قال الرئيس الروسي أن مصير سوريا سيحدد مستقبل منطقة الشرق الأوسط وادعى أنه لا يبالغ في قوله فعن أي مصير تحدث بوتين وعن أيّ مستقبل ؟ لمنطقة مستعصية على تغيير واقع رسمه الفرنسيون وبريطانيون وحماه الأمريكيون وسادت فيه أنظمة مستأسدة على شعوبها وأشبه ما تكون بالفئران الخائفة أمام العدو التاريخي للأمّة .
خاف بوتين على مصير نظام نما بأسه في معسكرات التدريب السوفياتية أيام الشيوعية وكان أشبه ما يكون بالأنظمة التي سادت في أوروبا الشرقية وحذر من سقوط آخر ما أنتجته أجهزة المخابرات الروسية التي انتمى اليها الرئيس الروسي بوتين ومازال يعيش تحت تأثير تجاربها القاتلة . لذا حذر من عواقب الأمور وبالغ في توصيف سقوط نظام الأسد ونتائج ذلك الكارثية على منطقة الشرق الأوسط .
طبعاً بوتين غريب عن المنطقة التي استعمرها الفرنسيون والبريطانيون وحكمها ويحكمها الأمريكيون ولا يفقه تاريخها وتاريخ شعوبها . وبُعدُ الروس عن الشرق الأوسط جعلهم غير خبرين بشؤونها وشجونها كما أن فراغ المنطقة وعدم ارتباطها بالمصالح الروسية زادت من غربة دولة كانت دولة وازنة في مرحلة الاتحاد السوفياتي وباتت دولة اقليمية تسعى لتحسين أوضاعها الاقتصادية السيئة بشتى الطرق المشروعة والغير مشروعة .
من هنا يمكن اعتبار قول بوتين في خصوص سوريا والمنطقة ما هو الاّ من قبيل التعبير عن رؤية روسية قاصرة عن إدراك الواقع اذ انه لا يزال مصراً على بقاء النظم الاستبدادية ولا يدفع باتجاه الدولة الديمقراطية لأنه من جنس الاستبداد وليس من طبائع الديمقراطية . ومن ثم كيف يمكن الوثوق برئيس يتمتع بعلاقة قوية مع العدو الاسرائيلي وقد صرح أكثر من مرّة بأن أمن اسرائيل أولوية وطمأنها بأن سوريا ستبقى ملتزمة بأمن الحدود وكيف يمكن الوثوق بروسيا التي تربطها باسرائيل مصالح وعلاقات سياسية واقتصادية واجتماعية ولن ننسى تاريخ روسيا المعترف باحتلال اسرائيل لفلسطين والذي وفرّ للكيان الغاصب دفعات بشرية من خلال هجرة اليهود الروس الى أرض الميعاد والتي أسهمت في تعزيز الكثرة اليهودية والاستفادة من امكانياتها وخبراتها في المجالات كافة .في حين انها لم تقدم شيئًا لا للفلسطينيين ولا للعرب ولم تقف الى جانبهم في الحروب التي تشنها اسرائيل عليهم هذه غزّة تشهد وهذا الجنوب اللبناني يشهد دوراً روسياً منسجماً مع العدوان لأنه لم يفعل ما يفعله اليوم في سوريا ضدّ الشعب العربي .
لو أن روسيا وقفت الى جانب لبنان ولو لمرة واحد ة وحركت طائراتها وصواريخها وأساطيلها بوجه اسرائيل ولو تلويحاً وكذلك فعلت من أجل فلسطين لأحسنّ الظنّ بها في سوريا وقلنا بأن روسيا دول صديقة تدافع عن أصدقائه ونثمّن رؤيتها الخائفة على نظام لم يعد صالحاً للاستمرار مهما أطالوا بعمره .
حبذا لو يُرينا بوتين قوته في أوكرانيا ويفعل ما يفعله في سوريا حينئذ نراه قيصراً, لا عقيد باب الحارة 9 .