يقول الدكتور علي شريعتي :
"وإذا استقرأنا التاريخ لوجدنا أن المجلسي المتوفي عام(1111ه) والمعاصر للدولة الصفوية قد أهدى في مقدمة كتبه" بحار الأنوار" و"زاد المعاد" _الصفحات الاولى منها _وغيرهما إلى الشاه سلطان "حسين الموسوي الحسيني الصفوي بهادر خان" الذي شجع الملالي (العلماء) ليكتبوا له الموسوعات الفقهية الشيعية على النحو الذي يرتضيه ويلبي له طموحه وصراعه التاريخي مع العثمانين ،وما تقتضيه المصلحة السياسية للبلاد حتى لو كانت على حساب الحقائق الدينية والتاريخية ! ولكي نعرف من هم هؤلاء الملالي الذين عاصروا الشاه حسين وكيف يفكرون ويتصرفون ،نذكر ما كتب المجلسي ذائع الصيت في كتاب الأدعية"زاد المعاد" المؤلف أساسا من أجل تزكية نفس الإنسان وتربية روحه على العبودية الخالصة لله وحده "(التشيع العلوي والتشيع الصفوي،دار الأمير ،ص199). مقدمة كتاب(زاد المعاد) :
"الحمدلله الذي جعل العبادة وسيلة لنيل السعادة ، وفي الآخرة والأولى ،والصلاة على سيد الورى محمد وعترته أئمة الهدى ... ونظرا لأن إتمام هذه الرسالة وإنجازها على عجالة تم في زمن دولة العدالة وأوان سلطنة السعادة صاحب الحضرة العليا سيد سلاطين الزمان ورئيس خواقين العصر ، شيرازة أوراق الملة والدين وصفوة أحفاد سيد المرسلين ،الماء والخضراء للبستان المصطفوي وعين سراج البيت المرتضوي.
السلطان الذي خدمه كثير جم والخاقان الذي الملائكة له حشم ،سليل الشجاعة ومن سيفه البتار نهر جارف لرؤوس الكفار نحو دار البوار ،وحسامه الحارق ،كالنار يهوي على بيدر المعاندين والمخالفين مصداقا لقوله تعالى :{يرسل عليكما شواظ من نار}(الرحمن :35)، من ترتفع أيدي الداعين له بمزيد الرفعة في بلاطه العالي البنيان ، وتلهج ألسنة أرباب التصوف بزمزمة الدعاء له بخلود دولته ،تعينها على ذلك طيور العندليب الشامخة على حصان سدرة المنتهى ،والكل له داع بأن يزلزل الله كل سيف يشهر ضده في يد صاحبه ،ويجعل كل راية نفاق مرفوعة بوجهه كفنا لرفعها وحاملها ... يا من جبين غضبه يفك العقد التي لا تحل ،وراحة يده الكريمة سحاب مطر على مزارع الآيسين ، مؤسس قواعد الملة والدين ،مروج شريعة الآباء الطاهرين ، ومن حياض بلاطه تفيض من كثرة تقبيل شفاه سلاطين الزمان وخواقين العصر ،ومن صرحه الممرد مطرز بنداء (قد مسنا الضر أيها العزيز) أعني السلطان الأعظم والخاقان الأعدل الأكرم ،ملجأ الأكاسرة ،وملاذ القياصرة محيى مراسم الشريعة الغراء ،ومشيد قواعد الملة البيضاء ،السلطان بن السلطان، والخاقان بن الخاقان ،الشاه سلطان حسين الموسوي الحسيني الصفوي بهادر خان ،لا زالت رايات دولته مرفوعة ،وهامات أعدائه مقموعة ..
ومن هنا فإني أقدمها لحضرته الشريفة رجاء أن يتقبلها بباعه الأشرف ،وينتفع بها صاحب السمو والجلالة بمحمد وآله الطاهرين ،والله الموفق والمعين"
زاد المعاد ،المجلسي ،مقدمة الكتاب ،ص9_10).
ومن خلال ما تقدم يتبين ماهية العلاقة والحظوة التي كان المجلسي يحظى بها لدى الشاه حسين وحاشيته ،وهذا إن دل على شئ فهو يدل على "أن العلماء كانوا يقغون من الحاكم موقف المؤيد والسبب يعود إلى السياسة التي اتبعها الشاه من العلماء حيث عزز مكانتهم من إيرادتهم المالية من العقارات والأراضي الموقوفة للمدارس الدينية والمساجد ،ولأضرحة آل البيت وأصحاب الكرامات المنتشرة في أرجاء إيران ،ومن النذور والتبرعات الخيرية ،هذا فضلا عن "الحقوق" المتأتية من الزكاة والخمس التي يتسلمها "نائب الإمام "وكانت معظم هذه الموقوفات تدار ،من قبل العلماء أنفسهم .(تاريخ الدولة الصفوية في إيران ،دار النفائس ، ص95). وفي منطقة خراسان أراض زراعية وقرى كثيرة أصبحت وقفا لضريح الإمام علي بن موسى الرضا ويشرف على إدارتها علماء دين وكانت موردا لا ينضب لتصريف شؤونهم . (نقلا عن كتاب"الفقهاء حكام على الملوك" دار الهدى،ص27_28).
ونتيجة لهذا الدعم الكبير للعلماء وتماشيا مع الصراع السياسي القائم مع العثمانين (السنة) ونزولا لتوجهات وسياسات الشاه الصفوي أفتى الشيخ المجلسي بوجوب لعن وتكفير أبي بكر وعثمان والسيدة عائشة والتبرؤ منهم ،وقال : "كل من يحبهم فهو كافر أيضا ،وكل من يشك في كفرهم فلعنة الله ورسوله عليه وعلى كل من يعتبرهم مسلمين وعلى كل من يكف عن لعنهم"(جلاء العيون ،ص45 وحق اليقين ،المجلسي ،ص522).
"وقد جاء في نسخة مخطوطة في مكتبة البرلمان (الإيراني) أنه في مطلع العهد الصفوي كان (القزلباشية) الصفوية يجوبون شوارع وأزقة المدن وهم يصيحون بصوت واحد : اللعنة على أبي بكر ، اللعنة على عمر ،وكان يتعين على المارة أن يرددوا هذا الشعار معهم ،وكل من يتردد في ذلك سيغرز الحراس حرابهم في صدره لإخراجه من حالة الشك والترردد !
نعم هذا هو العلامة المقدس محمد باقر المجلسي !
رصد لبنان الجديد