بدت القاع الجريحة بخسارتها خمسة شهداء من أبنائها كأنها تقدم أمس في يوم وداعهم امثولة جديدة للبنان كله في المواجهة الصلبة مع الارهاب بعيداً مما كان يجري في انحاء البلاد الأخرى. ذلك ان اليوم الثالث بعد الهجمات الارهابية الانتحارية على القاع شهد ما يشبه الهستيريا في موجة الشائعات الواسعة التي انتشرت بقوة دفع مجهولة توسلت تعميم الذعر والتخويف عبر الرسائل النصية الخليوية أو وسائل التواصل الاجتماعي متضمنة مزاعم عن تهديدات بتفجيرات تطاول أماكن عامة ومتاجر وأنحاء حساسة من العاصمة وبعض المدن ومرافق سياحية أساسية. وبدا واضحاً ان مناخ المخاوف الذي أثارته الهجمات الارهابية على القاع قد أدخل البلاد في دوامة تخويف تقتضي معالجات سريعة فعالة، علماً ان هذه الظاهرة تتكرر في كل مرة تضرب أيادي الارهاب لبنان باستهدافاتها ولكن ما زادها تفاقماً هذه المرة الخلط بين تحذيرات رسمية سياسية وأمنية صدرت عقب تفجيرات القاع وتوظيف مجهول المصادر لحال القلق والتوتر التي سادت البلاد للدفع نحو احداث مناخ شديد التوتر.
وبازاء هذه الظاهرة سارعت قوى الامن الداخلي الى دعوة المواطنين الى عدم الانجرار خلف مثل هذه الاخبار والتقيد بما يصدر عن الأجهزة الامنية المختصة، لافتة الى ان المعلومات التي تتلقاها الاجهزة غالباً ما تكون غير دقيقة أو يتم احباط المخططات المنوي تنفيذها في حال صحتها.
وفي غضون ذلك، كشفت مصادر معنية بالتحقيق الجاري في هجمات الارهابيين على القاع لـ"النهار" ان التحقيق تمكن من تحديد الجهة التي ينتمي اليها الانتحاريون الثمانية الذين فجروا انفسهم باحزمة ناسفة ورمي قنابل يدوية وهي تنظيم الدولة الاسلامية (داعش). وقال إن الانتحاريين تسلّلوا في الوعر من خارج القاع الى غرفة مهجورة في البلدة حيث ضبطت مواد متفجرة كانت في حوزتهم. ولوحظ وجود دراجتين ناريتين مع اثنين من الانتحاريين اللذين شاركا في هجمات المساء فيما كان يمكنهما الفرار بواسطتهما الى خارج البلدة ولم يفعلا. وتبين أيضاً ان هؤلاء الانتحاريين يحملون ألقاباً ويعرفون مفاصل البلدة عندما قصدوا مكان تجمع للاهالي قرب الكنيسة مساء الاثنين الامر الذي يثبت انهم جاؤوا لتنفيذ تفجيراتهم في البلدة. وتقاطعت معظم هذه المعلومات مع ما اعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق مساء أمس عبر محطة "الجديد" التلفزيونية من ان متهمين موقوفين لدى الأجهزة تعرفوا على سبعة من انتحاريي القاع وأكدوا ان هؤلاء قدموا من الرقة وليس من مخيمات اللاجئين السوريين وانهم أتوا بهدف تنفيذ هذه العملية تحديداً وهم لا يقيمون في مشاريع القاع. واذ أشار الىاستمرار التحقيقات أوضح الى ان الخلايا الارهابية الجديدة هي عنقودية أي ان الاشخاص لا يعرفون بعضهم بعضاً وكل منهم مكلف عملية وهذا اسلوب جديد. وتحدث عن تنوع الأهداف التي لم تعد مركزة على بيئة "حزب الله " بل تركز على الاجانب ولذا فان الاماكن السياحية هي من الأماكن التي يستهدفها الارهابيون في شكل أساسي. وأضاف أن ثمة عشرة أهداف محتملة استناداً الى التحقيقات، لكن "المولات" والشواطئ اللبنانية ليست منها، مشدداً على ان القوى الامنية تنفذ كل الاحتياطات.
وسط هذه الاجواء تحول يوم الوداع الذي اقامته القاع لشهدائها الخمسة ماجد وهبي وفيصل عاد وجوزف ليوس وبولس الاحمر وجورج فارس الى رد اضافي على الهجمات الارهابية التي استهدفتها من خلال الجنازة الحاشدة التي شهدتها البلدة،، علماً ان الجيش اتخذ اجراءات مشددة للغاية بعدما استكمل عمليات المسح الامني حول البلدة في اليومين الاخيرين. كما شكلت المشاركة الواسعة السياسية والحزبية والدينية المتنوعة من منطقة البقاع الشمالي تحديداً ومن خارجها مشهداً متعاطفاً بقوة مع أبناء القاع في وحدة موقف من التحدي الارهابي. ووسط اجواء مؤثرة دعا مطران بعلبك والبقاع الشمالي للروم الكاثوليك الياس رحال الذي رأس القداس والجناز لراحة الشهداء في كنيسة مار الياس الى اعلان القاع منطقة عسكرية تامة "اذ اننا نعيش في صعوبة وهناك 30 ألف نازح يتنزهون كيفما يشاؤون". وقال ان "القاع هي الصخرة التي كسرت الارهابيين وايماننا قوي بابناء هذه الارض ولن نتزحزح من هنا".
مجلس الوزراء
وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إن رئيس الوزراء تمام سلام سيقارب في مستهل جلسة مجلس الوزراء العادية قبل ظهر اليوم تطورات القاع من زاوية توجيه التحية الى أهلها والتنويه بالتدابير التي إتخذها الجيش وأدت الى الامساك بزمام الامور أمنياً.
أما في ما يتعلّق بجدول الاعمال، فقالت المصادر أن من البنود التي ستثير نقاشاً مشروع مرسوم تعديل المخطط التوجيهي للمنطقة العقارية في الدبية.كذلك من المتوقع أن يثير البحث في تجديد عقديّ الخليوي جدلاً بين بعض الوزراء. وهناك على جدول الاعمال أيضا بنود تتصل بشؤون عقارية في البترون وكفرعبيدا ونقل إعتماد بقيمة 32 مليون دولار بدل إستملاكات لمشروع توسيع أوتوستراد نهر الكلب - جونية - طبرجا.
على صعيد متصل علمت "النهار" ان الرئيس سلام تبلّغ أمس من وزير الاقتصاد المستقيل ألان حكيم رغبته في تصريف الاعمال.
ريفي
الى ذلك، صرح وزير العدل المستقيل اللواء اشرف ريفي بانه لا يخشى انفجاراً أمنياً شاملاً في لبنان نظرا ًالى القرار الدولي والاقليمي وقدرة الجيش والقوى الامنية على ضبط الاوضاع ولان أحداً لا مصلحة له في انهيار الاستقرار، لكنه لم يستبعد حوادث متفرقة بعضها قد يكون مؤلماً ومؤذياً. وعزا في حديث الى برنامج "وجهاً لوجه" من "تلفزيون لبنان" مطالبته باستقالة الحكومة الى انها صارت من "اوراق التوت التي يحتاج اليها حزب الله ولذا يجب نزع هذه الاوراق والعودة الى المربع الاول لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة". واذ اكد تمسكه باستقالته من الحكومة "لانني تحولت شاهد زور"، كرر ان "القاتل في كل الاغتيالات التي طاولت 14 آذار واحد ولدينا الادلة الدامغة وقدمناها الى المحكمة الدولية فالقرار سوري ايراني والتنفيذ لحزب الله". وكشف ريفي للمرة الاولى انه قابل مع اللواء الشهيد وسام الحسن السيد حسن نصرالله "وقلنا له إن هناك أشخاصاً من الحزب متهمين بالاغتيالات وكان الحزب ينفي لحاجته الى دليل". وجزم بان لا العماد ميشال عون ولا النائب سليمان فرنجية سيصل الى رئاسة الجمهورية. وفي رده على الخطاب الذي القاه الرئيس سعد الحريري في طرابلس الاسبوع الماضي وطالبه فيه "بان يحل عن رفيق الحريري". قال ريفي: "أنا لا أزايد على الرئيس سعد الحريري لاني باق على ثوابتي وغيري تخلى عن ثوابته وانا قلت له انه سجل للتاريخ أنك ترتكب خطأ كبيراً لدى ترشيحه لسليمان فرنجية". واعتبر ان الحريري لن يستعيد جمهور طرابلس الا اذا عاد الى الثوابت "فطرابلس لم تخطئ بل هم اخطأوا معها".