ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية: “ندعو في مواجهة ما حصل وما قد يحصل، إلى حالة طوارىء أمنية وسياسية تساهم في تعزيز الواقع الأمني في هذه المنطقة، لمنع تسلل الإرهابيين، وعدم توفير حواضن لهم، وتحصينها من كل ما قد يعرضها لمخاطر لاحقة. ولا بد لنا من الدعوة إلى تنظيم وجود اللاجئين السوريين، حفظا لهم، وحتى لا يستغل وجودهم لحساب الإرهابيين، ولا يقعوا فريسة لهم، وهنا، ننبه إلى خطورة الأصوات التي دعت إلى التعامل مع هؤلاء بصورة المتهمين، لما في ذلك من تداعيات خطيرة على التماسك الداخلي، ولما يسببه من شعور بالظلم أو القهر، قد يكون بابا من الأبواب التي يستفيد منها الإرهاب”.
أضاف: “إننا نأمل أن يساهم ما حصل في تحريك عجلة المؤسسات وتفعيلها، والخروج من حالة التعطيل التي تعانيها، وتجاوز الخلافات، لتدعيم وحدة الساحة الداخلية، فلا يوجد الآن وقت للمماحكات والسجالات، وتسجيل النقاط، أو الاستغراق في الحسابات الطائفية والمذهبية والسياسية. وفي هذا الوقت، لا ينبغي أن يعيش اللبنانيون حالا من الذعر والشلل باتت تجثم على واقعهم، كما لا ينبغي أن نستسلم للشائعات التي تتحدث عن تفجيرات هنا وهناك، فهذا ما يهدف إليه هؤلاء، بل ينبغي أن نكون حذرين يقظين متعاونين مع القوى الأمنية والداعمين لها”.
وقال: “نصل إلى ما جرى في تركيا من اعتداء إرهابي أصاب المدنيين، ونحن إذ ندين ونستنكر ما حصل، فإننا نأمل أن يكون ذلك حافزا للجميع على العمل لإغلاق ملف الحروب، والتصدي للفتن التي تجري في أكثر من بلد، والتي باتت تتجاوز بتداعياتها حدودها، لتضرب كل مكان تملك القدرة للوصول إليه، فالإرهاب يتغذى من تلك الفتن ويقوى بها. وهنا نأمل أن تساهم أجواء التقارب بين القوى المؤثرة في الصراع الدائر، في تسهيل فرص الحلول والإسراع فيها، رغم أننا لا نجد ذلك قريبا”.
أضاف: “إلى فلسطين، حيث نجدد عهدنا في يوم القدس العالمي الذي يأتي في آخر جمعة من شهر رمضان، بالالتزام بهذه القضية الأساس، وإبقائها حاضرة في الوجدان بكل أبعادها الدينية والقومية والسياسية، فلا تضيع في خضم التسويات واللامبالاة والإحباط، أو تتحول إلى قضية تخص الشعب الفلسطيني وحده. وهنا سيسأل الكثيرون: ماذا نستطيع أن نفعل للقدس؟ فما لدينا يكفينا. إننا نستطيع أن نصنع الكثير لهذه القضية، في ظل كل هذا الواقع المتداعي، وفي الحد الأدنى، نستطيع أن نعمل على أن تبقى حاضرة في وجداننا، وأن نربي الأجيال عليها. أن نقف مع كل الذين يخطون بنا نحو القدس من خلال مواجهتهم للمشروع الصهيوني، وأن نقف مع الشعب الفلسطيني، ونؤمن له كل سبل الصمود والمساعدة، ونبرد الجبهات الداخلية لحساب هذه القضية، وأن لا نغير البوصلة عنها. إننا في مرحلة يراد فيها أن نتطبع على أن حدودنا هي حدود الطائفة التي ننتمي إليها أو المذهب الذي ننتمي إليه، وأبعد من ذلك حدود الوطن، ولذلك صار مستهجنا الحديث عن القدس وفلسطين أو أي قضية تهم العالم العربي والإسلامي أو تهم العالم”.
وختم: “أخيرا، وبناء على المبنى الفقهي لسماحة السيد، والذي يعتمد على الأخذ بالحسابات الفلكية في تحديد بدايات الشهور القمرية، سيكون يوم الثلاثاء الخامس من شهر تموز، هو أول أيام عيد الفطر، حيث أكد علماء الفلك أن الهلال يولد نهار يوم الإثنين، حيث يرى مساء في عدد من مناطق أميركا الجنوبية التي نشترك معها بجزء من الليل، وإذا كان بعض الفلكيين يتحدثون أنه لا يرى، فهم يقصدون غير هذه البلدان. ونحن هنا، نتمنى أن يكون العيد عيدا يتوحد فيه المسلمون، وتتوافق كل المرجعيات الدينية على أساس فقهي يوحد بدايات الشهور القمرية ونهاياتها، لما لذلك من تأثير إيجابي في علاقات المسلمين ببعضهم البعض، وإظهار لصورتهم الموحدة أمام العالم. ولكن هذا الأمر قد لا نتمكن من تحقيقه في هذه المرحلة، نظرا إلى التنوع في الرأي الفقهي والاجتهادي. ودائما، نقول لكل الذي يختلفون في أول أيام العيد، إن اختلفتم في أول يوم من الشهر، فأكدوا وحدتكم ولموا شملكم في اليوم الثاني، ولنسع جميعا إلى تجاوز هذا الأمر، ليظل للعيد بهجته وفرحته.. سائلين المولى أن يتقبل أعمالنا، وأن يعيده علينا وعلى أمتنا بالخير والعافية”.