية رسمية لمكافحة الارهاب، والخروج من هذا النقاش ومقاربة الوسائل المتعلقة بالحدود والمخيمات وغير ذلك من الامور».
وشدد نصر الله، الذي غيّب الشأن السياسي والأزمة الرئاسية، على ان «القاع بالنسبة الينا في حزب الله وأمل مثل الهرمل كما أن الفاكهة مثل النبي عثمان لاننا اهل وجيران ومصيرنا واحد، وبالتالي لن نسمح بأي عملية تهجير لاهل المنطقة، وكلنا مع المؤسسات الامنية وخلفها، وبرموش عيوننا سنحمي أهل المنطقة في البقاع الشمالي، فهم أمانة عندنا. وعلى الناس في منطقة البقاع الا يقلقوا ويخافوا ولا يفكروا بالهجرة، والمهم التعاون والتضامن الوطني وان تتحمل الدولة المسؤولية».